داخل ساحات مسجد عبد الرحيم القنائي بمحافظة قنا ارتكز الي جانب المصلين الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بصحبة الوفد المصاحب له لتأدية صلاة الجمعة خلف الإمام والاستماع إلي الخطبة. ألق الخطبة الدكتور محمد زكي من علماء وزارة الأوقاف، والتي تناول فيها الحديث عن مناسبة ذكرى غزوة بدر،وافتتح حديثه بفضل صيام شهر رمضان بذكر حديث النبي "ص" عندما قال " (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام رب عبدك منعته الطعام والشراب والشهوات بالنهار شفعني فيه،ويقول القرآن رب عبدك منعته النوم بالليل وتلاني وحرم النوم من أجلى فشفعني فيه فيشفعان." ،مؤكدا علي ضرورة استثمار الصيام والقيام وخاصة في شهر رمضان حتى نستحق أن يشفعا لنا عند ربنا عز وجل.
وأفرد الخطيب مساحة واسعة من خطبته للحديث عن غزوة بدر الكبري والتي يوافق غدا الذكري ال "1431" لها ، مشيرا الي أن غزوة بدر تتميز بمكانة خاصة تجعلها في مقدمة الغزوات والتاريخ كله ومن هذه الميزات :
1- غزوة بدر لم يريدها النبي صلي الله عليه وسلم ولا أصحابه الكرام ، ولذلك نزل قوله تعالي :" يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ" ، وعندما خرجوا من المدينة لم يريدوا قتال رجال قريش إنما أرادوا عيرها مصدقا لقوله تعالي" وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ" 2- كان الملأ الأعلي هو غرفة العمليات الخاصة للإعداد لغزوة بدر الكبرى، ومن حدد ساعة الصفر لها وشارك في إدارتها ورسم خريطة معركتها هو الله عز وجل لقوله تعالي " إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ" 3- استخدمت في تلك الغزوة أقوي ما يستخدم في الحروب القديمة والحديثة علي الإطلاق ومن حيث الأثر والفاعلية وكان عنصر الحصار علي الماء من أقوي وأهم أسباب الفوز فيها. 4- بعد أن انتصر المسلمين وهم قلة لا يتجاوزون الثلاثمائة إلا قليلا، وفي المقابل بلغ عدد رجال قريش ألف ويزيد، مدربين ومسلحين، إلا أن ذلك ترتب عليه قتل 70 من المشركين وأسر 70 آخرين، وغنم المسلمون أموالهم وعدتهم دون أن يصاب منهم إلا القليل ، مما أشعل نار الحقد في قلوب اليهود فظهرت ولأول مرة في التاريخ ظاهرة النفاق وهو إظهار الإيمان وفي الباطن كفر شديد، وذلك مكر منهم حتي يستطيعوا خداع المسلمين والإساءة للدين ومحاربته في عقر داره.
ويؤكد الخطيب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم تمكن من محاربة تلك الظاهرة ومعالجتها بالإنذار والتحذير الشديد وفي ذلك قال المولي " لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ،لعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا "
وعلي الرغم من أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعلم المنافقون بأسمائهم إلا أنه لم يطلع أحدا عليهم ، بل كان النبي يعرف المنافق من ريحته.
وختم الخطيب بأن القرآن الكريم يفسر كل زمان ، وأننا في مصر ولاسيما بعد ثورة 25 يناير أن نقرأ القرآن قراءة جديدة كأنه ينزل علينا من جديد، ضاربا الأمثلة الدليلية كالأتي :
- إذا نظرنا إلي التجمعات التي شهدها التحرير من ملايين المصريين دون تمييز نستحضر قول الله تعالي "وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ" - إذا رأينا رؤوس الفساد والظلم تحولت الي صور من الاجرام ، وقد خضعت للعقان نذكر قوله "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ" - عندما نري السجناء الذين كانوا أصبحوا رعاة ودعاة وحكاما ومصلحين نتذكر قوله "إنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" - إعلان رئيس الدولة باعتزاز أنه خادم هذه الأمة جميعها ، يذكرنا بمقولة أبي بكر "إني وليت عليكم ولست بخيركم" - عندما ننظر إلي رئيسنا وهو يحافظ علي الصلاة نستحضر قول الله "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"