أكد الفنان د. صلاح عناني أن كل ما يتم في العملية السياسية حاليا هو مؤامرة على إيقاف الثورة المصرية بكل الطرق، كما أن الاستفتاء على الدستور ضمن هذه المؤامرة. وقال د. عناني في حواره مع "شبكة الإعلام العربية محيط" أن الشعب المصري خدع أجهزة مخابرات العالم التي أساءت في تقديرها له؛ لأن الثورة المصرية ستفسد المخطط الأمريكي، وستعيد تشكيل المنطقة العربية ككل. مشيرا إلى أن الإنسان المصري الغير متعلم والمشارك بقوة في الثورة لديه فطرة سليمة لأنه لم يخوض التعليم العالي الذي يفسد هذه الفطرة، كما أنه لم يرتبط بأحلام طبقية تجعله وزيرا، بالإضافة إلى أن الشباب دون سن الخامسة والثلاثون يمثلون 65% من سكان مصر، وهم من استطاعوا نحت لغة خاصة بهم ومفاهيم واختزال للأفكار، بل وقدرتهم على رفض ثرثرة الطبقات الرجعية التي تخطت سن الخامسة والأربعين؛ ولذلك فقاطرة الجسد المصري أصبحت غالبيتها من الثوار بطبيعة حداثة الشباب. واعتقد د. عناني بأن جماعة "الإخوان المسلمين" يمثلون خطة أمريكية قررت استبدال الرئيس السابق مبارك باعتباره منتهي الصلاحية بهم، وفقا لخطة أمريكا الجديدة للشرق الأوسط بأن يمكنوا الإسلام السياسي من الحكم. معتبرا أن خطة أمريكا لم تنجح في مصر لأن عبقرية مصر في ثورتها جعل المصريين يتجاوزون الإخوان والسلفيين، كما قهرنا العسكر والدولة البوليسية (فيديو)، وظهر لنا أبطال شعبيين كالألتراس وغيرهم. وتوقع د. عناني أن انهيار الإخوان والسلفيين في مصر سيتم مع انهيار الأحزاب، كما سيتم تفكك جماعة الإخوان والسلفيين لأنهم لم يتوقعوا الصدمة الحضارية بتجاوز الإنسان المصري إسلامهم الرجعي، والدليل على ذلك حرق ثلاثين مقر للإخوان المسلمين في الأقاليم وهي مراكز ارتكازهم، ولو كانوا الإخوان أنفسهم من قاموا بحرق مقراتهم لاكتساب تعاطف الشهب كما زعم البعض فهذه كارثة أكبر لهم. وأعرب د. عناني عن سعادته بانضمام الشرطة والجيش والقضاء والنيابة لصفوف الشعب المصري، والذي جعل من الثورة المصرية ثورة عظمى، وكذلك الفلول الذين "نظفوا أنفسهم" بحسب قوله للانضمام للثورة، ضاربا مثال بموافقة سيدنا محمد عليه السلام على دخول الكفار في الإسلام رغم اعتراض الصحابة، لكنه علل ذلك بأنه من الممكن أن يكونوا أكثر إيمانا منهم. وعرف د. عناني الثورة بأنها إعادة تعريف وتحرير وغسل الروح والنفس. وقال أنه بدخول الفلول الثورة، وتحييد الشرطة والجيش الذي اعتبرهما بذلك دخلوا أيضا في الثورة، وانضمام القضاة والنيابة للثوار، فهذا كله يؤكد أن الثورة المصرية عملت على الجانب الوجداني والفكري للإنسان المصري بطريقة غير مباشرة، وهذا من نتاج ثورة 25 يناير. مؤكدا أن الإخوان المسلمين وصلوا حدهم الأقصى على مستوى تخويف الشعب بأنهم مجاهدين وأقوياء لكنهم في الحقيقة في ساعة الصفر يجرون كالخرفان –بحسب تعبيره-، فهم يهتمون بتناول الطعام وأنواع معينة منه كما أنهوا "الأرز بلبن" من الميدان في جمعة كندهار!!. واعتبر د. عناني الإخوان جبناء قائلا: "نمط حياة