لا أدري من هو صاحب فكرة التحاق طلاب بالثانوي العام عن طريق نظام الخدمات، رغم فشلهم الذريع - في ظل الغش المعروف - في الحصول على مجموع يؤهلهم لذلك، مقابل أن يقوم الطلاب بدفع مبالغ مالية لإمكانية فتح فصول لهم بمدارس الثانوي العام، بتكلفة 7500جنيهاً لفتح الفصل الواحد؟!.
ولا أجد تفسيراً لحماس مديري المدارس والإدارات والمديريات لهذه النوعية من الطلاب و أكثرهم ممن لا يجيد القراءة والكتابة، اللهم إلا إن كان الهدف بعض جنيهات تذهب شهرياً إلى جيوب السادة العاملين بهذه الفصول والقائمين على إداراتها، بداية من العامل والمعلم والمدير بالمدرسة، ومروراً باللجنة المشرفة بالإدارة، ووصولاً إلى اللجنة العامة المشرفة بالمديريات، فلا يوجد أدني مبرر غير ذلك!.
الغريب أن تسمع عن جودة التعليم وعن التوسع في التعليم الفني، ثم تجد على الجانب الآخر ضغوطاً اجتماعية وإدارية لفتح هذه الفصول، وكأن من العار على البعض أن يلتحق أبناؤهم بالثانوي الصناعي أو الزراعي أو التجاري، فيلجأون إلى أصحاب النفوذ للتوسط لهم لدى أهل القرار للموافقة على هذه النوعية الهزيلة من التعليم في مدارسنا الثانوية التي تئن بطبيعة الحال من مشكلات متعددة ومتداخلة.
المدهش في الأمر أن الدراسة وحسب التعليمات تبدأ بهذه الفصول عقب انتهاء اليوم الدراسي للطلبة النظاميين، أي بعد الثالثة عصراً كي يجدوا لهم أماكن ومعلمين، وبما أن أغلب المعلمين يرفضون العمل بهذه الفصول نظراً للإرهاق الذي يصيبهم من طول اليوم الدراسي، و نظراً لزيادة نصاب الحصص على أغلب المعلمين نظراً للعجز البين في الكثير من التخصصات في مدارس الثانوي العام، لذلك تلجأ إدارة المدرسة للتعاقد مع بعض الخريجين الجدد للتدريس لهؤلاء الطلاب، و بعد فترة يترك أغلبهم العمل لتدني المقابل المادي للحصة التدريسية، ولعدم قدرتهم على احتواء الطلاب بهذه المرحلة السنية لانعدام الخبرة التعليمية والتربوية.
إذن، لا دراسة ولا يحزنون، الأمر الذي يضطر معه مديري المدارس لاستقدام طلاب الخدمات أثناء اليوم الدراسي علَّهم أن يجدوا لهم فراغاً ومعلماً متاحاً، لتحدث الفوضى والدربكة والشد والجذب داخل حرم المدرسة، لأنه لا تخطيط ولا استعداد لشيء، والأمر فقط يخضع للهوى والمزاج الشخصي، لذا فالعشوائية والتخبط متوقعان على الدوام.. فكيف يكون اليوم الدراسي هادئاً ومستقراً؟!.
بقيت لي بعض الرسائل أوجزها في النقاط التالية:-
- ما هي الفائدة المرجوة من وراء هذه النوعية الرديئة من التعليم، ما دامت الوزارة تتجه نحو دعم التعليم الفني بما يتفق مع سوق العمل؟.
- الى متى ستتدخل المحليات بهذا الشكل الأرعن في التعليم فتفسده من حيث لا تدري ولا تعلم؟.
- إلى متى ستغيب الرقابة الحقيقية والتقييم الصادق على هذه النوعية من التعليم من قبل الوزارة؟.
- متى لا تتدخل الإدارات والمديريات في عمل المدارس وتفرض عليها أموراً تضر بسير العملية التعليمية ابتغاء بعض الجنيهات؟.
- إذا كانت الوزارة تعترض الآن على أسلوب التعاقد بالحصة، فكيف يتم التعاقد مع خريجين من خارج المدرسة للتدريس لطلبة الخدمات؟.
أرجو أن يُطهر التعليم من كل منابع الخلل والتسيب، من خلال قرارات واضحة وحازمة لا تقبل التحايل ولا التأويل من محترفي لي أعناق النصوص.
وأخيراً.. إن كنتم تريدون تعليماً موازياً للتعليم الثانوي العام متمثلاً في نظام الخدمات فخصصوا له أماكن مستقلة وهيئة إدارية وتعليمية مستقلة.. أريحوا التعليم من أناته أيها سادة.