انتهى لقاء الرئيس الدكتور محمد مرسي منذ قليل مع المثقفين والفنانين، والذي حضره الفنان والناقد عز الدين نجيب، الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب، الفنان عادل إمام ومحمد صبحي، الكاتبة إقبال بركة، الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، الكاتب السيد يس، والمخرج خالد يوسف وآخرين. أكد عز الدين نجيب في تصريح خاص ل"محيط" أن اللقاء في مجمله كان مقبولا، ورسالة مطمئنة تمتص حالات الخوف والغضب في بعض جوانب واتجاهات المثقفين. وقال أن الجلسة كما توقع منذ البداية هي إعلان نوايا حسنة من جانب الرئاسة وليس النظام تجاه الثقافة والإبداع، ومحاولة لاستقطاب المثقفين إلى جانب مؤسسة الرئاسة، ربما قد يتم في المستقبل البناء عليها، ولكن لم يصرح الرئيس بأي مشروعات عملية لتحقيق مطالب المثقفين. وأشار نجيب إلى أن أكثر من تحدثوا في اللقاء هم: أحمد عبد المعطي حجازي، السيد يس، محمد صبحي، عادل إمام، إقبال بركة، خالد يوسف. مؤكدا انه لم تتح له فرصة الحديث؛ لأنه لو كان المتحدين تخلوا قليلا عن شهوة الكلام والإطالة لأتاحوا الفرصة لضعف هذا العدد من طالبي الحديث. وقال نجيب أن اللقاء استهل بكلمة طويلة للرئيس تحمل دراية طيبة بالنسبة للثقافة والمثقفين، وللوحدة الوطنية، وللمشاركة الإيجابية في دفع سفينة مصر نحو المستقبل، بالرغم من الخلافات والتناقضات بين هذه التيارات والقوى على ألا تكون متنافرة، وأن مصر بتاريخها وحاضرها مليئة بالإمكانيات والطاقات سواء الإبداعية أو المادية أو التقاليد الديمقراطية. وأكد الرئيس أن مصر دولة حديثة بكل معنى الكلمة بما تتضمن صفات الدولة المدنية والديمقراطية، وتداول السلطة. وأشاد د. مرسي بدور المثقفين والمبدعين في الماضي والحاضر، وقال أن مصر كانت دائما هي الرائدة في المنطقة في بث طاقات الفكر والثقافة في العالم العربي، وتمنى على المثقفين أن يتمسكوا بهذه الفرصة اليوم للعطاء والمشاركة دون مخاوف أو حسابات. وتعهد أنه سوف يكون حاميا ومناصرا طالما أن الكل يتطلع إلى نهضة الوطن. وأوضح نجيب أن الرئيس أعطى إشارتين في غاية الذكاء في بداية كلمته، الأولى كانت مغازلة للفنان عادل إمام حيث ألق عليه التحية وسأله عن رأيه في كلمته التي ألقاها. أما الثانية فكانت بسؤاله عن حضور الدكتور حسن حنفي الذي أشاد بدوره، بل وداعبه بالقول بأنه لديه من التلاميذ من يتنوعوا في اتجاهاتهم بين اليمين واليسار. ووصف نجيب الحوار الذي فتح بعد كلمة الرئيس بأنه أكثر ما شاهده من عدم تنظيم؛ حيث تولى سلماوي إدارة الحوار بناء على اقتراح من رئيس الجمهورية على الرغم من وجود وزير الإعلام، وكان يراعي موائمات لإعطاء الفرصة للمتحدثين كشخصيات عامة أو ممثلين أكثر من مراعاته لأولوية المتقدمين لطلب الكلمة وكان نجيب بين هؤلاء، ومع ذلك لم يتح له الفرصة للحديث. إلى جانب أن عدد ليس قليل ممن تحدثوا فرضوا أنفسهم على الميكروفون بدون الأذن بالحديث.
ونوه نجيب أن من حصلوا على الكلمات أفرطوا في الثرثرة، وكان أغلبهم من الرجال، ما دفع إقبال بركة إلى الاحتجاج ووصف الجلسة بأنها تدار بأسلوب ذكوري متجاهلة وجود شخصيات نسائية عديدة من الحاضرين. أما مضامين أغلب الكلمات فركزت على المناخ السياسي والمخاوف من هيمنة الدولة الدينية، والمطالبة بتحقيق الديمقراطية بشكل سليم، إلى جانب ضمانات حرية التعبير وحماية الفنانين من تطاول الدعاة على القنوات الفضائية، وهي النقطة التي تحدث فيها عادل إمام ومحمد صبحي، كما قال نجيب. بينما تحدث خالد يوسف عن المعتقلين الذين مازالوا يحاكمون بمحاكمات عسكرية، لكن الرئيس طمئن بسرعة الإفراج عنهم جميعا، إلا من تمت ضده أحكام فهؤلاء أمامهم النقد، وسوف يشجع على تبتير ملفات النقد لهم بتحديد جلسات سريعة.
كما تحدث البعض في قضايا الفن والحريات وضرورة اهتمام الدولة بمسئولياتها في ذلك. لكن ما لم يتحدث عنه أي من الحضور، والذي كان ينوي عز الدين نجيب الحديث عنه هو تمثيل الفنانين والمبدعين في لجنة التأسيسية لوضع الدستور، وضرورة وضع ضمانات دستورية قاطعة لحرية التعبير وللهوية المصرية، ولأحقية الشعب في الثقافة باعتبارها ضرورة من ضرورات المجتمع تستحق الدعم مثل الخبز والتعليم والصحة وغيرها. وقال نجيب أنه كان يتمنى أن يتطرق أحد المتحدثين عن أحد قضايا التخطيط الثقافي للمستقبل، وأن يكون هناك إستراتيجية طويلة المدى من عشر إلى عشرين عاما لشكل العمل الثقافي في مصر، والمشروع الثقافي الذي تتبناه الدولة وباقية المثقفين. وتمنى نجيب الحديث عن إنشاء مجلس أعلى للحرف التقليدية الذي نادى به منذ قيام ثورة 25 يناير لإنقاذ الحرف التراثية من الاندثار، ودفع الدماء في الاقتصاد المصري من خلال تطوير هذه الحرف وتسويقها، فضلا عن أهميتها الثقافية كتعميق للهوية المصرية ورفع مستوى التذوق الجمالي. كما كان ينوي عز الحديث عن المشهد العشوائي للحياة في مصر الآن من الناحية المعمارية والعمرانية، وغياب أي مشروع للتنمية الجمالية في الشارع، وهو ما كان يمكن أن يتحقق بقرار مباشر من رئيس الجمهورية تم إيداعه منذ عدة عقود في مجلس الشعب ولم يفرج عنه حتى الآن.