فازت مجموعة القاص الشاب محمد الفخراني "قصص تلعب مع العالم" الصادرة عن دار ميريت بجائزة يوسف إدريس للقصة القصيرة، التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة. أعلن القاص أحمد الشيخ رئيس لجنة تحكيم الجائزة النتيجة منذ قليل اليوم الاثنين في مؤتمر صحفي عن الجائزة بالمجلس الأعلى للثقافة، بحضور عدد من المثقفين منهم الأديب يوسف القعيد، ويوسف الشاروني، وغيرهم.
من جانبه قال الفائز القاص محمد الفخراني في تصريح خاص ل"محيط" أنه سعيد بالفوز، وأن المجموعة تضم 17 قصة، دون ان تحمل أي منهم عنوان المجموعة، مؤكداً أنه اختار هذا العنوان ليكون دالاً على قصص المجموعة، حيث يحاول القاص خلالها إعادة تشكيل علاقات جديدة مع العالم، حيث يتوقع علاقات غير اعتيادية بين الأشياء.
يواصل: بداخل المجموعة قصة تحمل عنوان "اللعب" أتخيل فيها أن بعض المعاني مثل الحب والكره، والظلام والخوف موجودين في بيت واحد كبشر عاديين، وأتخيل علاقة بينهم إذا تحولت هذه الكائنات إلى بشر.
جاء في حيثيات منح الجائزة كما ذكرت دكتورة عزة بدر أن كائنات المجموعة تلعب في تناغم وسحر، وأن المجموعة تجسد رغبة مبدعها في إزاحة الحزن والكذب من كاهل العالم. وأكدت بدر أن هناك مجموعات عربية أخرى تنافست من الجزائر والسعودية ومصر والمغرب.
المجموعة الفائزة هي مجموعة الكاتب الثالثة التي نشرت عام 2011، "اللعب" هو المعنى الأساسي الشامل للمجموعة ككل، فتجد "اللعب" أو أحد مرادفاته في عناوين ستة من نصوص المجموعة، بل إن اللعب موجود في كل النصوص بلا استثناء، ليس فقط باستخدامه كلفظ ومعنى "اللعب"؛ لكن يبدو اللعب أكثر في الكيفية التي كُتبت بها نصوص المجموعة ككل.
أهدى المجلس شهادة تقدير ودرع للفائز، مع جائزة مقدارها عشرون ألف جنيهاً، سلمها له دكتور سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الذي أكد أن الإبداع لا يقدر بثمن، مشدداً على ضرورة أن ترفع اللجان جوائزها وأن يتم تخصيص ميزانية أكبر للجوائز.
ولفت توفيق إلى نزاهة لجنة التحكيم ودقة معاييرها الموضوعية، حيث وضعت درجة من مئة لتحكيم المجموعات القصصية، وثمّن توفيق اقتراح مسئول النشر بالمجلس أشرف عامر لإعادة نشر المجموعة القصصية الفائزة، ونشر مجموعة جديدة للفائز.
من أجواء المجموعة:
عندما يتقابلان فى ذلك النهار بالقرية، ينسى كلٌ منهما أن يسأل الآخر: "لك بيت؟"، وينشغلان باللعب وتبادل الهدايا، فيعزف لها موسيقاها الجديدة، وتؤدى له لعبته الجديدة، ثم يستمران بالتجوال فى العالم بلا خطة مسبقة، وكلٌ منهما يلتقط الأشياء التى يتركها له صاحبه، ويراه مصادفة على مدى بصره داخل بحر، أو فوق جبل، فى نهاية شارع، أو على الجانب الآخر من اليوم، فيطمئن أن صاحبه ما زال يذكره، وما زال فى العالم سيرك، فى العالم موسيقا.
ومنها أيضاً نقرأ:
صار يخرج لجمهوره في قطع من قماش ربما تكون ملابس أو شيئا آخر، شعره بلا لون أو طريقة، عيناه مزدحمتان بعوالم عجيبة، ويبدو مثل شخص خرج لتوهّ من لعبة مع المستحيل والسحر، أو أنه واجههما في قتال طويل، فأتعبهما وأتعباه، لم يعد ينظر إلى جمهوره في أي وقت من اللعبة، ولا أحد منهم يعرف إلى أين ولمن ينظر، وإن كان ينظر أم يفعل شيئا آخر.
سيرفع ذراعيه في الهواء للحظات، وقد شمرّ عنهما، فتظهر أطراف أصابعه حمراء كالشفق، وكأنه انتهى حالا من عجينة سحره ومستحيلة، ثم يبدأ لعبته التي تمتصه، تبخره، وتنثره ذرات صغيرة منهكَة، ويثير هو مشاعرها، أفكارها، وأحلامها ليجعلها أكثر واقعية من الخيال، وأكثر خيالا من الواقع، يقطرّه سحره ليكون لاعبا نقيا، ويقطرّ سحره ليكون لعبا نقيا، وفى كل مرة وبسبب ذهول يصيبهم، لن يكتشف جمهوره أنه قد انتهى من لعبته إلا بعد لحظات طويلة، وبعد أن يروا أطراف أصابعه ترتعش وقد تحولت إلى اللون الأزرق كما لو أن سحره استنفد منه دمه وعجينة جسده وروحه، لن يصفقوا، وتظل قلوبهم عالقة في مجهول، وريح غريبة تعصف بأرواحهم، حتى تبدأ الطفلة الغامضة، أو أنها الحبيبة التي بها نفس الغموض، فيبدءون تصفيقهم بعدها، ودون أن ينظر إليها أو إليهم، يرونه يتلاشى و يصاّعد للسقف في دواماتشفافة ملونة، وعندما ظهر الجن ضمن جمهوره، لم يكن الأمر مفاجئا أو مزعجا لأحد، أسموه "ساحر الإنس والجن".