فتح باب لحوار حول تشكيل حكومة توافقية، وتعينات مرتقبة لشخصيات معارضة بالغرفة الثانية للبرلمان والسعي لعقد حوار أوسع مع المعارضة؛ 3 خطوات أطلقتها الرئاسة المصرية، واعتبرها خبراء في الشأن المصري "نهجا جديدا يعكس رغبة حقيقية في التوافق مع قوى المعارضة" في البلاد. وتوقع هؤلاء الخبراء أن تسهم هذه الخطوات في الدفع بمصر نحو "استقرار نسبي"، حيث قال ياسر علي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إنه بعد الاستفتاء على مشروع الدستور ستشهد البلاد "مجالا أوسع للحوار" بين أطراف اللعبة السياسية، معربا عن ثقته "في وطنية الجميع من كافة القوي السياسية والحزبية والثورية".
وأشار في مؤتمر صحفي عقده بقصر الرئاسة مساء اليوم :"نحن نمر بفترة مهمة، والاقتصاد الوطني في مرحلة حرجة تحتاج من الجميع العمل والمشاركة، ونحن جميعا محتكمون لقواعد اللعبة الديمقراطية، وأهمها حق التداول السلمي للسلطة، والحوار هو الوسيلة الوحيدة لمن يرتضي العملية الديمقراطية".
وإضافة إلى أن السعي لحوار أوسع مع المعارضة، يأتي التعديل الوزاري الجزئي الذي سيجريه الرئيس المصري محمد مرسي على الحكومة الحالية عقب انتهاء الاستفتاء على مشروع الدستور السبت المقبل.
وبحسب ما كشفت عنه مصادر رئاسية، فأن التعديل الوزاري يشمل تسمية وزراء جدد للنقل والمالية والتنمية المحلية.
وانتقدت قوى معارضة انتقدت تشكيل حكومة هشام قنديل في أغسطس الماضي، وعلقت بأن التشكيل يضم رموزاً من النظام السابق بينهم وزير المالية ممتاز السعيد، بينما ينتمي وزير التنمية المحلية للمؤسسة العسكرية.
وهاجمت المعارضة في وزير النقل المستقيل في أعقاب حوادث النقل الأخيرة ومن بينها حادث قطار أسيوط في نوفمبر الماضي، والذي أسفر عن مصرع أكثر من 50 طفلا.
وألمحت تصريحات لمستشاري الرئاسة أمام عدم رضا متوقع من قبل بعض قوى المعارضة، بحسب مراقبين، إلى أن الباب مفتوح أمام المعارضة للتحاور بشأن تشكيل حكومة توافقية بعد انتهاء مرحلة الاستفتاء.
وحول ذلك، قال بسام الزرقا مستشار الرئيس المصري للشئون السياسية: "لن نتمكن من تحقيق أهداف الثورة «عيش – حرية - عدالة اجتماعية»، بدون ازدهار اقتصادي، وهذه هي المعركة التي يجب أن تنهي جميع المعارك السياسية من أجلها"، مضيفا: "هذا سيدفعنا لسبيل واحد هو حوار ينتهي لوفاق يترجم في صورة حكومة توافقية واسعة".
وأستكمل مستدركا في تصريحات لمراسل الأناضول: "لكن الحديث عن حكومة توافقية ينتظر جوابا عمليا من المعارضة بمدى قبولها للجلوس على طاولة الحوار لوضع برنامج عملي للحكومة وملامحها، ثم ترجمة البرنامج لأسماء في الحكومة الجديدة".
وشدد إلى أنه "سيتم البدء على الفور في محاولة إنهاء حالة الاستقطاب الحالي" بعد الانتهاء من إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، واصفا موقف المعارضة من الحوار ب"الضبابي"، وقال: "لا نعرف هل سيكون الاستفتاء نهاية لرفضهم للحوار، أم أنه أمر تكتيكي من أجل الاستفتاء".
وفي سياق السعي للتوافق مع المعارضة، توقعت مصادر مطلعة أن تعلن مؤسسة الرئاسة قبل يوم السبت المقبل تعينات 90 شخصية بمجلس الشورى «الغرفة الثانية للبرلمان» موضحة في تصريحات سابقة لمراسلي الأناضول أن المعينين يكونوا من جميع الاتجاهات، دون أن يكون لتيار الإسلام السياسي الأولوية.
ورأى أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن خطوات الرئاسة الأخيرة تدفع بمصر نحو استقرار نسبي، شرط أن يتبنى الرئيس المصري خطوتين عمليتين، وهما الحوار مع بقية قوى المعارضة، وعدم اقتصارها على جبهة الإنقاذ الوطني؛ لأنها ليست الجهة الوحيدة التي تمثل المعارضة بمصر، حيث يجب أن يشمل الحوار شباب الثورة حتى وإن تفرقت قواهم في كيانات وأحزاب سياسية.
أما الخطوة الثانية، بحسب عبد ربه، فتتلخص في ضرورة تقديم الرئيس المصري لما أسماه ب"ضمانات حقيقية" لخطواته.
وأوضح قائلا: "لا يجب الاكتفاء بتعيين أعضاء مجلس الشورى من خارج حزب الحرية والعدالة، لكن يجب ألا يكون الأعضاء الجدد أيضاً محسوبين على التيار الإسلامي، ويكون هناك فرصة لتمثيل الأحزاب الليبرالية واليسارية".
وبدوره، نوه عماد شاهين أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة إن نجاح خطوات الرئاسة في حل الأزمة السياسية في البلاد يعتمد على كيفية صنع القرار داخل مؤسسة الرئاسة، ووجود خريطة طريق واضحة للانفتاح على القوى السياسية.
واعتبر شاهين أن القيام ب"تشكيل حكومة انتقالية شاملة، أفضل من التغيير الجزئي، حتى لا تتهم مؤسسة الرئاسة بالالتفاف في التعامل مع الأزمات السياسي".
وركز شاهين أيضاً على أنه يتوجب على الرئيس المصري التحرك على مستويين؛ الأول: إعادة كسب قوى المعارضة التي اصطفت معه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وهي تلك الفئات التي تبدي مصالح الوطن ولا تنازع في شرعية الرئيس المدني ومنها التيار المصري وحركة بلدنا وشخصيات مثل وائل غنيم وسيف الدين عبد الفتاح وحسن نافعة.
أما المستوى الثاني، بحسب شاهين، فهو ضرورة تكوين جبهة وطنية للمعارضة المسئولة والكفاءات التي تقف على أرضية مشتركة ولديها مبادئ حول ضرورة المحافظة على الدولة بسيادة القانون، وفي إطار وطني جامع، وألا تكون التحركات على أسس حزبية، مع استمرار ملف الثورة واسترداد حقوق الشهداء والمصابين، وإدانة كافة الأطراف للعنف. مواد متعلقة: 1. «مرسي» يستقبل مساعدي وزير الخارجية 2. الرئاسة تؤكد أن الرئيس مرسي في كامل صحته 3. «مرسي» يُطالب ببذل الجهد في العمل الدبلوماسي