* وزير الثقافة جاء من سراديب نظام سابق * اتحاد الكتاب منح فتحي سرور عضويته !
* أين موقف اتحاد الكتاب ضد ظلم مبارك !
كتبت - سميرة سليمان وجه الأديب والمفكر دكتور علاء عبدالهادي عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب انتقادات عديدة لسياسة الاتحاد بعد الثورة واصفاً إدارة الاتحاد الحالية بأنها أسوأ إدارة في تاريخه، سواء على مستوى المشاركة الوطنية، أو على مستوى خدمة الأعضاء فقد أوقف الاتحاد مشروعات عديدة كانت تخدم أعضائه، مؤكداً أن الاتحاد منذ نشأته احتفي بالسلطة أيا كانت، فتكوين الاتحاد من بدايته كان مرتبطا بالدولة والسلطة.
أيضاً انتقد عبدالهادي في حواره ل"محيط" أداء وزارة الثقافة التي تفتقد إلى الرؤى لذلك لم يتغير شئ في الملف الثقافي منذ أيام مبارك إلى الآن بسبب تكرار نفس الوجوه، واصفاً الوزير بأنه لا يعرف المثقفين!.
محيط : كيف ترى وزارة الثقافة قبل الثورة وبعدها؟
أنا لا أتكلم عن أفراد, ولن أخوض كذلك في ملابسات أخذ الوزير لجائزة الدولة التقديرية التي لا يستحقها, وكيف تحقق له ذلك, وهي سياقات معروفة للجميع, ولا نتوقع لوزارة الثقافة وغيرها من الوزارات التي لم تمسها يد التطهير الإداري إلا الفشل السريع؛ وزير الثقافة كمن سبقوه, بل إن وزارته تفتقد أية رؤية استراتيجية تستهدف وضع الثقافة المصرية في مكانها اللائق عربيًا ودوليًا, بعد أن اهتم القائمون على إداراتها بالشكل والمهرجان والفرد, على حساب المضمون والأثر والجماعة. ويكفي أن ينظر المواطن إلى وزير الثقافة المصري وهو يفتتح مهرجان السينما بمشاركة 66 دولة! متناسيًا وظيفة وزارته في وضع سياق ثقافي تنويري يعرف الناس بالدستور الذي سيستفتون عليه, كي يُفهم سبب من أسباب فشل حكومة هشام قنديل - الذي كان مديرا لمكتب وزير الري في عهد مبارك- سواء في أدائها السيء, أو اختياراتها الكارثية, التي باتت تثير عند جموع الثوار والمثقفين علامات استفهام كثيرة.
ويكفي أن ينظر المواطن المصري إلى ثمانية وزراء من فلول نظام سابق, وأزلامه, في حكومة قنديل الذي اتهمه الإعلام من قبل بأنه كان عضوا في الحزب الوطني! كي يعرف سبب فشل أداء الرئيس مرسي, على مستوى الإدارة الإستراتيجية والأداء الفعلي, أنا أنصح مؤسسة الرئاسة بأن تقرأ ديوان مظالمها لأن ما فيه يمثل نبض الشارع المصري الذي غفل عنه, ولأن ما فيه من الآراء والاقتراحات المخلصة في المجالات كافة, ما هو كفيل بإنقاذ نظام مبارك الفاسد نفسه من السقوط, هذا لو قرأ السيد الرئيس ما يرسل إليه من مفكرين ومبدعين وساسة, بدلا من أن يتركها لموظفين وإداريين لا ينقصهم غياب المعرفة بالأفكار, والجهل بمكانة أصحابها من مثقفين ومفكرين.
لم يتغير في الملف الثقافي أي شيء من أيام مبارك حتى الآن, الوجوه المكرورة أنفسها, والفساد الإداري نفسه, وأظن أن السيد الرئيس ينظر إلى الثقافة كما نظرت إليها حكومته, أو كما عالجها النظام السابق بصفتها مشكلة, لا بوصفها محركا شعبيا وتاريخيا لنهضة شاملة. فلم يقابل د. مرسي أعضاء نقابة اتحاد الكتاب المصري, وفيها أهم مفكري ومبدعي مصر, ولم يأخذ اتحاد الكتاب بما فيه من خيرة مثقفي مصر نصيبه العادل في عضوية الجمعية التأسيسية للدستور, ولم يجتمع مرسي مع المثقفين, بل اجتمع مع من اختارهم وزير ثقافة من النظام السابق, فجلس مع موظفين, ولم يجلس مع مستقلين, جلس مع مختارين من رموز نظام بائد, ولم يجلس مع صفوة من مثقفي الثورة, ذلك لأن وزير الثقافة لا يعرف المثقفين, فلقد أتى وموظفوه من سراديب نظام سابق! نظام أفسد وبطانته الحضور الثقافي المصري على المستويات الثلاثة المصرية والعربية والدولية.
