بعد وعود لم تتحقق، وحقوق يبحثون عنها، البدون يعودون للتظاهر في اليوم العالمي ل "اللا عنف"، في محالة منهم لإحراج وزارة الداخلية الكويتية أمام العالم،رغم التحذيرات. ولكن هذه المحاولة فشلت، حيث لاقت خيبة أمل كبيرة للبدون، وأصبحت هذه التظاهرة هي الاعنف من جهة التعامل الامني الشديد، حيث اسفرت عن خمسه مصابين من رجال الشرطة، واعتقال 28 من المتظاهرين.
اعتقالات وإصابات
وفي مفاجأة للبدون، فقد تحول اليوم العالمي ل "اللا عنف" الموافق الثالث من أكتوبر، إلى يوم عنف للبدون فى الكويت، وشهدت ساحة "الحرية" بتيماء الثلاثاء، كرا من جهة القوات الخاصة، وفرا من المتظاهرين البدون، وانتقلت المعركة الى الشوارع الجانبية.
وقامت وزارة الداخلية الكويتية، بإغلاق الطرق المؤدية الى ساحة التظاهر، وقسمت القوات الخاصة نفسها إلى مجموعات لاحتواء التظاهرات المتفرقة التي يقوم بها البدون.
وبدأت المظاهرات انطلاقا من المسجد الشعبي في ساحة الحرية رافعين علم الكويت وصور الأمير وولي العهد مرددين "حرية.. حرية.." ومرددين النشيد الوطنى الكويتى، بينما قام البعض الاخر برفع اعلام نازية وترديد هتافات متشددة.
وجاء ذلك في ظل تواجد العديد من الجهات الحقوقية والمنظمات الانسانية وحقوق الانسان فضلا عن مراقبين من عدد من السفارات الأجنبية منهم ممثل السفارة البريطانية الذي رصد كل الاحداث.
ومن اللافت أنه غاب عن تظاهرة البدون على غير العادة، النواب والناشطون السياسيون، وعزت المصادر الأمنية ذلك الى كون المظاهرة مدبرة ومخطط لها من جهات خارجية.
الداخلية تتعامل
وفي محاولة من الداخلية لمنع هذه الاشتباكات، طالب اللواء عبدالله المهنا الوكيل المساعد لشئون العمليات بالداخلية، من البدون المتظاهرين بالانصراف فورا وعدم التجمهر، إلا انهم رفضوا.
وطالب المتظاهرون بإعطائهم فرصة للتعبير عن مطالبهم وايصال رسالة للمسئولين بحقوقهم في الجنسية الكويتية لانه ليس لهم وطن غيرالكويت يعرفونه، وسط اصوات البدون التى تعالت للمطالبة بحسم الملف نهائيا واعطائهم حقوقهم كاملة.
ولكن اللواء محمود الدوسرى وكيل وزارة الداخلية المساعد لشئون الأمن العام قد أكد في تصريح سابق له أن الوزارة تعاملت بشكل إنسانى وقانونى مع قضية وأوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، وسمحت لهم على مدى أيام وجمع متتالية بحرية التعبير عن آرائهم، وعرض مطالبهم كاملة، وإيصال صوتهم إلى الجهات المعنية فى الدولة.
وأضاف اللواء الدوسري أنه لن يتم السماح مطلقا للمقيمين بصورة غير قانونية بتنظيم أية مسيرات أو تجمعات أو حشد تظاهرات وإقامة اعتصامات، أيا كانت طبيعتها وأهدافها ورسالتها فى كل الميادين والساحات، وذلك حفاظا على الأمن العام، وعدم مخالفة القوانين المرعية حتى لا يعرضوا أنفسهم للمساءلة القانونية.
تحذيرات سابقة
من جانبها، حذرت وزارة الداخلية قبل أيام، من قيام عدد من "البدون" والناشطين السياسيين باعتصامات أو مظاهرات بالتزامن مع اليوم العالمى "اللاعنف".
وقال مصدر أمنى مسئول: "إن التعليمات التى صدرت لرجال الأمن واضحة وصريحة، ونصت على عدم السماح بالتظاهر والاعتصام".
وأشار المصدر إلى أن المسيرات وتعطيل الحركة المرورية وإثارة الفوضى لن يسمح بها بتاتا، وأنه تم اتخاذ عدة إجراءات منها وضع ألف عنصر من القوات الخاصة فى حالة تأهب قصوى لفض الاعتصام والتظاهر إذا اقتضت الضرورة الأمنية ذلك.
التهاون مرفوض
وفي رسالة للحكومة، اصدرت "كتلة العمل الشعبي" بيانا حول أوضاع غير محددي الجنسية، أكدت فيه أن القضية تشهد تطورات متسارعة متلاحقة سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، وهي تطورات لا يجوز معها استمرار التهاون المتعمد من قبل الحكومات المتعاقبة في تجاهل وجود المشكلة أو في تجاهل وضح الحلول العملية لها وإنهاء المعاناة الإنسانية لغير محددي الجنسية.
ودعت كتلة العمل الشعبي الحكومة إلى التحلي بالجدية لإنهاء معاناة غير محددي الجنسية، كما تدعو وزارة الداخلية إلى عدم استخدام القوة أو التعسف معهم، فمن حقهم اللجوء إلى التعبير السلمي عن معاناتهم، ولا يجوز لوزارة الداخلية استعمال القوة معهم أو منعهم من ممارسة حقهم الطبيعي في التعبير عن رأيهم وعن معاناتهم.
