أ ش أ- أوصت لجنة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المكلفة بإعداد ملف وثائقي حول ملابسات اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بتكليف المجموعة العربية بإضافة بند على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة حول هذا الموضوع. وأوضت لجنة الأمانة أيضا بإعداد مشروع القرار اللازم على أن يكون مختصرا ويركز على طلب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقق من أسباب وفاة الرئيس عرفات وإجراء الاتصالات الدبلوماسية اللازمة لضمان حصول هذا القرار على أكبر قدر من التأييد.
جاء ذلك في تقرير للجنة تم رفعه لمجلس وزراء الخارجية العرب وبدأ مناقشته في جلسة خاصة للمجلس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن.
كما أوصت اللجنة في تقريرها الذي حصلت عليه وكالة أنباء الشرق الأوسط بالتعاقد مع أحد مكاتب المحاماة الدولية وأحد مكاتب المحاماة الفرنسية وإجراء الاتصالات اللازمة مع السيدة سهى عرفات بشأن تنسيق التحرك الخاص بالقضاء الفرنسي وكذلك بحث إمكانيات اللجوء إلى القضاء الوطني للبدائل الأخرى، بتكليف مكتب محاماة دولي بدراسة بدائل التحرك في حال اعتبار هذه الجريمة جريمة حرب.
وخلصت اللجنة إلى أنه من قراءة الوثائق المتوفرة لديها تبين أنه لا توجد أدلة دامغة على تسمم الرئيس عرفات ولكن توجد مجموعة قرائن تراكمت على مدى السنوات الماضية وأدت التقارير الأخيرة إلى تزايد الشكوك التي كانت موجودة في البداية والتي كانت تشير بأصابع الإتهام إلى أن إسرائيل كانت وراء وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل.
وأوضحت اللجنة أن الدكتور عبد الله البشير رئيس اللجنة الفلسطينية المكلفة بالتحقيق في اغتيال عرفات أكد أن التقرير الطبي الفرنسي لم يتمكن من التوصل إلى سبب معروف للحالة المرضية التي أدت إلى الوفاة والتطورات المرضية لا يمكن تفسيرها وفق علم الأمراض، كما أن الأعراض لا تتفق مع مرض معروف لديهم.
وأكد البشير أن مادة "البولونيوم" موجودة في الطبيعة ولكن البولونيوم غير المدعوم مادة مشعة نادرة وغاية في الخطورة وشديدة الفتك نتيجة لإصدارها جسيمات ألفا التي تقضي على جهاز المناعة في جسم الإنسان، ويتطلب البولونيوم غير المدعوم بهذه الكميات الكبيرة معدات ووسائل غاية في التعقيد للتعامل معه، لافتا إلى أنه من الممكن أن يكون تسميم عرفات تم بمادة أخرى.
ووفقا للبشير فإن معهد الفيزياء الإشعاعي السويسري أبدى اهتمامه بهذا الموضوع واستعداده لتحليل عينات من رفات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، كما أكد أهمية إنشاء برامج مفصلة للتدابير العلمية واللوجستية التي ينبغي إتخاذها قبل البدء بأي عمل ملموس، وطلب المعهد موافقة السلطة الوطنية ومحامي سهى، ووافقت السلطة، فيما لم تصل بعد موافقة محامي السيدة سهى عرفات وأن التحليل سيتطلب عدة أسابيع بعد وصول هذه العينة.
وقالت اللجنة الطبية الفلسطينية وخبراء السموم والعلماء إن الرئيس عرفات تسمم وإذا تبين بعد فحص الرفات بأن البولونيوم هو السم، فبهذه النتيجة نكون وصلنا إلى الحقيقة وإذا لم يكن البولونيوم فالاعتقاد هو أن مادة أخرى غير البولونيوم استخدمت ونأمل أن تتم الإجابة على هذا السؤال والتعرف على المادة السامة.
وأشار التقرير في إطار عرضه لتدهور الحالة الصحية للرئيس عرفات إلى أن طبيبه أشرف الكردي طلب تقريرا من الطواقم الطبية التي عالجته وذلك قبيل نقله إلى فرنسا، وبينت التقارير أن نقص أقراص الدم "الصفيحات الدموية" لديه لم يحدث نتيجة وقف إنتاجها الدم في النخاع بل من هدم الأقراص في الدورة وطرح الأطباء احتمالات الفشل المناعي أو التسميم.
وأضاف التقرير أن الدكتور فرنسو بوتشد من المعهد السويسري للفيزياء الإشعاعية عكف على تحليل مادة البولونيوم 210 في متعلقات الرئيس الفلسطيني الراحل الشخصية "فرشاة الأسنان والقبعة التي كان يرتديها عند مغادرته رام الله وبقع الدم على غطاء الرأس الذي يرتديه في المستشفى"، وعثر فيها على مستويات عالية من البولونيوم غير المدعوم على العينات بنسبة تعدت 60% ، لافتا إلى أن النسبة الموجودة في متعلقات عرفات هي نفسها التي عثر عليها في حالة العميل الروسي الذي تم اغتياله في بريطانيا ليتفيننكو.