وأشير في هذا السياق إلى غفلة فادحة عن ملف الثقافة القومية, وغفلة أخرى عن اختيارات صحيحة لوزراء هذه المرحلة, فلم تنتبه مؤسسة الرئاسة حتى الآن إلى أهمية البدء في مشروع ثقافي قومي لمصر، يكون له حضور فاعل على المستويين القومي والعالمي.
محيط : هل تغير اتحاد الكتاب بعد الثورة أم اكتفى بإزالة صور نظيف ومبارك من حوائطه ؟ بداية لقد رفضت لقاء د.أحمد نظيف رئيس الوزراء آنذاك, فلم أحضر هذا الاجتماع, وملاحظتك ذكية على أية حال, بل إنها تفتح حديثا كان متداولا فترة طويلة بين المثقفين, يرتبط بنشأة الاتحاد من بداياته, التي كانت محاولة من اليمين الثقافي والسياسي المصري آنذاك لإجهاض جنين نقابي مهم, يرتبط بأحلام هذا الشعب, وتشوفات مبدعيه.
يساعدنا هذا على أن نفهم لماذا احتفي اتحاد الكتاب على أيدي كل مجالس إداراته بالسلطة أيا كانت من سلطة مبارك, إلى سلطات وزرائه, فتكوين الاتحاد من بدايته كان مرتبطا بالدولة, وبالسلطة, وهذا ما قد يفسر كل هذا العدد من المسئولين في نظام مبارك الذين أتوا بمباركة مجالس إداراته المتعاقبة! بل إن الاتحاد قد منح فتحي سرور عضويته –في فترة فاروق خورشيد مثلا- أملا منه في تسهيل إجراءات القانون الذي أعددته مع الزميلين عادل سركيس وحمدي الكنيسي حين كان نائبا آنذاك, ورئيسا للجنة, وقد حضر آخر جلستين منه الزميل محمد سلماوي رئيس الاتحاد, الذي كان على درجة كبيرة من التفهم والتعاون مع أعمال هذه اللجنة, وفيها ناقشنا تعديلات تجعل قانون الاتحاد من أفضل قوانين النقابات المماثلة, وذلك على مدار ست عشرة جلسة في لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب. وحين تغير المجلس, اتفقت مع أخي وصديقي عضو البرلمان آنذاك حمدين صباحي, على تبنيه في مجلس الشعب, فكان لنا ذلك, لكن هناك من أوقفه, ولم يتم تحويله إلى مجلس الشورى في آخر لحظة, بحجة مراجعته, وهو جهد على سبيل المثال لم يكن لهيئة المكتب الحالية أي يد فيها ممن يريدون أن ينسبوه إلى أنفسهم الآن!.
وكأن الاتحاد بدأ مع تشكيل هيئة المكتب الجديدة التي لا تعرف تاريخ أعضاء سابقين كافحوا من أجل تطويره واستقلاليته, أما الشيء الغريب هنا فهو أن يتفاقم الأسلوب نفسه بعد الثورة, ويمكنني أن أشير في هذا الصدد إلى العدد الكبير من وزراء الثقافة والتكنوقراط من الفلول الذين أتوا -ومازالوا- إلى الاتحاد لندوات أو غير ذلك, فملاحظتك على الصور مع المسئولين إبان عهد مبارك ملاحظة ذكية ودالة على الفكر الذي تخضع النقابه على مر مجالس إداراتها إليه.
