الدراسات والأبحاث تشارك مصر فى قمة الاتحاد الأفريقى التاسعة عشر التى تستضيفها العاصمة الأثيوبية أديس ابابا بعد غد الأحد 15 يوليو تحت عنوان "تعزيز التجارة البينية الأفريقية" وتعتبر هذه القمة ذات أهمية خاصة حيث انها الأولى بعد الانتخابات الرئاسية فى مصر والتى شهد العالم بنزاهتها . وتلقى مشاركة مصر اهتماما كبيرا من القادة الأفارقة نظرا لأهمية دورها ومكانتها المطلوبة فى أفريقيا خاصة أن هذا الدور لم يكن على المستوى المطلوب فى الفترة الأخيرة ، وتسعى مصر الى اعادة ذلك الدور خلال الفترة المقبلة.
فمصر قادرة بحكم خبراتها وامكاناتها على ان تسهم فى التوصل الى حلول للمشكلات التى يواجهها الأشقاء الأفارقة وكذا تقديم خبراتها الفنية لهم وبهذه الرؤية تؤسس مصر لمسار جديد يضعها فى قلب القارة كقوة للتنمية لاتستهدف سوى مساعدة الأشقاء الأفارقة وقد كان هذا شأنها وهدفها دائما حيث كانت الدائرة الأفريقية احدى الدوائر الرئيسية لثورة يوليو وكان دورها ساطعا وجليا فى الاسهام الخلاق فى موجة التحرر الوطنى الأفريقية عام 1960 وهى الموجة التى شهدت استقلال عدد كبير من دول القارة .
وكانت مصر ايضا من المؤسسين لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 / سابقا / وأستضافت أول قمة أفريقية عام 1964 ، كما ساهمت مساهمة فعالة فى تأسيس هيكل الاتحاد الأفريقى فى قمة لومى عام 2002 واستمرارا لأهمية دور مصر شاركت مصر فى عمليات حفظ السلام الدولية فى افريقيا حيث تعد ثالث أكبر مساهم فى هذا الصدد .
وتتعدى الرؤية من مجرد مشاركة الى اطار أشمل يتناول مساعى بناء السلام واعادة الاعمار وبناء القدرات الى مابعد النزاعات .
وتوظف مصر فى تحركاتها القوة الناعمة الثقافية والحضارية من خلال ايفاد الخبراء من المهندسين والقوافل الطبية وارسال المعونات الغذائية والانسانية ،كما يبعث الأزهر بمبعوثيه للأشقاء الأفارقة ولاتتوانى مصر عن وضع كافة خبراتها وتسخيرها للاستجابة للاحتياجات الأفريقية ويتمثل ذلك فى الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع افريقيا والذى تأسس عام 1981 ودرب حوالى 8000 افريقيا فى كافة المجالات .
ويرى المراقبون ان ماحدث فى مصر عقب ثورة 25 يناير يعكس ان شعب مصر يتفاعل مع ماتقرره القمم الأفريقية بخصوص القيم المشتركة التى تتضمن قيم الحرية والعدالة والحكم الرشيد والديمقراطية وهو الأمر الذى دعا المصريين الى القيام بالثورة لتحقيقه .
ان ارتباط مصر بأفريقيا ارتباطا وثيقا حضاريا وتاريخيا وجغرافيا فموقع مصر جعلها بوابة افريقيا الى اسيا وأوروبا ، والتاريخ والحضارة تشير دوما الى افريقيا .
وتكتسب مشاركة مصر فى القمة الأفريقية أهمية كونها تأتى بعد أنتخاب مصر عضوا فى مجلس السلم والأمن الأفريقى لمدة عامين عن الفترة من 2012 الى 2014 وذلك لأهمية الدور الذى يلعبه مجلس السلم والأمن الأفريقى فى قضايا القارة ، فقد حصلت مصر على أصوات 47 دولة أفريقية من بين 48 شاركت فى التصويت ،وقد تقدمت مصر للحصول على عضوية مجلس والأمن الأفريقى عن دول شمال أفريقيا وذلك للعمل فى سبيل تعزيز أسس الوحدة والتضامن فى القارة الأفريقية ودعم قيام الاتحاد الأفريقى بدور فاعل على صعيد معالجة النزاعات فى افريقيا . ويعد حصول مصر على دعم هذا العدد من الدول الأفريقية تقديرا أفريقيا للثورة المصرية والتغيرات التى تشهدها مصر وأن الدول الأفريقية لديها قناعة كبيرة بأن مصر عادت لهم وعاد دورها الطبيعى والنشط فى القارة .
