فى تقديرى الشخصى المتواضع أن العبء الأكبر فى تخلف وإنحطاط الأمم إنما يقع فى الغالب على الحاكم الظالم الذى جعل من وطنه ضيعة خاصة له ولأولاده وبطانته وأقصى شعبه عن المشاركة فى أى دور يساعد على تنمية البلاد بل حوّل المواطن الى مجرد رقم يتاجر به ليربح مكاسب تضاف الى رصيده الشخصى له ولمجموعة المنتفعين من حوله. المشكلة إذن تكمن فى الحكام وليس فى الشعوب المغلوبة على أمرها , والأمثلة كثيرة فى هذا الشأن- فى ماليزيا كانت تجربة (مهاتير محمد) حيث تولى السلطة فى عام1981 واستطاع مع مجموعة من المخلصين ضمن مشروع طموح للتنمية و النهضة أن ينهض ببلاده بالرغم من التركيبة السكانية العرقية المعقدة لماليزيا وسيطرة عرق واحد على مقادير السلطة ,الا أنه استطاع أن ينهض ببلاده ويحقق معدلات نمو مذهلة لتصبح ماليزيا نمراً من النمور الأسيوية القوية ورقماً مهماً على خريطة الاقتصاد العالمى.
فى البرازيل قبل أن يتولى (لولادا سيلفا) مقاليد السلطة فى 2002 كانت البلاد على مشارف الافلاس وكان الفساد المالى والادارى يضرب بجذورة فى كل مكان, ولم نعد نسمع عن البرازيل سوى فى كرة القدم والبن البرازيلى ,فكان دورالقيادة الفريدة فى تفجير طاقات القوة البشرية للشعب البرازيلى وحولها من عبء الى مورد للدخل القومى والثروة ضمن منظومة عمل من الكفاءات كل الذى يجمعهم فى تلك المنظومة هو (الاخلاص) فكانت النتيجة المركز الثامن عالمياً ضمن أقوى اقتصاديات العالم تخطت فيها دولاً أوروبية كثيرة.
نفس الشىء تقريباً حدث فى تركيا مع حزب العدالة والتنمية بقيادة (رجب طيب أوردوغان) وفى نفس العام2002 بعد أن عشش الفساد فى كل مفاصل الدولة ,فاهتم أردوغان بمكافحة الفقربالقضاء على العشوائيات وتنمية الريف باستثمار الانسان التركى, ومضى فى طريق النهضة حتى صار الاقتصاد التركى يتراوح بين المرتبتين السادسة عشرة والسابعة عشرة عالمياً والخامس أوروبياً والثالث عالمياً من حيث معدلات النمو.
قال أحد الصالحين عن الحاكم الصالح " نحن فى حاجة إلى زعماء بلا مجد وبلا شهرة وبلا بريق.... فى حاجة إلى جنود مجهولين ... فى حاجة إلى فدائيين حقيقيين لا يعنيهم أن تصفق لهم الجماهير , ولا يعنيهم أن تكون أسماؤهم على كل لسان وصورهم فى كل مكان... نحتاج الى قيادة ذات هدف أبعد من إسترضاء الجماهيرومن تملقها, هدف ثابت تتجه إليه فى قوة وفى ثقة وفى يقين حتى ولو انصرفت عنه الجماهير."
فالشعوب فى تلك الدول لم تتغيرلكن الحكام هم الذين تغيروا , ولا يوجد شعب فى التاريخ ليس لديه استعداد للنهوض والتقدم فعندما يتوافرالحاكم الذى يستثمر طاقات البشرويستغل موارد وثروات الشعب تكون المحصلة النهائية فى صالح الاثنين والفائزهوالوطن.. أما فى مصرفنحن مقبلون على نهضة حقيقية وتغييرللأفضل بإذن الله بشرط تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية والقفزعلى الخلافات الأيدولوجية ونبذ الفرقة ذلك أن استمرار الاستقطاب وتربص التيارالليبرالى المستمربالرئيس المنتخب وحزبه وكل من ينتمى الى التيار الاسلامى بهدف افشال التجربة فالخطريتهدد الوطن كله وليس فصيل بعينه وعندما تنجح التجربة فذلك نجاح للوطن حيث أن الدول سالفة الذكر(ماليزيا والبرازيل وتركيا) لم تنهض إلا بتكاتف شعوبها خلف قيادتها ولست أقصد هنا الإذعان والإستسلام بل تعنه حين يصيب وتقوّمه حين يخطىء.