من جهة أخرى لم يلعب الاتحاد في رأيي أي دور مؤثر في حراك مصر الثوري في ظل إدارته الحالية في السنتين الماضيتين, أو قبل ذلك, حيث ظل تابعا لنشاط نقابات كان يجب أن تكون أقل منه تأثيرا في هذه المرحلة بالذات لأنها ليست نقابات فكر مثلنا! اتحادنا وديع, لم يلفت انتباه السلطة إليه, ولم تكن له مخالب تكافح لصالح الناس, ولم يقف ضد الظلم الاجتماعي الذي كان يتعرض له المواطن أو المبدع في أثناء حكم مبارك, ولم يلتحم التحاما حقيقيا مع الحركتين النقابية والوطنية في نضالهما, فانحصر دوره في بيانات لا قيمة حقيقية لها, من أجل هذا لم يتم الانتباه إليه, كما لم يكن للاتحاد ممثلون في الجمعية التأسيسية للدستور, على عكس نقابة الممثلين مثلا! بل إن تغييرا طفيفا بعد الثورة مثل السماح لاتحاد الكتاب بتقديم ترشيحات عضوية لجان المجلس الأعلى للثقافة دفع معظم أعضاء مجلس الإدارة إلى ترشيح أنفسهم! وهناك أعضاء أول مرة يدخلون فيها لجان المجلس الأعلى كانت بعد دخولهم مجلس إدارة الاتحاد, وكأن الثورة قد قامت لتغيير أشخاص وإحلال أشخاص آخرين محلهم, وليس لتغيير أفكار وقيم, هذا رغم اقتراحنا على مجلس الاتحاد آنذاك بامتناعنا عن الترشيح, وتغيير لائحة المجلس الأعلى للثقافة.
وكنت قد قدمت للمجلس تعديلا قانونيا حينها بذلك, ليكون هناك نصيب يحدده القانون في لجان المجلس الأعلى للثقافة لمجالس إدارات النقابات المعنية كاتحاد الكتاب والممثلين والتشكيليين والموسيقيين وغيرهم, فضلا عن الجمعيات الثقافية الكبرى, وهذا ما قد يخفف من تدجين هذه المؤسسات الفاسدة للمثقفين, ويقلل من أعداد مثقفي الحظيرة في هذه اللجان, لصالح قوى منتخبة لا تخضع لسطوة السياسي أو لنفوذ الوزير وموظفيه.
وهو أمر قد تكرر من أيام قليلة حين دعوت أعضاء مجلس الإدارة إلى الامتناع عن الترشيح للضغط على وزارة الثقافة لتغيير لوائحها بما يحقق الصالح العام للكتاب, وهو موقف أراه ضروريا لتعديل قانون المجلس الأعلى للثقافة, والهيئة العامة للكتاب, وقصور الثقافة, وتغيير لجنة الجوائز... إلخ. هذه اللجنة التي أقل ما يقال فيها إنها منحت الجوائز لأعضائها, ولم تكن معبرة عن المثقفين, وعن أي تمثيل ديمقراطي فيها, لجنة اختارها وزير كان يريد استيعاب المثقفين لصالح أجندة سياسية لحزب فاسد, ومن خلال نشاطات لم يكن لها أي أثر اجتماعي يذكر.
محيط : ما هي ملاحظاتك على إدارة اتحاد الكتاب؟
في رأيي ولا أعفي نفسي من تحمل المسئولية, إن إدارة الاتحاد بعد الثورة هي أسوأ إدارة في تاريخه, سواء على مستوى غياب التزامها بالقانون ولائحته, أو على مستوى الأداء النقابي, أو المشاركة الوطنية في أحداث كانت كفيلة لو شارك فيها مجلس إدارة الاتحاد في وضع الاتحاد في مقدمة نقابات الرأي الفاعلة في مصر. أما على المستوى الداخلي, فقد أوقف فصيل من الاتحاد عمل عدد مهم من اللجان, ومنها المشروع الصحي الذي قدمته لجنة الرعاية الصحية, والذي كان يحتاج في دورته الثانية إلى دعم المجلس لتطويره, ومعالجة أية سلبيات فيه, ذلك بعد أن اكتسب ولجنته مركزا قانونيا, واشترك فيه ما يزيد على 340 مشتركا من أعضاء الاتحاد.
بل إنني لا أعدو الحق إذا قلت إنه قد تم السطو عليه حين سلبه صندوق المعاشات والقروض والإعانات من يد لجنة الرعاية الصحية المشكلة وفق قانون الاتحاد ولائحته لهذا الغرض, مخالفا بذلك مواد صريحة من القانون واللائحة, وقد تمت هذه الخطوة تحت وطأة حرب إشاعات منظمة نالت من المشروع والقائمين عليه معا, فقدموا استقالاتهم من إدارة المشروع, وطالبوا ببقائه من خلال أعضاء غيرهم خدمة لأعضاء الاتحاد.
