كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اليوم النقاب عن لعب ضباط أمن تابعين لجهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي.أي.إيه" دوراً محورياً في مواجهة الجماعات المسلحة التي وقفت وراء الهجوم على مقر القنصلية الأمريكية بمدينة بنغازي الليبية في 11 سبتمبر الماضي. ونقلت الصحيفة - على موقعها الإلكتروني اليوم الجمعة - عن مسئولين استخبارتين أمريكيين رفيعي المستوى إشارتهم إلى أن هذا الدور تمثل في نشر وإيفاد مجموعة إنقاذ من قاعدة سرية متواجدة في المدينة، وإرسال تعزيزات أمنية من العاصمة الليبية طرابلس، وتنظيم قافلة عسكرية مسلحة ليبية لحراسة الأمريكيين الذين نجوا من الحادث حتى وصولهم إلى طائرات تم تأجيرها على نحو سريع لنقلهم خارج البلاد.
وأشارت إلى أن هذه المعلومات من قبل المسئولين الأمريكيين - الذين رفضوا الكشف عن هويتهم - تضمنت وصفاً أكثر تفصيلاً للدور الذي لعبه "سي.أي.إيه" في بنغازي، والذي يبدو أن وجوده السري كان له دور أكثر أهمية مما تم الكشف عنه علنية، على حد قول الصحيفة.
وأضافت الصحيفة "إنه بعد مرور حوالي 25 دقيقة من علمهم بوقوع حادث بنغازي، سارع ستة ضباط من "سي.أي.إيه" من قاعدتهم التي تقع على بعد ميل من القنصلية في حشد عدد كبير من المقاتلين الليبيين المسلحين والذهاب إلى موقع الحادث، ثم انضموا إلى نظرائهم من وزارة الخارجية الأمريكية في البحث عن السفير كريستفور ستيفنز وسط الدخان الكثيف المتصاعد والنيران المشتعلة قبل إخلاء القنصلية من طاقمها الدبلوماسي ونقله إلى قاعدتهم التي بدت في مأمن عن الأحداث".
وأوضحت أن هذا الكشف الجديد من قبل المسئولين الاستخباراتيين حول حادث بنغازي قصد من خلاله دحض التقارير التي تناولتها قناة "فوكس نيوز" الأمريكية مؤخراً والتي أفادت بأن القيادات العليا في جهاز "سي.أي.إيه" قد عرقلت عمل الضباط على أرض الواقع للاستجابة إلى دعوات البعثة الدبلوماسية لتقديم المساعدة.
ونسبت الصحيفة إلى مسئول أمريكي - رفض الكشف عن هويته- قوله "لم يتم إصدار أوامر لأحد بالتقاعس عن تقديم الدعم.. والحقيقة هي أن الجيش الأمريكي عمد إلى تغيير مسار إحدى طائراته بدون طيار الاستطلاعية بمدينة "دارنة" الليبية، التي تقع على بعد 90 ميلاً من بنغازي، من أجل الإشراف على عمليات إخلاء أفراد البعثة الدبلوماسية من المدينة".
وأضاف أنه تم انضمام قيادتين أمريكيتين متواجدين بمقر السفارة في طرابلس إلى التعزيزات الأمنية، فضلا عن قيام طائرات نقل تابعة للجيش الأمريكي بنقل الأمريكيين المصابين وجثمان السفير ستيفنز خارج ليبيا. وقالت الصحيفة "إنه على الرغم من إسدال الستار على أي تفاصيل جديدة حول حادث بنغازي، إلا أنه ترك العديد من التساؤلات غير مجاب عنها وعلى رأسها لماذا لم ترسل الخارجية الأمريكية تعزيزات أمنية لأفراد بعثتها في ظل تواتر العديد من التقارير الدبلوماسية والاستخباراتية التي تشير إلى أن الأوضاع في بنغازي ومختلف أنحاء ليبيا شهدت تدهورا منذ إعادة فتح الولاياتالمتحدة سفارتها في ليبيا العام الماضي".
وأوضحت أن التأكيد على دور جهاز "سي.أي.إيه" - غير المعلن عنه سابقاً - في تحريك الجهود الرامية لإخلاء مقر البعثة الدبلوماسية في بنغازي، يستهدف التشكيك في الترتيبات الأمنية المفترض أن تكون أجرتها وزارة الخارجية في بنغازي.
ومن جانبها، اعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال " الأمريكية اليوم أن التفاصيل الجديدة حول حادث بنغازي تكشف عن ترتيبات وعلاقات سرية وربما مرتبكة بين وزارة الخارجية الأمريكية وجهاز "سي.أي.إيه".
وأوضحت أن "سي.أي.إيه" يبدو وأنه يتمتع بالحضور الأقوى في بنغازي على الصعيد الأمريكي، حيث طور علاقة "تكافلية" مع القنصلية الأمريكية التي عملت كغطاء لموظفيه.
ونقلت الصحيفة عن محققين في الكونجرس الأمريكي قولهم "لقد اعتقدت الخارجية الأمريكية أنها لديها اتفاق مسبق مع "سي.أي.إيه" لتوفير الدعم والترتيبات الأمنية اللازمة، ولكن يبدو الآن أن الجهاز الاستخباراتي لم يكن لديه ذات الفهم والإدراك بشأن المسئوليات الأمنية".
ورأى المحققون أن التباين في وجهات النظر بين الخارجية وال"سي.أي.إيه" إنما يعكس صدعاً بين الجهتين حول تحديد المسئوليات، ويثير التساؤلات حول ما إذا كانت الترتيبات الأمنية في بنغازي مغلوطة أم لا؟.
مواد متعلقة: 1. صحيفتان أمريكيتان: هجوم بنغازي ترك أوباما يواجه قضايا شائكة 2. كلينتون تتعهد بكشف حقيقة الظروف الامنية قبل هجوم بنغازي 3. «بانيتا»: لم نرسل قوات للدفاع عن القنصلية ببنغازي