الأخوان بحصولهم على أموال كثيرة من السعودية والخليج وقطر، وخروجهم من السجن جعلهم جبناء؛ لأن السجون لا تخرج أبطالا، وكذلك شعورهم بالدونية واختفائهم طوال الوقت بسبب القبض عليهم السنوات الماضية لا يعطيهم جسارة ولا قوة، والدليل على ذلك عندما احتككت بهم في الميدان وكنت ضمن مجموعة لا تتجاوز الثلاثين فردا فروا من أمامنا بالآلاف!!. كما أن معركة الاتحادية أثبتت أن ما فعلوه كان أقصى ما عندهم على الرغم من نزول ربع من ينزلون في ميدان التحرير، ولو كان عدد الموجودين في الاتحادية من المعارضين ضعف عددهم لأصبحت الواقعة مذبحة مهينة للإخوان المسلمين ضعف ما أهانوا في هذه المعركة؛ ولذلك فقهرهم وإرهابهم ورجعيتهم وعمالتهم لأمريكا عندما يتفق عصام حداد مع عصام العريان مباشرا مع أمريكا بأنهم يستمروا في الحكم لضمان أمن إسرائيل، فهذا ما أبعد المصريين عنهم. وغلطة الأمريكان أنهم دخلوا الشعب المصري في خطة الشرق الأوسط دون دراسة الشخصية المصرية". وزعم د. عناني أن الثورة المصرية تحارب أمريكا في الأساس ولكن عن طريق الإخوان. وبسؤال د. عناني عن احتكاكه المستمر في الشارع مع شباب الإخوان أجاب بأن هذه اشتباكات رفيعة ومتوقعة لا تمثل أي شيء مع من قابل الموت العديد من المرات. أما عن استفتاء الشعب في الدستور فقال د. عناني أنه بغض النظر عن النتيجة فالثورة مستمرة، لكن لو أعلنت النتيجة ب"لا" فسوف يتم تعطيل الثورة بخطة أمريكية ليستمر د. مرسي في الحكم لمدة عامين، كما أنه تم تقسيم الاستفتاء على فترتين لمعرفة رد فعل الشعب على النتيجة سواء ب"نعم" أو "لا" فهذا لامتصاص الثورة، كما أن لعبة الاستفتاء مجرد حيله لانشغال الشعب وإنهاء الاعتصامات، ولكن خسارة الإخوان لو أعلنت النتيجة "لا" ستكون بفقد أتباعهم الثقة فيهم، وشعور الشعب بانتصاره في معركة أدت إلى انتهاء الإخوان للأبد. مؤكدا أنه لم يصوت في أي من الاستفتاءات لأن ما يتم هو سحب السجادة من أسفل الثورة. كما أن هناك خوفا كبيرا من الثورة المصرية لأنها لو خرجت عن النص الأمريكي لم يعرفوا ما هي نتيجتها، كما أنها ستغير المنطقة كلها؛ ولأنها ستكون ضد الأمريكان وإسرائيل والغرب. ورأى د. عناني ضرورة التخلص من الائتلافات والجبهات؛ لأنه من الممكن أن تقود هذه الجبهات الثورة إلى خطر باتفاقها في عملية سياسية مع الإخوان أو غيرهم تحت ضغوط ما وتفسد الثورة؛ ولذلك لا يوجد في الثورة أحزاب أو دستور أو عملية سياسية؛ لأن الثورة لا تصنع دستورها إلا بعد تحقيق مطالبها، وإسقاط النظام يعني إسقاط بنية النظام نفسه، كما أن الشعب المصري امتحن نفسه خلال الانفلات الأمني في إدارة الحياة اليومية وكان أفضل ما يمكن في تنظيم المرور وحماية الأرواح وعدم انهيار مصر، وهذا ما سيجعلنا نراجع معنى الشرطة والمرور وغير ذلك لأنه أصبح لدى الإنسان المصري الخبرة في هذه الأمور. وقال د. عناني أن الإعلام المزيف يبرز الحوادث التي حدثت بعد الثورة على الرغم من أنها إحصائيا أقل من الحوادث التي كانت موجودة أيام