تواجه تصريحات لرئيس الحكومة المغربية الإسلامي عبد الإله بنكيران حملة انتقادات واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية والحقوقية وأصبحت مثار جدل واسع حيث قال في برنامج على قناة "الجزيرة" القطرية في سياق الحديث عن السياسة العامة التي تنتهجها الحكومة الحالية ل"تخليق" الحياة السياسية في المغرب ، أن سياسته في التعامل مع قضايا الفساد تقوم على منطق "عفا الله عما سلف ، ومن عاد فينتقم الله منه"، الأمر الذي اعتبره الكثيرون تطبيعا من قبل الحكومة مع لوبيات الفساد. "أنباء موسكو"
وتصب هذه الانتقادات في نفس سياق سابقاتها من التعليقات التي واكبت البدايات الأولى لتشكيل الحكومة المغربية الحالية واعتبرت أن سياستها العامة تقوم على منطق تصالحي مع ما سمي ب"بؤر الفساد المناهضة للإصلاح"، حيث عاب الكثيرون على رئيسها بنكيران مهادنته وتخليه عن صلاحياته للملك، خلافا لما ينص عليه الدستور الجديد الذي تم الاستفتاء حوله في الأول من يوليو/تموز عقب موجة احتجاجات شهدها المغرب طالبت بالعدالة الاجتماعية وإنهاء الفساد.
وغصَّت صفحة "رسالة إلى عبد الإله بنكيران" على موقع "فيسبوك" بمئات الرسائل والتعليقات الغاضبة من التصريحات ونقلت صحيفة "هسبريس" المغربية عن خالد أبو علي، مدير صفحة "رسائل إلى بنكيران" التي خُصصت لتواصل المواطنين وناشطي الانترنت مع رئيس الحكومة، إن صفحته الفيسبوكية امتلأت بالعديد من الرسائل التي صبت في أغلبها في اتجاه لوم وانتقاد بنكيران على تخليه عن محاربة المفسدين بدعوى أن ذلك حدث في الماضي، وأن الله عفا عما سلف.
وخاطب ناشط فيسبوكي آخر بنكيران بالقول: "نحن انتخبناك من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية، والشغل والعيش الكريم ومحاربة الفساد. إننا نريد دولة الحق والقانون، أي محاسبة كل من ارتبط بملفات الفساد القديمة".
ولمح البعض الآخر إلى خوف بنكيران من فتح ملفات الفساد التي تتورط فيها لوبيات ذات نفوذ في البلاد، سبق للشعب أن طالب بمحاسبتها في العديد من المظاهرات الاحتجاجية، حيث قال أحد المعلقين لبنكيران: "لا داعي للخوف من صوت الرصاص، فالرصاصة التي تقتلك لن تسمع صوتها".
ونددت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بتصريح رئيس الحكومة حيث هاجمت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تصريحات رئيس الحكومة وحزب العدالة والتنمية، وتراجعه عن شعار الحملة والذي كان ضد الفساد، وتراجع الحكومة عن مبدأ أساسي هو الإفلات من العقاب: "كنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ سنة 1998، رفعنا شعار مناهضة كل الجرائم الاقتصادية والسياسية"، بحسب تعبيرها.
وأضافت أن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة عملت على إستراتيجية واضحة، وليس من حقه أن يعفو عن ناهبي المال لأنه مال الشعب المغربي، ووزارة العدل هي المخولة لها متابعة ناهبي المال العام والقضاء هو الفاصل.
وقال الدكتور النشناش، عضو المنظمة في تصريح لصحيفة "المراكشية" المغربية، إنه "ليس من حق رئيس الحكومة أن يعفو عن المفسدين، نحن في عهد جديد من أجل محاربة الفساد، والحراك العربي طالب بمحاكمة المفسدين والفاسدين، ومطالب حركة "20 فبراير" خرجت إلى الشارع من أجل محاسبة ناهبي المال والجرائم الكبرى الاقتصادية". وأضاف: "كان لنا أمل كبير في هذه الحكومة الجديدة من أجل الحد من الفساد ومحاكمة ناهبي الأموال، فإذا بنا نتفاجأ بتصريح رئيس الحكومة يقول "عفا الله عما سلف" بما يتجاوز القيم والأخلاق التي تدعو إلى محاسبة ناهبي المال العام.
وطالبت رشيدة بليرج، زوجة المعتقل الإسلامي عبد القادر بليرج المحكوم عليه مؤبدا ضمن تهمة تزعم "خلية إرهابية" بالمغرب، رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران بتنفيذ العفو عن المعتقلين السياسيين القابعين في السجون المغربية والمدانين في قضايا "الإرهاب"..
وتساءلت المتحدثة، في تصريح ل "هسبريس": "أليس المعتقلون السياسيون المظلومون الذين تعج بهم سجون المملكة.. أولى من غيرهم بمبدأ بنكيران وفلسفته المتمثلة في (عفا الله عما سلف)".