وهو موضوع سيظل محل نزاع ويوشك أن يدخل دائرة النيابة والقضاء لتصحيح الأوضاع المالية والإدارية في الفترة القادمة, هذا إن لم يقم رئيس الاتحاد بتصحيحها, وهذا ما نتوقعه منه, فقد نبهنا إلى خطورة هذا السلوك الإداري والمالي المخالف لقانون الاتحاد في ثلاث مذكرات تم تسليمها إلى مجلس الإدارة على نحو رسمي, دون جدوى
كذلك الكافتيريا التي أنشئت على سطح الاتحاد, لم يقم بها هذا المجلس بل اقترحها زميل كان في هيئة المكتب آنذاك, وبدأ في تنفيذها, في ظل مخالفة لما أشار به علينا التقرير الهندسي الاستشاري من خطورة إنشائها على سلامة المبنى, بل إن الأموال التي صرفت للمتعهد بالكافتيريا بعد تهديده برفع قضية على الاتحاد إذا لم يأخذ نظير ما قام به من أعمال, صرفتها هيئة المكتب في غيبة مجلس الإدارة في فترة التفويض, وهي السنة التي رفض فيها الجهاز المركزي للمحاسبات التعليق على الميزانية! ثم يأتي بعد ذلك من يدعى بأنه من أقام الكافتيريا وكأننا قد فقدنا ذاكرتنا فجأة! فلو كانت إقامة الكافتيريا شيئا جيدا فيجب أن تنسب إلى من قام بها!.
حتى مجلة "ضاد" أراد المجلس إيقافها, كي تنسب إليهم أيضا, إذا أعادوا إصدارها من جديد, وهذا عين ما حدث مع التطوير الذي قام به د. فارس خضر على الجريدة, التي أوقفوها له, وضايقوه حتى قدم استقالته, فوقف المشروع الصحي, ومنعوا تشكيل لجنته, وأوقفوا جريدة الاتحاد التي كانت تبشر بنقلة نوعية في أدائها, وأرادوا إقفال مجلة ضاد, وتوقف مشروع النشر.
أما الطامة الكبرى فترتبط بما يسمى تجديد مبنى الاتحاد فقد ضرب مجلس الإدارة عرض الحائط, بكل تحذيراتنا من خطورة أية تعديلات في مبنى الاتحاد, ولا أدري هل يعلم القائمون على ما يسمى تطوير مبنى الاتحاد, وهو مبنى مجلس الشورى في الحقيقة, أنه كانت لدينا خرائط معمارية شاملة منذ أربع سنوات أعدتها لجنة كنت فيها مع الزميل أحمد سويلم, ولم نبدأ بالعمل بها بعد تحذير اللجنة الاستشارية التي نبهت إلى خطورة أية تعديلات في المبنى, لقدمه, فاحترمنا رأيها! الآن تصرف هيئة المكتب مئات الآلاف من الجنيهات التي حصلت عليها من الدولة دعما للاتحاد على مبنى هو ملك مجلس الشورى! وفي هذا إهدار لأموال الاتحاد, أيا كان مصدرها, وأيا كان القرار الإداري الذي استندت إليه, فقد كانت هناك اختيارات أهم مثل زيادة معاشات الأعضاء مثلا, أو القيام بحركة نشر أوسع بعد أن توقف النشر..إلخ. وهي إصلاحات قام بها من لا يملك, بالصرف على غير ما يستحق الصرف عليه –وهو هنا مبنى الاتحاد- من أموال الاتحاد, وتحت رقابة من غير المتخصصين! بل إنهم بعد أن أوقفوا المشروع الصحي, وأوقفوا جريدة الاتحاد, وتبرعوا من أموال الصندوق لشراء أدوية لميدان التحرير، ونؤكد هنا أن أي تصرف يخالف القانون ولائحته سيترك الفرصة لأي عضو لاتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة لتصحيح هذه الأوضاع الخاطئة والاستثنائية, التي فتحت الأبواب الخلفية لاستنزاف أموال الاتحاد، في مخالفات صريحة لقانونه ولائحته وللعرف النقابي المعمول به في النقابات المماثلة.