نحمد الله عز وجل على نعمة الإسلام و كفى بها نعمة، فليس بعد الكفر ذنب سبحانه أعزنا بأن خلقنا مسلمين لوجهه الكريم. لقد تابعنا جميعا وقائع جمعة "تطبيق الشريعة" و التى اجتمع فيها أطيافا إسلامية التوجه – ليس بينها على غير العادة الإخوان المسلمين أو أعضاء حزب النور على المستوى الرسمى- للمطالبة بتطبيق الشريعة الاسلامية فى مصر عوضا عن القوانين الوضعية و التى لا تتماشى مع صريح الشريعة الغراء، و هو مطلب يتمناه المسيحيون قبل المسلمين إن طبقت الشريعة كما كانت تطبق على أيام رسول الله صلوات الله و سلامه عليه و على آله الكرام.
وقد لاحظنا جميعا مدى تمسك من قاموا بهذه الفعاليات بتطبيق الشريعة و مدى حرصهم على فرضها على المجتمع المصرى فرضا حتى ان البعض منهم قد تطرق إلى أن الدكتور محمد مرسى -الرئيس الاسلامى التوجه-لمصر سيصبح خائنا للإسلام و وجب الجهاد ضده إن لم ينصاع لمطالبهم بتطبيق الشريعة كنظام لحكم البلاد..!!
و الغريب فى الأمر أننا تربينا على شعارات الاخوان و السلفيين " الاسلام ديننا و القرآن دستورنا" و مع هذا لم نجدهم بين من يطالبون بتطبيق الشريعة.!!
تخيل عزيزى القارىء اننا استيقظنا غدا على قرار من الرئيس مرسى - وهو الوحيد الذى يملك السلطة التشريعية الآن- بتطبيق الشريعة الاسلامية فى مصر تخيل معى الصورة كاملة و بمنتهى الأمانة كيف تكون الصورة؟
هل ستتولى محاكمنا بقضاتها الحاليين تطبيق أحكام الشريعة؟ أو بمعنى آخر هل سيرضى من يطالبون بتطبيق الشريعة أن يكون قضاة المحاكم "الشرعية" قضاة عاديين و هم ألد أعدائهم بالأصل؟
أم أن من سيتولى الحكم هم قضاة شرعيون لهم مواصفات خاصة وعلم فقهى خاص و من المؤكد طبعا أن يكونوا من حملة كتاب الله و من حفظة الأحاديث النبوية "الصحيحة"؟
هل سيرضى من اجتمعوا على مطلب تطبيق الشريعة مشايخ الأزهر الشريف ليكونوا قضاة شرعيين؟ هل يعترفون أصلا بمكانة الأزهر الشريف؟
إذن هل يكون القضاة الشرعيين منهم أى من أفراد هؤلاء الذين جمعوا لهذه الجمعة؟ و أن أصبحوا كذلك فمن هم المفسدون فى الأرض الذين سيطبقون عليهم حدود الله من وجهة نظرهم؟!
هل من يخالفهم الرأى سيعتبر مفسدا فى الأرض فيقام عليه حد الحرابة مثلا؟!!
للأسف فالإجابات على هذه الأسئلة محزنة بل مخيفة جدا و قد يترتب عليها أشياء لم تكن أصلا فى الحسبان.
هل نحن فى سبيلنا لمحاكم شبيه بتلك الموجودة فى تورا بورا؟ هل نحن فى طريقنا لأن نكون طالبان أخرى؟
مع الأخذ فى الاعتبار أن أعلام القاعدة كانت ترفرف فى سماء الميدان "بغزارة" يوم جمعة تطبيق الشريعة. و هناك أيضا شىء آخر لقد اتفق الحشد على أن تعاد الكرة مرة أخرى يوم الجمعة القادمة مع الأخذ فى الاعتبار انهم اتفقوا على اصطحاب اسرهم كاملة للاعتصام فى الميدان لحين تطبيق الشريعة..!!
ماذا لو لم تطبق الشريعة كما يريدونها؟!
ان الموضوع فى غاية الخطورة و غاية الأهمية و إن لم يتم التعامل مع هذا الموضوع باحترافية فنحن فى طريقنا لكارثة لا يعلم مداها إلا الله جل جلاله.
فى النهاية إنها فرصة حقيقية أما التيار الاسلامى المعتدل المتمثل فى الاخوان والسلفيين لإبراز مواهبهم السياسية فى تجنيب البلاد هذا الصدام الذي يشابه ما يحدث في تونس إلى حد كبير و لسوف يحدث هذا الصدام – اللهم احفظنا منه- أشياء لا أريد التطرق إليها الآن حتى لا أزيد الرعب في قلوبكم جنبنا الله و إياكم شرورها، فنحن أمام فتنة لعن الله من أيقظها.