كما طالبت الكتلة كافة الجهات والشخصيات المعنية بحقوق الإنسان إلى الضغط على الحكومة لتبني الحلول الجدية الشاملة لمشكلة غير محددي الجنسية بما يحفظ لهم حقوقهم الإنسانية ويحفظ كراماتهم ويمنحهم حقوقهم المدنية ويمنح المستحق منهم الجنسية الكويتية.
وأضافت الكتلة أن لغير محددي الجنسية حقوقا إنسانية لا يمكن، تحت أي حجة أو ذريعة، حرمانهم منها، كما أن من بينهم من يستحق الحصول على الجنسية الكويتية.
الاحترام مطلوب
من جانبها، أصدرت مجموعة ال29 بيانا أكدت فيه دعمها الكامل للمطالبات التي عبر عنها المعتصمون مبينة أن على وزارة الداخلية احترام حق المعتصمين الأصيل والدستوري في حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي وعدم استخدام الأساليب القمعية المعهودة والمرفوضة جملة وتفصيلا لفض الاعتصام، خاصة وأنه يتزامن مع مناسبة "اليوم العالمي ل اللاعنف " حيث ستكون الأنظار مسلطة على الدول المخالفة لرمزية اليوم، مما سيجلب المزيد من الإحراجات الدولية للكويت.
وأكد الأمين العام للتيار التقدمي الكويتي ضاري الرجيب دعم اعتصام الكويتيين البدون بمناسبة اليوم العالمي ل "اللا عنف"، مؤكدا انه "سبق للتيار التقدمي الكويتي أن أكّد في أكثر من مناسبة دعمه لقضية الكويتيين البدون، هذه القضية الإنسانية التي تأخر حلها المستحق"، مشددا على الحق في الاحتجاج سلميا، ورفضه الأساليب القمعية في التعامل مع التجمهر السلمي للبدون .
مطالب البدون
وتتمثل أهم مطالب البدون في منح الجنسية للمستحقين وإصدار عفو عن البدون المتهمين في الأحداث الأخيرة ورفع القيود الأمنية، وإحالة المدان منهم إلى القضاء، ومنح الحقوق المدنية والإنسانية للبدون كافة، وأن تنفذ هذه المطالب ولا تبقى مجرد أقوال فقط.
وكان مساعد الشمري الأمين العام لتجمع "الكويتيين البدون"، قد أكد في وقت سابق أنهم لا يتمنون الصدام مع رجال وزارة الداخلية، التى تعرف خلفيات المشاكل التي ستنجم، بالإضافة إلى تواجد قوى طلابية وشبابية ومجاميع من المؤسسات المدنية الناشطة في مجال حقوق الإنسان وأعضاء من منظمة "هيومن رايتس" لمراقبة الأحداث وتسجيل جميع الملاحظات التي قد تحدث وتخالف حقوق الإنسان.
من هم البدون؟
والبدون أو غير محددي الجنسية أو مقيم بصورة غير شرعية هم فئة سكانية تعيش في الكويت ولا تمتلك أي جنسية، ومعظم "البدون" يخدمون في سلكي الجيش والشرطة في الكويت قبل إقدام العراق على غزو الكويت سنة 1990 ، وتعتبر قضية البدون من القضايا المؤثرة بشكل كبير على سجل الكويت في حقوق الإنسان.
ويعرف البدون بهذا الاسم نسبة لكونهم "بدون جنسية" أي عديمي جنسية، التسمية القانونية لهم هي مقيم بصورة غير شرعية حيث تعنى بهم اللجنة التنفيذية لشئون المقيمين بصورة غير قانونية.
وأقر مجلس الأمة الكويتي في مايو من العام 2000 تعديلا قانونيا نص على أن أفراد فئة "البدون" الذين يريدون التقدم بطلب اكتساب الجنسية لابد أن يكونوا مسجلين في إحصاء عام 1965، ولابد أن يثبتوا أنهم أقاموا في الكويت بصفة مستمرة منذ ذلك الحين، وهو مالم يتحقق حتى الآن.
تعداد "البدون"
ويحمل أكثر من 49 ألف من فئة غير محددي الجنسية إحصاء سنة 1965 ويبلغ تعداد فئة غير محددي الجنسية في الكويت طبقا لبيانات هيئة المعلومات المدنية 220 ألف نسمة في يونيو 1985 في حين يعتقد البعض أن العدد الحقيقي هو أربعة أضعاف هذا العدد أي حوالي 400 ألف نسمة قبل غزو الكويت عام 1990، ثم انخفض تعدادهم إلى حوالي 118 ألف نسمة وفقا لآخر الإحصائيات في إبريل 1991، في حين يقدر تعداد من بقي من البدون في نهاية التسعينيات داخل الكويت ب 120 ألف نسمة، منهم 55% من دون سن الخامسة عشرة، ويصل معدل الإعالة في عائلاتهم إلى 7 أفراد في المتوسط، وتبلغ نسبة من هم دون التعليم المتوسط 87% حالياً، حيث ازدادت نسبة الأمية في صفوفهم بعد عام 1990.
بينما تقدر منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومان رايتس ووتش" عددهم في تقرير عام 2000 ب 120 ألف نسمة، كما يوجد عدد كبير منهم في المهجر في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.
مواد متعلقة: 1. تجدد مظاهرات "البدون" في الكويت 2. البدون فى الكويت يشعلون الشموع من اجل حل سلمى لقضيتهم 3. الداخلية الكويتية تدين أعمال الشغب من قبل فئة "البدون"