تستمر السياحة الطبية في الشرق الأوسط في النمو بسبب ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وزيادة فترات الانتظار، وبخاصة في الولاياتالمتحدة وأوروبا. فسوق الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي تسير على الطريق الصحيح للنمو بنسبة 11.4٪ سنوياً إلى 44 مليار دولار حتى عام 2015، خاصة مع بروز مدن الرعاية الصحية المتخصصة وغيرها من مشاريع المستشفيات الضخمة في المنطقة، ما يمهد الطريق لقدوم السياح لغرض العلاج.
بالنسبة للمقتدرين مادياً، فإن الأردن والإمارات العربية المتحدة هي أفضل وجهات السفر الطبية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وفقاُ لجوزيف وودمان، مؤسس Patients Beyond Borders.
ويضيف وودمان، "قد تكون كلفة الاستشفاء في هذه الدول أعلى مما هي عليه في الهند أو ماليزيا، ولكن دول مجلس التعاون الخليجي تقدم الرعاية الصحية الممتازة، وما زال بإمكان المرضى التوفير ما بين 20-40٪ من تكلفة الرعاية الصحية في الولاياتالمتحدة، أو عبر الرعاية الاختيارية في أوروبا".
"غالباً ما يختار بعض المرضى طبيباً أو متخصصاً يفضلونه، سيّما في مجال الجراحة التجميلية وطب الأسنان الترميمي. لكن البعض الآخر يسافر على أي حال، وغالباً ما تجمع الرحلة بين الأغراض العملية والترفيهية بالإضافة إلى الرعاية الطبية".
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة وجهة رائدة في مجال السياحة الطبية في الشرق الأوسط، وتتوقع عائدات تصل إلى 6,1 مليار درهم بشكل رئيسي داخل مدينة دبي الطبية التي ما زالت تشكل ملاذاً آمناً لسياح الرعاية الصحية في المنطقة، باستقبالها حوالي 50,000 مريض في عام 2011 - بزيادة نسبتها 10 ٪ عن العام السابق.
"تبدو الأرقام متشابهة في ارتفاعها في جميع أنحاء دبي، بما في ذلك أبوظبي. معظم المرضى الأجانب الذين يزورون دولة الإمارات العربية المتحدة يأتون من الدول المجاورة حيث فرص الحصول على رعاية جيدة محدودة أو معدومة - على سبيل المثال قطر وسلطنة عمان والدول التركمانية - ومن إيران والعراق وليبيا"، كما يشرح وودمان.
تتطلع سلطنة عُمان الآن إلى الحصول على عائدات أعلى من السوق بعد الانتهاء من تشييد المدينة الطبية لمجموعة إيبيكس الطبية والبالغة تكلفتها مليار دولار في عام 2014. المجمع الواسع يشمل مستشفىً بسعة 530 سرير ومركز زراعة وإعادة تأهيل ومركز للتشخيص والوقاية ومنتجع للرعاية الصحية والتعليم. العمل جارٍ أيضاً على جزيرة دلمونيا الصحية البالغة مساحتها 1,250,000 متراً مربعاً.
قرض من صندوق النقد الدولي لحماية السياحة العلاجية في الأردن
الأردن هو أيضا مركز رئيسي للسياحة الطبية حيث استقبل 234,000 سائحاً للعلاج مسجلاً إيرادات بلغت مليار دولار في عام 2010. لكن المملكة واجهت تراجعاً بنسبة 30٪ في العام التالي، وذلك بسبب الربيع العربي، حيث أن 86٪ من السياح هم من بلدان الشرق الأوسط المجاورة.
يقول وودمان لموقع، "بعد التراجع الذي شهدته السنوات القليلة الماضية، شهد الأردن ارتفاعاً حاداً في السياحة العلاجية خلال النصف الأول من عام 2012. معظم المرضى من المنطقة يأتون من إيران والعراق وليبيا".
على الرغم من وجود عقبات كبيرة، فإن هذا النمو يحدث ويتوقع أن يستمر بعد أن توصل صندوق النقد الدولي الى اتفاق أولي لقرض بقيمة ملياري دولار مع الأردن في ختام شهر يوليو.
الأردن، الذي كان يعاني من ارتفاع أسعار النفط وبطء التعافي من الربيع العربي، يواجه الآن توترات سياسية اقليمية بسبب سوريا ومصر، الأمر الذي سيبطئ نمو السياحة - ولكن من المتوقع أن يسفر طلبه للحصول على المساعدة المالية عن استمرار النمو.
المساعدات المالية ليست منفصلة عن خدمات الرعاية الصحية، على الرغم من أن البيان الصادر عن متحدث باسم صندوق النقد الدولي بأن موظفي صندوق النقد الدولي وافقوا على دعم جدول أعمال الأردن للدمج المالي بشكل مقبول اجتماعياً. [القرض] سيوفر السيولة خلال السنوات الثلاث المقبلة، الذي سوف يتيح للسلطات تنفيذ جدول أعمالها تدريجياً".
دول مجلس التعاون الخليجي التقدمية مع بنية تحتية جيدة وخدمات الرعاية الصحية للمرضى حريصة على الحفاظ على تقديم الرعاية للمواطنين والسكان المحليين داخل البلاد، بدلاً من توجههم الى تايلاند وألمانيا والولاياتالمتحدة وغيرها من الوجهات الرائجة.
لكن ارتفاع السياحة الطبية الواردة سيضيف ضغوطاً إضافية على قاعدة رقيقة بالفعل من الأطباء والمتخصصين، التي كان اجتذابها والاحتفاظ بها في المنطقة يعتبر تحدياً، إلا إذا استطاعت السلطات الطبية توفير الحوافز للاحتفاظ بها.