احتفت مجلة العربى الكويتية بالأديب محمد المخزنجى، بتخصيص ملف عنه تحت عنوان "المخزنجى.. خمسة وجوه للقمر". كتب فيه إبراهيم فرغلى "قصة البحث عن محمد المخزنجى"، د. داليا سعودى "محمد المخزنجى خمسة وجوه للقمر"، وأشرف أبواليزيد "الرحالة محمد المخزنجى.. جنوبا وشرقا"، د. محمد الشحات عن "القناص والطريدة.. بحثا عن واقعة جديدة فى نصوص محمد المخزنجى"، وحسام فخر "ضد الغربة.. ثلاث ساعات سنويا". وقال المقال الافتتاحى للمجلة: "تحتفل المجلة برحلة من جيل تلا جيل نقولا زيادة، هو الأديب محمد المخزنجى الذى ساهم مع رفاقه فى تجديد دماء الرحلة العربية على صفحات العربى، ومن ثم يتناول محبوه أطرافا من سير إبداعه فى أدب الرحلة وأدب السرد، الذى لم يكن أقل إبداعا أو تميزاً". أما إبراهيم فرغلى فقال فى مقالته: "كنت تعرفت إلى كتابة المخزنجى من أعداد مجلة القاهرة فى عهد الناقد الراحل د. عبدالقادر القط، حين كانت آنذاك منبرا حرا للإبداع. وفيها تعرفت، إضافة للمخزنجى، إلى كتابات قصصية لفاروق خورشيد وإدوار الخراط، ورضا البهات وربيع الصبروت، ومنتصر القفاش وسواهم.
لكن المخزنجى بدا لافتا منذ أولى القصص التى قرأتها له، بداية لأن توقيعه على القصص كانت تجاوره كلمة "المنصورة"، التى كانت تعنى اشتراكنا فى الانتماء لنفس المدينة، بالإضافة، بل وبالأساس لأن تلك النصوص المكثفة الباهرة تعبر عن موهبة لافتة، ومهارة سردية، وحساسية خاصة فى التوغل فى باطن النفس البشرية برهافة، وبانحياز إنسانى وروحى، وإحكام لغوى ودقة لافتة فى اختيار المفردات اللغوية، كان مدار حوارات ونقاشات مطولة بينى وبين أصدقاء ممن اجتمعوا على الإعجاب بالمخزنجى.
ومازلت أذكر نقاشا حول إحكام الجملة الختامية لقصة "هذه المزرعة" التى كان المخزنجى فيها يبدى رصدا واستنكارا فنيا من حالة الانصياع للقهر فى المجتمع، فيما أذكر حتى هذه اللحظة جملة "يفتح يفتح يفتح.. ويهتز بجنون وهو يفتح.. ابدا لم يقفز خارجة من قفصها، ولا تقلقلت دجاجة". ورحنا بانبهار نبحث عن مرادفة كلمة "تقلقلت" فى المعجم، وكيفية استخدامه للكلمة فى الجملة.
وأوضح فرغلى أن إدريس عندما قرأ سؤاله له عن المخزنجى ابتسم بسعادة ثم قال: "المخزنجى ده بالنسبة لى لوحده فى كوم وباقى الكتاب فى كوم آخر".. وأضاف: "أنا بصراحة لا أعرف كيف خلق الله المخزنجى؟ فهو شخص بالغ الحساسية بشكل مدهش". وأضاف أنه موهوب بشكل لافت جدا، وأنه يشعر بالأسف لأنه لم يسبق أن قدمه أو كتب عنه حتى الآن لكنه سيفعل. ولا أظنه قد فعل، فقد توفى يوسف إدريس فى أغسطس من نفس ذلك العام على ما أذكر.
عندما أخبرت المخزنجى عن هذا الحوار فى أول لقاءاتى به ابتسم بسعادة وهدوء، وقال لى إنه ظل على علاقة وثيقة جدا بيوسف إدريس، ولسنوات دون أن يخطر له أن يخبره أنه يكتب القصة.