وسط ارتفاع ملحوظ للقلق التركي من خروج «ورقة أكراد سورية» عن السيطرة، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان النظام السوري بأنه وضع خمس مدن في شمال سورية «في عهدة» حزب العمال الكردستاني، وحذر من أن أنقرة يمكنها ممارسة حقها في ملاحقة المتمردين الأكراد الأتراك داخل الأراضي السورية عند الضرورة. وجاءت لهجة اردوغان التصعيدية وسط أنباء عن «تسليم» السلطات السورية مناطق شمال سورية على الحدود مع تركيا إلى حزب العمال الكردستاني، وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي، وهى الخطوة التي وصفها اردوغان أمس أنها «موجهة ضد تركيا». غير أن أكراد سوريين يقولون إن النظام السوري يلعب «الورقة الكردية» لتخفيف الضغوط عليه، مشيرين إلى أن «فزاعة دولة كردية في سورية» بلا أساس.
وقال ضابط سوري منشق من انطاكيا في تركيا لوكالة «فرانس برس» إن الأكراد السوريين المشاركين في الانتفاضة «غير مدفوعين بالرغبة في دولة مستقلة»، ملاحظا ان «ثمة لعبة سياسية تجري في الخارج كما لو أن كلا من الأكراد والعلويين والتركمان يريدون كيانات مستقلة. هذا غير صحيح,وأن 95 بالمائة من السوريين يريدون علما موحدا ودولة موحدة».
وأعلن اردوغان أن وزير خارجيته أحمد داود أوغلو سيتوجه إلى اربيل الأسبوع المقبل للقاء رئيس الإقليم مسعود بارزاني والحديث معه حول التطورات التي يشهدها شمال سورية.
وأوضح اردوغان أن رسالة داود اوغلو للقادة الأكراد في العراق هي:»نثق فيكم... لكن نرجو أن لا تكونوا طرفا في أي خطوات خاطئة», ولا تخفي أنقرة قلقها من احتمال تقسيم سورية وإنشاء إقليم كردي مستقل في شمالها، على غرار إقليم كردستان في شمال العراق.
وقال اردوغان، في مقابلة مع قناة «كانال-24» التركية انه «في هذه اللحظة نظام الأسد متركز في دمشق ومحشور هناك وفي جزء من منطقة اللاذقية أيضا في الشمال وضع خمس محافظات بعهدة الأكراد، والمنظمة الإرهابية»، في إشارة الى حزب العمال الكردستاني.
وأضاف ان «هؤلاء يحاولون الآن إيجاد وضع يتفق مع مصالحهم عبر رفع صور زعيم المنظمة الإرهابية الانفصالية»، في إشارة الى حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.
وردا على سؤال عن إمكان أن تستخدم تركيا حقها في مطاردة المتمردين الأكراد في حال الضرورة داخل الأراضي السورية إذا قاموا بعمل ما في تركيا، قال اردوغان «إنه أمر غير قابل للنقاش، هذا أكيد، هذه هي المهمة وهذا ما يجب أن نفعله».
ولم يستبعد اردوغان احتمال إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي السورية للتصدي للمتمردين الأكراد، مشيرا إلى ان كل ذلك يشكل جزءا من الخيارات التي لدى أنقرة
واعتبر اردوغان إن الرئيس بشار الأسد والحلقة المقربة منه راحلان قريبا، مضيفا أن الترتيبات جارية لتدشين مرحلة جديدة في سورية، وأن الحكومة الانتقالية ستعد دستورا جديدا للبلاد وانتخابات رئاسية وبرلمانية.
في موازة ذلك، قال السياسي المقرب من حزب العمال الكردستاني داوود باغستاني ل»الحياة» إن «الأكراد بصورة عامة بغض النظر عن أي شيء يفهمون أوضاع بعضهم البعض ويحذرون من الوضع، وتحاول تركيا أن تخلق المشاكل بين الأكراد السوريين أنفسهم، أو بين الأكراد العراقيين والأتراك.
وأعتقد بأن أنقرة لم تتمكن من ذلك»، مشيرا إلى أن «حزب العمال أخذ شرعيته من جميع الأطراف بما فيها تركيا، إذ أن هناك مفاوضات مع أنقرة لحل المشكلة الكردية حلا سلميا، وأعتقد أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن بالنسبة للحكومة التركية».