كان يوما عاصفا مليء بالأحداث «القضاسية»، لا سيما بعد قرار الرئيس محمد مرسي بتعيين المستشار عبد المجيد محمود النائب العام سفيرا لدى الفاتيكان، وأثار ذلك القرار جماعة الإخوان المسلمين بحسب النائب العام فإنه «تراجع عن الاتفاق نتيجة لكلمة (الإقالة) التي صدرت من إعلام الإخوان». ونتيجة لذلك أثار النائب العام غضبه، وأعلن عدم صحة أنباء تعينه وأنه باق في منصبة بقوة القانون، مهما كلفه الثمن، غير أن البعض قال بأنه تراجع عن القرار بعد أن أتصل به أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق فور خروجه من السجن، محذرا إياه قبول المنصب الجديد، كون ذلك متعلق بحياة الكثيرين، وذلك لا يعلم علمه إلا الله.
انتهى اليوم العاصف بإعلان تدمير كل آمال المبتهجين بقرار إقالة النائب العام، وبقاء قوة القضاء ومن خرج يوم أمس إلى التحرير لنصرة النائب العام، وعلى ذلك أعتبر عدد من الشخصيات السياسية أن ذلك يعتبر إخفاقا واضحة للرئيس محمد مرسي، وصفعة لمؤسسة الرئاسة بل وصل الأمر بأن أعتبره البعض على في جبين «مرسي» بأن يسحب قراره للمرة الثانية، بعد أن سحب قرار عودة مجلس الشعب، غير أن البعض اعتبر ذلك انتصار للقضاء وحكمة ودهاء من الرئيس مرسي.
وكانت البداية الهادئة من محمود مكي نائب رئيس الجمهورية الذي ظهر في أول مؤتمر صحافي له منذ توليه المنصب يوضح فيه أن مؤسسة الرئاسة لن تلجأ لإصدار تشريعات لإبعاد النائب العام عن منصبه، على الرغم من أن الدستور اسند إليها سلطة التشريع في ظل غياب البرلمان في الوقت الحالي، وهو ما أعتبره مراقبون اعترفا صحيحا بالهزيمة.
توازن المحلل السياسي توفيق غانم أن تراجع مؤسسة الرئاسة عن قرارها فيما يخص النائب العام يحمل سلبيات كما يحمل ايجابيات ، وقال في تصريحات صحافية له اليوم : «أصبحنا اليوم نشهد تدافع بين المؤسسات وهي ظاهرة ايجابية ، تحدث حالة من التوازن بين المؤسسات وتمنع تغول مؤسسة على أخرى».
عودة الشرعية الدكتور أيمن نور، الأمين العام لحزب المؤتمر، قال بأن تراجع الرئيس محمد مرسي عن قراره بإقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود هو يوم عودة الشرعية الدستورية، والتزاماً بالقانون، موضحاُ أن الخطأ جاء من جانب مساعدين الرئيس ومستشاريه فلم يتنبه منهم أحد إلى هذه الفجوة الإدارية مضيفاً لأهمية أجراء تحقيق في تلك الواقع حتى نتجنب تكرارها.
ملحمة بطولية ومن جانبه، وصف المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة أن ما جرى يوم السبت المتمثلة بالأزمة بين رئيس الجمهورية والقضاء ب«الملحمة» البطولية، فاز من خلها القضاء في معركة الحفاظ على الموروث القضائي.
وقال: القاضي ليس له أن يحكم في القضية التي ترد إليه إلا من خلال أوراقها دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، لافتا إلى أن هناك من يلعب في عقول الشباب والمخدوعين بأن مصائب مصر سببها القضاء والحقيقة أنهم السبب في مصائب مصر، وان التطاول على القضاء المصري يعد من الأمور الغريبة على الثوابت الوطنية للشعب المصري الذي يقدس قضاته منذ عهد قدماء المصريين.
لا حرج و قال عمر عفيفي كما نبادر بالنقد وأحيانا ما يكون نقدا لاذعا، إلا إننا إحقاقا لحق الله لابد أيضا أن نشيد بالعمل الصحيح، وتراجع الرئيس مرسي عن قرار إقالة النائب العام ليس ضعفا منه أو يقلل من شانه بل إنني أري انه يؤكد العكس تماما؛ فالتراجع عن القرار الخطأ هو عين الصواب وعين الثقة ولا يقلل أبدا ممن يعترف بخطئه ويتراجع وحتى لو اعتذر عليه، فقد تعلمت ألا أتشبث برأيي وان أتراجع عن أي قرار اكتشف انه خطأ، بل اعتذر عنه أيضا ولا أجد أي حرج في ذلك.
مشكلة النائب العام من جانبه اعتبر جمال حشمت بأن هذه الأزمة ليست مشكلة الرئاسة إطلاقا، ولكنها مشكلة النائب العام الذي يتخذ قرار ثم يتراجع فيه بسبب ضغوط ممن حوله ويتسترون على الفساد، وقال «حشمت»: إن قرار رئاسة الجمهورية بنقل النائب العام إلى منصب آخر أمر طبيعي وقانوني جدا، ولكن الإقالة غير قانونية، وما حدث ليس إقالة لكن البعض روج للمسألة بشكل خاطئ.
مهزلة ويقول طارق فوده نقيب محامي المنيا أن قرار نقل النائب العام سفيرا للفاتيكان من الناحية القانونية المجردة على الورق فقط سليم قانونا ولكن من ناحية العرف القانوني لا يجوز لأن القانون ينص على من اعتلى منصب النائب العام لا يجوز نقله أو عزله.
فوده وصف إصدار قرار من قبل رئاسة الجمهورية ثم العدول عنه «بالمهزلة» بما يهز من صورة الرئاسة, حيث أنها ليست المرة الأولي التي يتخذ الرئيس قرار ثم يتراجع بل صدر قبل ذلك قرار بعودة مجلس الشعب, وأكد أن هذا لا يجوز والقي اللوم على مستشاري الرئيس.
ربما لم تعجب الآراء أنفة الذكر البعض، وغاضت البعض الآخر، ولم يعجب الحال بالمهزلة التي تحدث في مصر بين مؤسسة الرئاسة والقضاء، وهذا هو الحال في مصر؛ غير أن البعض يتوقع بأن الرئيس مرسي قد يثور يوما ما ثورة بركان غاضب قد يعصف بكل من يقف أمامه بحسب ما يراه المحللون السياسيون. مواد متعلقة: 1. «حشمت»: متسترون على الفساد سبب بقاء النائب العام 2. «عفيفي»: قرار الرئيس بعودة النائب العام «عين الصواب» 3. جدل سياسي واسع في «محافظات مصر» بعد عودة «النائب العام»