تصاعد مؤخرا التوتر السياسي بين صنعاء وطهران بعد اتهام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إيران بالتدخل في شؤون بلاده، بالتزامن مع إعلان السلطات اليمنية القبض على "خلية تجسس إيرانية" يديرها قائد في الحرس الثوري الإيراني. ويبدو أن النبرة الحادة التي تحدث بها الرئيس اليمني في قاعة الكلية الحربية بصنعاء عن "تدخل إيراني" وتلويحه ب"رد مؤلم"، قد دفع طهران إلى محاولة تلافي تداعيات سلبية عبر إرسال مبعوث خاص من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس إلى صنعاء.
وقال مبعوث الرئيس الإيراني نائب وزير الطاقة مسعود حسيني إثر حلوله بمطار صنعاء الدولي إنه قدم في زيارة رسمية تستغرق أياما لتسليم الرئيس اليمني رسالة من نظيره الإيراني تتضمن دعوة رسمية للمشاركة في قمة عدم الانحياز التي ستعقد في إيران.
مقاطعة " عدم الانحياز"
وفي هذا الاطار ، قالت مصادر دبوماسية رفيعة في العاصمة اليمنية صنعاء أن الرئيس عبد ربه منصور هادي لن يشارك في قمة دول عدم الانحياز التي ستعقد في طهران طهران خلال أيام.
وقالت المصادر أن قرار الرئيس هادي يأتي احتجاجا على "الدور الإيراني السلبي في اليمن"، حيث تقرر خفض مستوى تمثيل اليمن في القمة إلى ادني من وزير الخارجية.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، لصحيفة "البيان" الاماراتية ، إن هادي قرر "عدم المشاركة في قمة عدم الانحياز بعد أن رفض استقبال المبعوث الشخصي للرئيس الإيراني احمدي نجاد وأمر بخفض مستوى تمثيل اليمن في القمة إلى اقل من وزير الخارجية".
ومن جانبه ، أبدى جيرالد فايرستاين السفير الأمريكي في اليمن قلق بلاده من أي تدخلات إيرانية أو أجنبية في اليمن مستغلة حالة الانقسام التي يعانى منها المجتمع اليمنى حالي.
وقال في تصريحات بصنعاء أمس أن بلاده ستكون قلقة للغاية تجاه أي تدخل أجنبي في اليمن يهدف إلى خلق مشاكل أمنية أو سياسية مستغلا الانقسامات الحاصلة هنا لتحقيق نتائج سلبية، وجاء ذلك ردا على ما يتردد حول تدخلات إيرانية في اليمن.
وكشف ناشط يمني في "الحراك الجنوبي"، أن التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لليمن تزايد بعد الربيع العربي.
و أكد أن الإيرانيين "يبحثون عن موطئ قدم بشبه الجزيرة العربية للضغط على السعوديين، وليكونوا قريبين من مضيق باب المندب بحال نشوب حرب مع الأميركيين".
وتابع قوله إن "الكثير من شباب الحراك الجنوبي يغادرون اليمن بهدوء للتدرب في إيران، ضمن أعداد صغيرة، ولا أعتقد أن الإيرانيين يدربون جيشاً هناك لأننا لسنا بحاجة إلى التدريب العسكري، وأظن أنهم يجنّدون هؤلاء الشبان ليكونوا عملاء لوكالاتهم الاستخبارية في اليمن". متسائلاً: "لماذا تحتاج إلى تجنيد عميل في ثورة؟ ساعد الثورة وسيأتي الشعب كله لمساعدتك".
وعلى صعيد متصل وقفت دول التعاون الخليجي بقوة بجانب اليمن في خلافها مع إيران على خلفية شبكة التجسس التي تم اكتشافها مؤخرا.
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف بن راشد الزياني عن "مساندة دول مجلس التعاون وتأييدها لكل الخطوات والجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية لتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ووحدته واستقلاله".
