هو أول من هتف بشعار "يسقط حكم العسكر" في ميدان التحرير، وشارك في كل الاعتصامات الرافضة للعنف بحق الثوار .. إنه الفنان د. صلاح عناني الذي إلتقاه "محيط" في مرسمه وحاوره حول الوضع المصري الراهن، وتفاؤله بنجاح الثورة. قال عناني عن هذا التفاؤل أن في بداية الثورة كان الشعب المصري لم يتحمل الاستمرار يومين في اعتصام، لكنهم استطاعوا أن يصبروا عاما ونصف مع فقد الشهداء واستخدام كل أدوات الضغط والتعذيب لردع الثورة لكنها لم ترتدع. مؤكدا أننا حاليا في حالة إنتاج عقل ووجدان جمعي يقفز على الظلم بكل أشكاله. والثورة أبهرت العالم بقدراتها رغم أننا لا نشعر بذلك داخل مصر .
يطلق عناني لفظ الفاشية العربية على أمرين "السلطة العسكرية والدينية" ، مؤكدا أنهما من صنيعة النظام القديم، فقد وضع مبارك ومن سبقوه الإسلاميين تحت ضغوط الاعتقال فزادت كراهيتهم للنظام الحاكم وللغرب . ووصف د. عناني الثورة بأنها تتخذ شكلا دوريا كل ثلاثة شهور ، وأنها تتمتع بالعقل الجمعي. مؤكدا أن الشعب المصري يستطيع عمل قفزة نوعية في التفكير على الرغم من أنه نمطي؛ فخلال عام ونصف ما تعلمه الشعب من ثقافة سياسية، الدساتير، الانتخابات، علاقاتنا الخارجية، وعلاقتنا بإسرائيل ، علموا عن ذلك الكثير . ويحتوى الميدان كما يراه الفنان عناني على أناس أصحاب قدر بسيط من التعليم ولكنهم يفهمون الأوضاع بصورة عميقة جدا، ربما أكثر من المتعلمين الذين أفسدتهم المناهج المقررة . وبسؤاله عن أحداث العباسية، أجاب بأنه كان استثمارا لفائض القوى ولعبة سياسية. وقال أن هناك أجهزة ترصد درجة الانفلات والعنف من الشباب المتأسلمين كي يدخل معهم في شراكة اجتماعية. وبخصوص الشاب عاطف الجوهري والذي قتل في أحداث العباسية ، قال عناني عنه أنه طباخ مصري ، لا ينتمي لأي حركة سياسية، كان يقف بجواره على منصة ميدان التحرير، يردد بصوت عال ما يريد عناني قوله على الجمهور . وطالب عناني بمنع ظهور تلك الأعلام السوداء في ميادين التظاهر، معتبرا أن القوى الإسلامية تهلك الإسلام بسلوكها وتعرضه لأخطار. وأوضح عناني أنه شارك في الثورة في كل تتابعاتها، بخلاف العباسية، ووصف جمعة "إنقاذ الثورة"، بجمعة إنقاذ "الإخوان والسلفيين"، معتبرا نفسه ثائر ميداني. مؤكدا ان "الإخوان" لم ينجحوا الثورة ولكنهم "ركبوا عليها" وتفاوضوا في اليوم التالي مع عمر سليمان وشاركوا في عملية سياسية خائبة. متوقعا إعادة انتخاب البرلمان من جديد. وحكى عناني عندما أطلق لأول مرة شعار"يسقط حكم العسكر"، وكان ذلك حينما توافق القوى الإسلامية مع اليساريين بكل طوائفهم في إحدى الخيم بميدان التحرير، مؤكدا أن مصر مشكلتها هذا الطاغوت، لكنهم انزعجوا بشكل هائل، وكسرت منصته في الميدان ثلاثة مرات، وبعد ثلاثة شهور ونصف قالت كل القطاعات الثورية "يسقط حكم العسكر". وقال عناني أن أهم ما تفرزه الثورة هو إعادة تعريف الذات. ورأى أن الزعيم سعد زغلول أضر الأمة بكلمة "مافيش فايدة"، لأنه "اتضح ان هناك فائدة. مشيرا أن عبد الناصر هو من جلب حكم العسكر، وفترة العبور كانت حرب محسوبة لحل الأزمة السياسية، ارسلنا كوادرنا للخليج ليعودوا بأفكار رجعية، واليسار والقوى الليبرالية عملت للصالح الأوروبي. موضحا أننا لا نريد الثقافة الصحراوية ولا الغربية، لكننا لدينا بنية ثقافية وأمة تاريخية عريقة.
ولم يبرئ عناني المخابرات والأجهزة الأمريكية والصهاينة في استثمار سيولة الثورة لاستهلاك الإسلاميين، ومن ثم ينعكس على الإسلام ذاته لأنهم تعبوا من تنظيم القاعدة، فالإسلام أصبح ثاني ديانة في فرنسا وألمانيا، وهم أنهوا معنا الحروب الصليبية، فيتركوا الإسلاميين لقيادة الدول العربية، والدليل على ذلك ما حدث في المغرب أنهم لم يقوموا بثورة لأن المخابرات الأمريكية لقنت الملك وقالت له أن يعطي الإسلاميين 65% من البرلمان وبذلك لن يقوموا بثورة. كذلك السعودية أيضا التي تطبق الشريعة الإسلامية من الخارج، وبداخلها خلل وفساد كلنا نعلمه. لكن من مصلحتنا ان تبقى القوى العربية عظيمة، والثقافة العربية الإسلامية الطبيعية كما عرفناها وأكثر مرونة . وبخصوص البرلمان، اعتبر عناني أنه نوابه تنازلوا ببساطة عن حق الشهداء، وتنازلوا عن إخراج المعتقلين وباستطاعتهم أن يقفوا في البرلمان يوما واحدا ليخرجوا 12 ألف معتقل، على الرغم ان الثورة اخرجتهم من المعتقلات وعلى رأسهم خيرت الشاطر. ولم يعملوا تصور تشريعي لتوزيع الثورة بالعدل . ووصف عناني القوى السياسية الإسلامية بأنها أصيبت بمرض السلطة ، وقد كان متعاطفا مع الإخوان وكان يعاقب من الدولة عندما كان يقدم برامج وكانوا يتحفظون عليه، ويسمونه "صلاح هنية" . كما كان متعاطفا معهم أيضا بعد حصولهم على أغلب مقاعد البرلمان.
وعن دور المثقفين والنخب في الثورة قال عناني أن النخب مزيفة لأنها رجعية تتبع النظام الرجعي، واهم شيء حدث للثورة انه تم استنفارهم. أما عن الجماعة التشكيلية والثقافية فقال عناني أنها خارجة عن السياق الثقافي المصري في مجملها ، فأغلبية التشكيليين يهمهم المشاركة بالمهرجانات وليست بمشاكل الوطن. أخيرا نصح الفنان الشارع الثوري بالإيمان بقضيته وحفظ مكتسباته ، مؤكدا أن الثورة لعبت دورا كبيرا في إزالة فرعون ومحاكمته.