الرباط - أ ش أ: بدأت مع تقديم الحكومة المغربية الجديدة برئاسة عبد الإله بنكيران برنامجها الحكومي أمام البرلمان، تزايد ظاهرة إحراق بعض الشباب العاطل لنفسه، حيث قام سبعة من الشباب بمحاولة إحراق أنفسهم في الأيام الثلاثة الأخيرة، اعتراضا على برنامج الحكومة. وقام أكثر من ألف خريج جامعي بالاعتصام أمام مقر البرلمان المغربي في الرباط، احتجاجا على تفشي البطالة بين ملايين الخريجين من الطلبة، خاصة وأن 4ر31% من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 34 عاما لا يجدون فرصة عمل.
وكان رئيس الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية قد قدم برنامج حكومته أمام البرلمان يوم 19 يناير الجاري، مشيرا إلى أولوية قيام حكومته بتعزيز الاستثمارات في القطاعين العام والخاص، وزيادة برامج التأهيل المهني، وتحسين خدمات التعليم والرعاية الصحية. وتعهد بنكيران بشن حملة غير مسبوقة على الفساد الذي يعتبر مسئولون في حزب العدالة والتنمية أنه يكلف المملكة المغربية حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا.
وتضمن برنامج الحكومة وعودا بتوفير حوالي 200 ألف فرصة عمل سنويا وتخفيض معدل البطالة إلى 8% بنهاية عام 2016، وزيادة متوسط النمو الاقتصادي إلى 5ر5 % سنويا على مدى فترة حكمها خلال السنوات الأربع القادمة، وبلوغ معدل التضخم السنوي 2 % خلال هذه السنوات، وهو معدل يقترب مما ساد في السنوات الخمس السابقة. ويعتقد بعض الخبراء الاقتصاديين المغاربة أن برنامج الحكومة لم يتضمن الخطوات الفعلية والخطط التي تؤكد تنفيذ هذه الوعود، بل إنه قد يكون من الصعب على الحكومة تنفيذ هذا البرنامج في ظل وجود مجموعة ضخمة من التحديات والصعوبات، يأتي على رأسها الملفات الاجتماعية والاقتصادية، إذ سيكون على حكومة بنكيران التعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المغربي، واختلالات الميزان التجاري، وتراجع احتياطي العملة الصعبة، في حين سيكون عليها اجتماعيا الوفاء بالعهود التي تضمنها برنامجها الانتخابي، والتي من أبرزها رفع الحد الأدنى للأجور وتحقيق العدالة الاجتماعية والعناية بالأسر محدودة الدخل، خاصة في المناطق الريفية النائية التي أعطت أصواتها الانتخابية لحزب العدالة والتنمية.
وأكد هؤلاء الخبراء أن برنامج الحكومة الجديدة لن يكون من الممكن تحقيقه إلا من خلال تحقيق وفورات اقتصادية متكاملة، لأنه لا يمكن توفير الوظائف دون زيادة حجم الاستثمار وتحقيق معدل أكبر للنمو، وأنه لا يمكن أن تنجح الحكومة اقتصاديا واجتماعيا دون إنجاز حزمة اقتصادية كاملة، تعتمد على رفع معدل النمو، الذي يمكن من خلق فرص العمل، إلى جانب إصلاح الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، ومحاربة الفقر والتهميش، وتأهيل الاقتصاد، والقضاء على الاقتصاد الريعي، والمضاربات، ومحاربة الرشوة، ونهج أساليب الحكم الرشيد، والحوكمة الجيدة، والضرب على أيدي المفسدين، وناهبي المال العام".
وقال عبد السلام بن إبراهيم نائب الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل: "إن الرفع من قيمة المعاشات بالنسبة إلى المتقاعدين، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وفتح إمكانيات جديدة للترقي الاجتماعي، وإعادة النظر في الرواتب، بما يضمن العدالة الاجتماعية، تبقى من أهم الملفات الموضوعة على طاولة الحكومة الجديدة، تحقيقا للبرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية الذي أقر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور، والوفاء بحوالي 90 دولارا شهريا للطبقات الفقيرة والمهمشة".
وتأتي هذه التحديات الاقتصادية الكبيرة في ظل مؤشرات اقتصادية بعضها إيجابي مثل تحقيق المغرب لمعدل نمو اقتصادي تراوح بين 4% و5% في السنوات الخمس الأخيرة، والآخر سلبي مثل ارتفاع نسبة البطالة الإجمالية إلى 1ر9% في عام 2011، وارتفاعها بين خريجي الجامعات إلى 16%.
وعلاوة على ذلك تواجه حكومة بنكيران معضلة جوهرية تتمثل في عجز الميزان التجاري المغربي وارتفاع الدين العام، حيث بلغ عجز الميزان التجاري في عام 2011 حوالي 20 مليار دولار، بنسبة ارتفاع بلغت 24% عن عام 2010، كما تفاقم العجز المالي ليبلغ 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2011، وهو الأمر الذي يعني أن الاحتياطي المغربي من العملة الأجنبية لا يكفي سوى لمدة خمسة أشهر فقط.