وذكر التقرير أنه لا يوجد دليل طبي لتسمم عرفات سوى نتائج تقرير معهد الفيزياء الإشعاعية بلوزان بسويسرا، إلا أن السيد دارسي كريستين المتحدث باسم المعهد صرح بأن الأعراض الإكلينيكية المذكورة في التقارير الطبية لعرفات لا تتناسب مع البولونيوم 210 وأنه لا يمكن استخلاص نتائج فيما يتعلق بما إذا كان جرى تسميم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الراحل أم لا.
واقترح تقرير اللجنة مسارين للتحرك لإجلاء الحقيقة موصيا بالتحرك عليهما معا، والمساران هما التحرك من خلال الآليات والطرق الدولية، والثاني من خلال القضاء الوطني.
وفي هذا الإطار، أوصت اللجنة بالتوجه للقضاء الفرنسي من قبل شخصية ذات قرابة بالرئيس الراحل مثل قرينته أو ابنته أو السيد ناصر القدوة لرفع دعوى أمام القضاء الفرنسي، ولجأت السيدة سهى عرفات بالفعل إلى هذا الإجراء، ويمكن دعمها في هذا الاتجاه سواء من قبل الجامعة العربية أو السلطة الوطنية الفلسطينية أو كليهما.
وفي هذا السياق، اقترحت اللجنة إمكانية التعاقد مع أحد مكاتب المحاماة الدولية أو أحد مكاتب المحاماة الفرنسية وإجراء الاتصالات اللازمة مع السيدة سهى عرفات بشأن تنسيق التحرك الخاص بالقضاء الفرنسي.
كما اقترحت اللجنة التحرك من خلال الآليات والأطر الدولية بالتوجه إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو مجلس حقوق الإنسان لتشكيل لجنة مستقلة ومحايدة للتحقيق في ملابسات اغتيال عرفات وتكليف المجموعة العربية ببذل الجهود لضمان أكبر تأييد ممكن لهذا القرار، مشيرة إلى ضرورة رصد مبلغ مالي لتغطية تكاليف هذا التحرك سواء كانت من خلال مسار القضاء الوطني الفرنسي أو من خلال تشكيل لجنة دولية مستقلة.
وتوقعت اللجنة أن تستخدم الولاياتالمتحدةالأمريكية حق النقض "الفيتو" ضد أي مشروع قرار يعرض على مجلس الأمن في هذا الشأن، ولذا رأت أنه من الأفضل اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الجامعة العربية بتشكيل لجنة مستقلة ومحايدة على مستوى الأممالمتحدة للتحقيق في اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات تضم شخصيات بارزة ذات كفاءة وبالتعاون مع السلطة الفلسطينية والمؤسسات والمنظمات العربية الدولية قصد معرفة الحقيقة، وعرض نتائجها على الأممالمتحدة.
وطالبت اللجنة في حال اعتماد هذا الخيار أن تعمل الدول العربية على حشد الجهود لضمان تأييد أكبر عدد من الدول لهذا القرار وأن يكون مشروع القرار مختصرا ويركز على طلب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة من أنه تم اغتيال عرفات.
وأشارت اللجنة إلى أنه يمكن عرض الموضوع على مجلس حقوق الإنسان، ولكن من الأفضل الاكتفاء بعرضه على الجمعية العامة في المرحلة الحالية.
ورأت اللجنة بحث إمكانية التعامل مع هذا الموضوع باعتباره جريمة حرب، لافتة إلى أن دوائر دولية عديدة تعتبر عمليات الاغتيال جريمة حرب تنتهك القانون الدولي، وفي حال ثبوته يشكل اغتيال عرفات خرقا واضحا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي أفردت حماية مطلقة للحق في الحياة ضمن مختلف المواثيق الدولية وإسرائيل من الدول المصدقة عليها أو على بعضها على الأقل.
وفيما يتعلق بالتحرك عبر القضاء الوطني .. طرحت اللجنة إمكانية اللجوء للقضاء الفلسطيني أو القضاء الإسرائيلي ورفع دعوى في هذا الشأن وكذلك يمكن اللجوء إلى القضاء الفرنسي.
ولفت التقرير إلى أن المستشفى الفرنسي سلم تقرير الوفاة للسيدة سهى عرفات دون تحديد سبب الوفاة، كما تم التخلص من عينات البول والعرق والدم، بحجة أنه لم يتم طلبها، رغم أنه حسب القانون الجنائي الفرنسي يجب الاحتفاظ بها لمدة عشر سنوات.
مواد متعلقة: 1. فرنسا ترسل قضاة لرام الله لاستخراج جثة عرفات للتحقيق في وفاته 2. السلطة الفلسطينية ترحب بقدوم لجنة التحقيق الفرنسية في وفاة عرفات 3. الوزاري العربي يدعو لإنشاء هيئة أممية مستقلة للتحقيق في اغتيال «عرفات»