سمات استبدادية رصدها أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة دكتور عماد عبداللطيف في تحليله لخطاب الرئيس محمد مرسي الأخير، فقد أكد عبداللطيف في تصريحات ل"محيط" أن الخطاب يجسد مشكلات الخطابات الاستبدادية، حيث مارس إقصاء فهو لم يلق عبر التلفاز في شكل بيان، ولم يلق في مؤسسة منتخبة أو في مؤسسة تضم كل أطياف شعب مصر، أو في مكتب الرئيس إنما ألقى في حشود من الإخوان المسلمين. وهو تجمع نظمته الجماعة بإشرافها. لذلك فقد كان هناك إقصاء لكل شرائح المصريين من غير الإخوان، أما من حيث المضمون فقد جاءت لفظة "أحبائي" لتكون تعبيراً شائعاً في الخطاب، وهي اللفظة التي يستخدمها قادة الإخوان في الحديث مع شباب الجماعة. وهذه هي سمة الخطاب الاستبدادي الذي عادة ما يمارس إقصاء خطابي وتشوه المعارضين مثلما فعل مرسي، الذي وصفهم بأنهم قلة قليلة، وهو تشويه من ناحية الكم، كما لوح بأنهم مأجورين وعملاء وهي اتهامات بالتخوين، وهما ما اعتمد عليه مبارك، والقذافي، وبن علي في تشويه معارضيه.
السمة الأخرى من سمات الخطاب الاستبدادي كما يشير أستاذ البلاغة هي إدعاء الرئيس لامتلاك الحق واليقين المطلق، والخطيب المستبد عادة يحتكر لنفسه الحق ويلبس الآخرين الباطل، والرئيس في خطابه لم يفعل سوى هذا، حين قال أن الحق أبلج والباطل لجلج، رغم أن السياسة لا تعرف الحق المطلق.
وتابع قائلاً أن المستبدين عادة ما يمزجوا خطابهم بخطاب الإله، وهكذا كان يصف سقراط عمل الطاغية أنه عادة ما يسعى لعقد نسب بين فعله وفعل الإله. والرئيس مرسي نسب الأفعال لله في خطابه. قائلاً أن الله هو الذي حمى الثورة، وجعل أفعاله جزء من الإرادة الإلهية وهذه سمة أخرى من سمات الخطابات الاستبدادية.
وأكد عبداللطيف أن الخطاب الاستبدادي يمارس البطش اللغوي، فتتحول اللغة إلى سلسلة من الأوامر والنواهي التي لا تحمل دلالة تفاوض أو اقتراح أو عرض أو طلب متأدب، لكنها أوامر مباشرة سلطوية وتهديدات صارمة ولغة قطعية.
ووصف أستاذ البلاغة خطاب الرئيس مرسي بأنه "خطاب متجهم"، فالحاكم يواجه شعبه بوجه متجهم لا يعرف ابتسامة، يسلط وجه الغضب، هذا الوجه ينسحب على اللغة التي لا تعرف التفاوض أو المودة الحقيقية، وهذا يتناقض تماماً مع فكرة كون الرئيس أجيراً عند الشعب لأن اللغة التي يستخدمها في حديثه مع الشعب محملة بتعالي وسلطوية. فمنذ قرر الرئيس مرسي أن يعتمد على الارتجال في خطبه أصبحنا نرى الوجه الحقيقي للرئيس، الخطابة المكتوبة عادة تحمل بعض بصمات مؤسسة الرئاسة، تحاول أن تستخدم لغة مؤسسية، لكن الرئيس مرسي اختار أن تكون خطبه ارتجالية، والمصريون يدفعون ثمن هذا الارتجال في الخطابة المتجهمة والتي تحفل باستطرادات قد لا تكون أفضل ما يمكن أن يسمعوه.
يواصل: الخطابة المتجهمة تخلق مجتمعاً متجهماً، الحالة الحركية الزائدة التي كان عليها الرئيس في خطابه والتشويح المستمر باليد، ونبرات الصوت الحادة العنيفة، والتحرك الزائد في المكان، علامة في رأيي غير إيجابية للخطاب الرئاسي الذي لابد أن يكون في كل الحيان هادئاً وليس تحريضياً عنيفاً.