وتواجد مصر فى مجلس السلم والأمن الأفريقى سيعطيها الفرصة أيضا للتوسط فى حل المشاكل التى تعانى منها بعض الدول الأفريقية مما يعيد للأذهان الدور الذى كانت تقوم به مصر فى ستينيات القرن الماضى . ، فالسلم والأمن يعدان ركيزتا التنمية والتجارة بأفريقيا .
ومصر من أكثر الدول اسهاما فى دعم جهود صنع السلم والأمن فى القارة حيث شاركت فى 23 عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة منذ العملية الأولى بالكونغو عام 1960 وحتى عملية حفظ السلام الهجين فى دارفور، وأبيى ،وجنوب السودان ،وكوت ديفوار، ويبلغ حجم القوات المصرية التى تشارك حاليا حوالى 4116 فردا فى مختلف العمليات، ومصر لاتشارك بقوات فقط وانما تطرح مبادرات للتدريب سواء للمدنيين أو العسكريين من دول العالم المختلفة التى تشارك فى عمليات حفظ السلام فى مركز القاهرة لعمليات حفظ السلام .
وهذه الاسهامات المصرية هى محل تقدير من الدول الأفريقية التى تعى تماما الدور المصرى فى حفظ السلام فى القارة وتتمسك مصر بأهمية تدعيم قدرات الاتحادالأفريقى فى هذا الشأن
ويعتبر انتخاب رئيس المفوضية ونائب له وثمانية مفوضين للاتحاد الأفريقى من أكثر الموضوعات الشائكة المطروحة على جدول أعمال القمة الأفريقية التاسعة عشر حيث أخفقت القمة السابقة التى عقدت فى يناير الماضى فى انتخاب رئيس للمفوضية بسبب المنافسة المتقاربة فى جولات التصويت الأربع بين مرشح الجابون لشغل المنصب لفترة ثانية د. جان بينج ،وبين مرشحة جنوب افريقيا وزيرة الداخلية الحالية السيدة نكوسازانا داليمينى زوما .. وبموجب ميثاق الاتحاد الأفريقى يتعين أن يحصل المرشح الفائز لشغل منصب رئيس المفوضية على أغلبية ثلثى الأصوات فى الجولات الثلاث الأولى من التصويت وفى حالة فشل أيهما فى الحصول على هذه النسبة كما حدث فى هذه الانتخابات يتم التصويت فى الجولة الرابعة على المرشح الحاصل على أعلى الأصوات بمفرده .، ولكن بينج حصل فى الجولة الرابعة على 32 صوتا وهو مايقل عن أغلبية الثلثين المطلوبة وهى 36 صوتا اللازمة للفوز بهذا المنصب .
ونظرا لأصرار كل من جنوب افريقيا والجابون على التمسك بمرشحيهما وعدم التوصل الى حل توافقى قرر الرؤساء الدول والحكومات المشاركون فى القمة تأجيل انتخاب رئيس المفوضية ونائبه للقمة العادية التاسعة عشر .
ومما يذكر فأن دورية انعقاد القمة الأفريقية مرتان فى العام تؤكد ان القارة الأفريقية أصبحت جزءا لاينفصل عما يحدث فى العالم وتشهد عاما بعد عام المزيد من العمل الأفريقى المشترك فى مواجهة التحديات السياسية والأقتصادية ، كما تعكس الادراك المتزايد من جانب الدول الأفريقية بأهمية مواجهة مشكلات القارة فى اطار من الموضوعية .