قدر خبراء حصيلة تبرعات المصريين في شهر رمضان بنحو 330 مليون دولار أمريكي، معتبرين أن وسائل الإعلام لها دور مؤثر في ارتفاع معدل الإنفاق الخيري في الشهر الكريم. وفي الوقت نفسه، انتقد إعلاميون ومنظمات حقوقية ظاهرة الإعلانات الداعية لجمع لتبرعات، معتبرين أنها "تلعب دورا في نشر ثقافة التسول".
وقال عبد الحافظ الصاوي، الخبير الاقتصادي، لمراسل وكالة الأناضول للأنباء، إن هناك دراسة حديثة أجراها مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء قدرت ما ينفقه المصريين من زكاة خلال الشهر الفضيل بنحو 1.8 مليار جنيه "300 مليون دولار أمريكي"، مضيفا أن تقدير الإجمالي المنفق على موائد الرحمن بلغ نحو 200 مليون جنيه "30 مليون دولار أمريكي".
وقدرت الدراسة عدد موائد الرحمن على مستوى البلاد بنحو 13 ألف و555 مائدة، وتراوح عدد المترددين على موائد الرحمن يوميا ما بين 1.8، و 1.9 مليون فرد، كما أن 87% من موائد الرحمن ينظمها أفراد بينما 13% تابعة لمؤسسات خيرية.
وحدد الصاوي مجالات الإنفاق الخيري في رمضان بالقول: هناك أربعة أنواع للعطاء الخيري وهي؛ زكاة، صدقات أو مساعدات، تبرعات، موائد رحمن، مشيرا إلى أن الإعلام لعب دورا هاما في تحفيز الناس على فعل الخير، عبر إعلانات مؤسسات العمل الخيري والتي زادت نسبتها بشكل ملحوظ هذا العام في التلفزيون والصحافة.
وأضاف: الأمر لم يقتصر فقط على المؤسسات الخيرية التي تقدم مساعدة للمرضى والفقراء، بل تجاوز إلى المؤسسات البحثية والعلمية مثل جامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا.
وأوضح الباحث الاقتصادي بمركز دعم واتخاذ القرار المصري أحمد سليمان، أن 75% من أموال التبرعات تنفق في صورة نقدية، مشيرا إلى هناك استهداف من المتبرعين للفقراء، حيث أن أوجه الإنفاق تتمحور في معظمها على مساعدة الفقراء والمحتاجين، أو مساعدة الفتيات اليتامى على الزواج، بنسبة 55.6% من نسبة الإنفاق.
وأضاف: تأتي دور العبادة في الترتيب الثاني من حيث أوجه الإنفاق بنسبة 23%، وتأتي الجمعيات الشرعية في المركز الثالث بنسبة 11.9%، ثم بناء المستشفيات في المركز الرابع بنسبة 7.9%، وتذهب النسبة المتبقية المقدرة ب1.6% في مصارف أخرى متنوعة.
ومن أشهر المؤسسات التي تتلقى تبرعات في شهر رمضان، بنك الطعام والذي يقوم بتوزيع وجبات على الأسر المحتاجة بمعدل قدره 200 ألف أسرة سنويا بما يوزاي مليون فرد.
كما تعد جمعية "رسالة" من أكبر الجمعيات الخيرية في مصر، ولها 50 فرعا على مستوى الجمهورية، وتمارس ما لا يقل عن 16 نشاطا خيريا يعمل به آلاف المتطوعين من جميع الأعمار.
وتنشط مستشفى "57357 " ، وهي مستشفى متخصص في علاج سرطان الأطفال، في حملتها الإعلانية في رمضان حيث تعتمد على المساعدات والتبرعات المالية والعينية وتقدم خدماتها للأطفال بالمجان.
وشهد هذا العام اتجاها جديدا في مجال التبرعات وهو المقدم للبحث العلمي، حيث لوحظ وجود حملة إعلانية منتشرة لتقديم التبرعات لجامعة "زويل" للعلوم والتكنولوجيا، ويتم الاستعانة بشخصيات بارزة في المجتمع مثل مفتي الجمهورية وغيره لحث المصريين على التبرع ، وربط تقديم الدعم لهذه الجامعة بعبارة "حتى تكون مصر على الخريطة".
كما استمرت للعام الثاني حملة إعلانية للتبرعات لصالح مستشفي القلب بأسوان لمؤسسها جراح القلب العالمي المصري الأصل مجدي يعقوب.
على صعيد متصل، انتقد عدد من الخبراء في مجال الإعلام ظاهرة التبرعات في رمضان حيث وصفها البعض بظاهرة "التسول الإعلامي" في رمضان.
فيما ندد آخرون باستخدام الأطفال المرضى كمادة إعلانية في الإعلانات التي تستهدف جمع تبرعات لمشروعات خيرية، واعتبروها متاجرة بالمرض ووسيلة لنشر ثقافة التسول والإعانة والاعتماد على الغير.
وقال صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: مثل هذه الإعلانات تساعد على نشر ثقافة التسول في المجتمع، وانتقد استخدام الأطفال والمرضى كمادة إعلانية لجمع التبرعات.
واستنكرت الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، في بيان صحفي لها أمس الخميس: "الاستغلال السافر للطفل المصري في الإعلانات الذى ظهر جليا فى شهر رمضان المبارك عن طريق ظهور بعض الأطفال المرضى في إعلانات تهدف إلى استدرار عطف المشاهد بواسطة إعلانات مدفوعة الأجر بغرض حث المشاهد على التبرع لبعض الجهات الخيرية، والتي تقدم خدمات لأطفال معاقين أو مرضى".