وأضاف المجلس في بيان له : "إن جهود الحكومة اليمنية لتعزيز أمن اليمن واستقراره ومكافحة الحركات الإرهابية على الأرض اليمنية ومساعيه المخلصة لإعادة عجلة البناء والتنمية تتطلب مواصلة الدعم الدولي لليمن من أجل مساعدته على تجاوز هذه المرحلة المهمة في تاريخه تحقيقا لتطلعات وإرادة الشعب اليمني".
وأعلنت صنعاء أنها بصدد اتخاذ إجراءات دبلوماسية ضد إيران قد يكون من بينها استدعاء السفير اليمني في طهران.
ووجَّه رسالة شديدة اللهجة لإيران قائلاً: "ارفعوا أيديكم عن اليمن، فلن يكون ألعوبة بين أيديكم، وستدفعون الثمن غاليًا".
ورأى محللون أن زيادة التوتر بين طهران وصنعاء مرتبط بالوضع في سوريا التي تعد إيران حليفا إستراتيجيا لها، في وقت تسعى فيه طهران عبر جماعات مسلحة متحالفة معها إلى إيجاد موطئ قدم لها في اليمن.
وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية نبيل البكيري "لا شك أن الرئيس اليمني تعرض لضغوط سعودية دفعته لمواجهة التوغل الإيراني في الساحة اليمنية, ووقف نشاط الجماعات والقوى التي تعمل لإجهاض تنفيذ المبادرة الخليجية، سواء جماعة الحوثي في صعدة أو بقايا النظام السابق، أو الحراك الانفصالي في الجنوب".
وأضاف أن تصريحات هادي جاءت لتؤكد أن تحركات إيران التجسسية مراقبة، وأن محاولة عرقلة المرحلة الانتقالية باليمن ستفشل، وأن على طهران أن تدعم استقرار اليمن وأمنه ووحدته بدلا من ضرب استقراره.
وقال إن التدخل الإيراني في اليمن بات واضحا من خلال ظهور أحزاب وقوى وقنوات فضائيات وصحف وإذاعات، جميعها تموّلها طهران، وتعمل علنا وفق الأجندة المعارضة للمبادرة الخليجية وضد رعاتها الأساسيين، الولاياتالمتحدة والسعودية.
واعتبر البكيري أن التدخل الإيراني في اليمن يحاول تكريس الطائفية المذهبية والمحاصصة السياسية على غرار ما يجري في لبنان والعراق.
وأكد أن تمويل طهران لتيارات في اليمن إلى جانب التدريب العسكري وتكوين مليشيات مسلحة سيؤدي إلى انفجار في شمال اليمن أو جنوبه في أي لحظة.
السعودية تحتج
ويأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه مصدر دبلوماسي يمني أن السلطات السعودية قد عبرت عن استيائها من موقف الحكومة اليمنية في التعاطي مع التمدد والتوسع الحوثي في المناطق الواقعة على الحدود اليمنية السعودية، مستغربة أيضاً من موقف الحكومة اليمنية من توسع النفوذ الإيراني في اليمن.
وأشارت المصادر الدبلوماسية إلى أن الرياض باتت تشعر بأن الحكومة اليمنية تتعامل مع هذا التمدد الحوثي والانتشار في المناطق الحدودية بين اليمن والمملكة بنفس تكتيكات وعقلية النظام السابق، وتستخدم نفس الأسلوب في التعامل مع هذه القضية.
وأفاد الدبلوماسي أن المعطيات والمعلومات التي لدى السلطات في المملكة حول هذا التعاون والتنسيق بين حركة الحوثي وقيادات بارزة محسوبة على النظام السابق يستهدف المملكة العربية السعودية أيضاً.
مواد متعلقة: 1. الرئيس اليمني يتوعد تنظيم القاعدة بحرب يشارك فيها الجيش وقوات الأمن 2. الرئيس اليمنى ينفى تمديد فترة رئاسته 3. مصادر دبلوماسية : الرئيس اليمني منصور هادي لن يشارك في قمة طهران