مركز "محيط" للدراسات السياسية والإستراتيجية كتبها أحمد صالح
من المعلوم إن الإحتلال الأمريكي في العراق هدفه التدمير لا التعمير وأن كل الأفعال التي تصدر عن المحتل تهدف بالدرجة الأساس إلى خدمة المصالح والشركات الأمريكية إضافة إلى تدمير ونهب الثروات للبلد المحتل وهو العراق.
وفي لعبة الإنتخابات والدستور التي نجح فيها الأمريكان إلى حد ما في خلق حالة من الفوضى الفكرية لدى معظم أبناء هذا البلد نجد أن المستفيد الوحيد من هذه المهزلة هو شركات الدعاية والإعلان ومعظمها أمريكية يهودية والخاسر الوحيد هو الشعب العراقي المسكين الذي لا يفقه كثير مما يقول الأمريكان فحينما صرخ البوق الأمريكي بالإنتخابات هرول الكثير من العوام خلف صرخته، كذلك عندما قال العم سام بالدستور رأيت الكثيرين يقسمون بأن العصا السحرية هي الدستور وأن القرآن أصبح ماضي ولا حول ولا قوة إلا بالله، كأننا سنضيء بغداد بالدستور ونضع مسودته في سياراتنا بدل البنزين، المهم بعد تتبعي المتواضع لما ينفق على الإنتخابات ومسودة الدستور وجدته يفوق بعشرات الأضعاف مما يمكن أن يوفر الطاقة الكهربائية لهذا الشعب المسكين وعلى الأقل يمكن أن يبلط معظم شوارع العراق، ولنبدأ على سبيل المثال بحسابات بسيطة لما أنفق على الإنتخابات السابقة وما ينفق على الحالية والتي ذهب فيها الملايين بل المليارت هباءاً منثوراً في الهواء ولم يحصل العراق من ذلك على شيء فها هي الإنتخابات ستعاد وها هو الدستور المشؤوم سيصوت عليه وربما سيعاد كتابته في مسرحية مضحكة دفع ثمنها العراق ولم يدخلوه إلى المسرح.
في شارع بسيط من شوارع بغداد علقت لافتات ضخمة تدعو إلى الدستور، وبحثت عن كلفة أسعار هذه اللافتات لدى أصحاب المهن.
طول هذا الشارع حوالي (5) كم يوجد فيه حوالي (20) لافتة من الحجم الكبير المزدوج وقد سألت عن سعر اللافته الواحدة فتبين إن الحداد والطباع يأخذ (1500) دولار عن الواحدة أي إن المزدوجة تكلف (3000) دولار وأن إيجار اللافته تدفع لصاحب العمارة بحدود (100) دولار شهرياً وتدفع له أجرة سنة مقدماً، أن المقاول يأخذ هذه اللافتات من الشركات الأمريكية بحدود (5000) دولار.
وبإجراء عملية حسابية بسيطة في شارع واحد نجد أن كلفة هذه اللافتات تصل إلى (100000) دولار علماً أن هذه اللافتات تبدل كل فترة بحدود شهرين وحسب موسم الإنتخابات أو الدستور أو الإرهاب.
أي إن الكلفة فقط لشارع بسيط طوله (5) كم (100000) دولار كل شهرين وفي بعض الأحيان أقل من ذلك بكثير لنقل بمعدل شهر هذا ما يؤخذ من الأمريكان لللافتات فكيف بما يأخذه المقاول الأمريكي من البلد المغلوب على أمره، وبغض النظر عن المطبوعات وصناديق الإنتخابات التي يطبع منها بالملايين ويستخدم أغلى أنواع الورق والأحبار بحجة الخوف من التزوير وقد حصل، فالكارثة الحقيقية هي في الإعلانات في الفضائيات ففي قناة مثل العربية مثلاً سألت عن أجرة الثانية الواحدة للإعلان وإنتبه إلى ما أقول الإعلان فقط أي أن الممثلين والمادة الإعلانية يحضرها المعلن، فكم برأيك أجرة الثانية الواحدة؟؟
إنها ألف دولار للثانية الواحدة، إذاً في القناة الواحدة لو عرضت في اليوم الواحد مادة إعلانية عن الإنتخابات أو الدستور أو الإرهاب لمدة ثلاث دقائق فكلفتها (180) ألف دولار أمريكي في اليوم إذا فرضنا أن قناة واحدة تعرض هذه المادة وكلفة الإعلان غير مشمولة بالحسابات أنظر أخي إلى حجم المبلغ لقناة واحدة ولمدة (3) دقائق يومياً سيصل المبلغ إلى (54) مليون دولار شهرياً فهل هذا الرقم يشرح لك مقدار ما يسرقه منك اللص الأمريكي أيها العراقي.
هذا فقط عن الإعلانات في العراق خذ مثلاً بلد كالأردن أو سوريا وأناشد الذين ذهبوا إلى هناك في فترة الإنتخابات السابقة أن يقولوا لي كم عدد الإعلانات التي رأوها في عمان أو دمشق وأستحلفهم بالله هل عددها أضعاف بغداد أم أنا أبالغ وهل كلفتها أضعاف بغداد أم لا.
والآن السؤال المهم هم من هو المسؤول عن هذه الإعلانات ولصالح من تذهب الأموال ؟؟
لو رأينا التواقيع التي ذيل بها معظم الأعلانات نرى عبارة تجمع عراق الغد ولو بحثنا عن هذه المؤسسة داخل العراق فلن نجد لها لا مقر ولا أمين عام ولا أعضاء ولا هم يحزنون فمن أين هذه المؤسسة التي يصل تمويلها إلى المليارات؟؟
أن تجمع عراق الغد هو من ضمن مؤسسات عديدة داخل العراق والتي أنشأها الحزب الديمقراطي الأمريكي ومرشحه للرئاسة (جون كيري) الذي وقف إلى جانب بوش الأبن في الإنتخابات الأخيرة وظن الجهلاء إنه خرج من الإنتخابات بخفي حنين ولكن الحزب الديمقراطي أو ما يسمى ب (الحمائم) تعمل على تغير هيكلية المجتمع العراقي بالخيار المدني وليس العسكري وتحويله من مجتمع عربي إلى نظام أمريكي عن طريق إنشاء المجالس البلدية والإنتخابات الديمقراطية في كل شيء بحيث نلغي الدين الإسلامي ويكون الحكم بالأكثرية وليس لله فإذا صوت مثلاً معظم الشعب على قانون لتزويج الشواذ فإن الحكم هو للأكثرية بغض النظر عن القانون وإذا كان يوافق الدين الإسلامي أو على الأقل الأعراف في البلد.
القصد من هذا التبيان هو تبصير المؤمنين بالله لما يحصل لبلادهم من فساد وتدمير قال تعالى ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم فيضلوا بها عن سبيل الله ) والله من وراء القصد.