نظام الشرطة قبل الثورة. مؤكدا أن الحزب الوطني كان أفضل من حزب "الحرية والعدالة" لأنه لم يدعي أنه يمثل الدين والمبادئ كما يفعل الإخوان و اتضح عكس ذلك؛ ولهذا تجاوزهم الشعب. متوقعا قدوم اليوم الذي يتم فيه مضايقة المنقبة والرجل ذات اللحية في الشارع المصري. واعتقد د. عناني أنه في العام الثالث للثورة سيتم احتشاد كل الميادين الثورية في مصر، وإنشاء الجمعية الوطنية للثوار؛ لأن مصر حاليا تغسل نفسها، وثورتها هي ثورة جديدة على الكون سيتعلم منها كل دول العالم. وعن التخوفات بنشوب حرب أهلية في مصر، فأكد د. عناني أن هذا لا يمكن أن حدوثه؛ لأن الحرب الأهلية لها مواصفات، ولابد من وجود أهل وأهل آخرين ليتحاربا، لكننا لم يكن عندنا تجمع فكري أو ديني أو عرقي، ولا نستطيع عمل خطوط جغرافية حتى للمسلمين والأقباط، والمشكلة الحالية هي بين الإسلام الرجعي والإسلام المتوازن الوسطي، وكان عندنا "بروفا" موقعة الاتحادية، وكانت أعلى مستوى من الممكن حدوثه، والشعب المصري بطبيعته محب للاستقرار، ومن يستطيع تقسيم النيل يستطيع عمل حرب أهلية في مصر. أما عن محاولة اغتياله في ميدان التحرير فحكي د. عناني أنها كانت محاولة للضرب وتكسير الجمجمة، وكانت الغلطة أنه دخل شارع جانبي مظلم من شارع محمد محمود بمفرده، لكنه استطاع الجري من المعتدين عليه والوصول لميدان التحرير وتجمع الشباب من حوله، ولم يصاب إصابات بالغة. والطريف في هذا الحادث أن نظارته وقعت في الاشتباك، لكن أحد الأشخاص أعادها له بعد ثلاثة أيام حينما كان يتحدث على المنصة ولم يصيبها أي خدوش. وبسؤاله عن وجود أثر للثورة على أعمال الفنانين المصريين أجاب بأن البناء الاجتماعي والفكري يبدأ في الثورات من أسفل لأعلى؛ فلذلك الأثر الوجداني والفني لم يتكون الآن، وفي تقديره لم يحدث ذلك قبل خمس سنوات لإمكانية هضم ما يتم من تغييره في الشخصية المصرية، فعلى سبيل المثال استطاع الإنسان المصري القفز على الفكرة الدينية الرجعية واختصار 1400 عاما من اجتهادات متخلفة من المتحدثين والشيوخ خلال الثورة المصرية. مؤكدا أن مصر كانت تمر برجعية ارتداد ديني وتخريف تصل إلى أن أي شخص يجلس في الجامع ويحفظ ألفية ابن مالك مع البخاري يصبح شيخا!!. مشيرا إلى أن كل هذا إسرائيليات وتزييف النص القرءاني وهو خلق ما يسمى الدين البديل، أي صناعة منظومة أقاويل واجتهادات تخريفية تدخل في تفاصيل ليس لها علاقة بالدين بل بالتفكير الخرافي، لكن مصر قفزت على كل هذا بإسقاط الإخوان والسلفيين معنويا، ويبقى على الأرض بواقي آثارهم بأن أتباعهم ومن يؤمنون بهم والذين سيكتشفون هشاشتهم يقفون في الميادين وهم قليلون، ولكن سينضم العقلاء منهم قريبا إلى الثورة من جديد كما أنضم الفلول؛ فالثورة هي الأم وفرصة ذهبية أعطاها لنا الله لإعادة تعديل هذه الأمة لاستعادة تاريخها، وتصحيح المفاهيم عند الناس، والرجوع للتاريخ وربطه منذ سبعة آلاف عام حتى الآن. كما ستغير الثورة الحقب التاريخية؛ لأن الثورة هي إعادة تعريف النفس بالنفس.