عرضت جريدة الواشنطن بوست مقالا عن المراسل الصحفي إدوارد كيندي الذي ارادت بوليتزر منحه جائزة بعد وفاته تقديرا لجهوده كمراسل صحفي استطاع أن يكسر أسطورة النازي في المانيا من خلال نشر قصة استسلامها في العالم . تقول زوجة كيندي أنها رأته قبل الزواج لأول مرة مع أرنست هيمنغواي يشربان في بار بفندق بباريس ، شربا حتى وصلا مرحلة الثمالة ، فكانا في حالة سكر مميتة . وكان كيندي وقتها مراسل في وكالة الأسوشيتدبرس ، لديه ميوله المستمرة للهروب من المناصب والسلطة ، غير أن دوره برز خلال الحرب العالمية الثانية التي كان من المفترض أن يذهب ويخوض غمارها من أجل الحصول على قصة إخبارية إذ أنه لم يكن لديه قصة يعمل عليها . وهناك كان السبق الصحفي الذي غير حياته المهنية وهو استسلام ألمانيا النازية بدون شروط ، فقد خرب هذا السبق حياته المهنية ، فقد كانت القصة الجديدة تحديا أمام أبرز الصحفيين الذين لم يستطعوا العمل عليها . أراد الجميع أن يحوز كيندي على جائزة بوليتزر بعد وفاته مسجلين ومعترفين باللحظة الشجاعة الفريدة التي وقفها عندما تحدى جهات الرقابة جميعها من أجل تقديم قصة من أكبر قصص هذا القرن . وفي يوم 6 مايو 1945 أمر مسوؤلون عسكريون أمريكيون كيندي ومعه 16 مراسل وصحفي أخرين بالصعود على متن طائرة دون حقهم في العلم مسبقا وجهة الطائرة . أثناء رحلة الطيران عرفوا أنهم في طريقهم إلى ريمس بفرنسا ليشهدوا التوقيع على وثائق استسلام ألمانيا وإنهاء الصراع الأكبر في تاريخ العالم حينها . أثار غضب كيندي عندما وجد نفسه مسيطرا عليه من قبل عسكريين ، واصراراهم على أن تظل أنباء هذا الاستسلام سرية لعدة ساعات . وظل هذا الأمر ساريا حتى بعد عودتهم إلى باريس ، ولكن ليس لأسباب سرية كما علم كيندي حينها ولكن لأن الزعيم الروسي جوزيف ستالين أراد تنظيم حفل قبل الإعلان عن ذلك . واصر كيندي على الإعلان ولكن لم يستجيب أحد له فانتهز الفرصة وحصل على كلمة بالإذاعى الالمانية أعلن خلالها استسلام ألمانيا غير المشروط . تناولت جميع الصحف في انحاء العالم قصة كيندي ، وبدلا من ان تكون أفضل لحظات حياته ، أصبحت أكبر المحن التي مر بها بحياته على الاطلاق . فقد سحب الجيش أوراق اعتماده ، وكان ذلك هو أقل الاهانات التي وجهت إليه وقتها ، فقد تحول زملائه المراسلين عنه . استدعته وكالة الاسوشيتدبرس التي رفضت قبول استقالته ، وفي الوقت نفسه رافضة اسناد أي عمل إليه ، بالإضافة إلى اكتشافه فقدانه أكثر من 4000 دولار من حسابه المصرفي . انتقل كيندي بعد فترة إلى العمل لمدة عامين مدير تحرير سانتا باربرا وهو صحيفة أخبار صغيرة ، ثم تحول للعمل بمونتيري حيث أصبح رئيس تحرير مونتيري بنسويلا هيرالد . تقبل كيندي ما حدث له وانخفاض نجمه كمراسل حرب شهير ، عاملا بعد ذلك على الاقتصار على كتابة المقالات الافتتاحية وتغطية اجتماعات مجلس المدينة فقط . وقد أوضحت أبنته أن كيندي كان يعاني أحيانا من الاكتئاب ومع ذلك لم يكن يتحدث عما حدث له وكأن شيئا لم يحدث ، وكانت تتسائل هل لديه أي تفكير أو احساس بالندم على قراره بباريس رغم إعلانه الدائم اقتناعه به . وفي ليلة ممطرة من شهر نوفمبر 1963 صدمت سيارة رياضية كيندي في قدميه أثناء سيره تجاه منزله ، ظل بعدها عدة أيام في المستشفى حتى وافته المنية عن عمر يناهز 58 عاما . عثر الأطباء على ورم في حنجرته ، ولذا تم إدراج القضية على أنها وفاة بسبب السرطان. بعد الجنازة عثرت ابنته على كنز بمكتب أبيها الراحل وهي مخطوطة بخط يده عما حدث عام 1951 ، ولكنها لم تكن قادرة على ايجاد شخص ينشرها . احتفظت الأبنة بالمخطوطة أربعين عاما مرت خلالها بمراحل عديدة منها الزواج والطلاق والتقاعد الوظيفي لتتفرغ فيما بعد لقراءتها لتكتسب فهم أعمق للأب الذي فقدته عندما كانت في السادسة عشر من عمرها .