أعرب هوشيار زيباري وزير خارجية العراق الذي ترأس بلاده القمة العربية أن المعارضة السورية تمر في مرحلة صعبة ودقيقة من تاريخها بعد مرور ما يقارب الخمسة عشر شهرا من كفاح مستمر ومن دون هوادة في التعبير عن آمال وطموحات الشعب السوري. وقال زيباري في كلمة القاها اليوم الاثنين خلال افتتاح مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد في القاهرة برعاية جامعة الدولة العربية: لم يكن الشعب السوري في انتفاضته وثورته المستمرة بعيدا عن ما حصل في العالم العربي من تمرد على الظلم والطغيان وهدر كرامة الإنسان أسقطت فيها الشعوب العربية حكامها وأنظمتها الديكتاتورية وهي تسعى لبناء أنظمتها الديمقراطية بإرادتها.
وتابع: أقف أمامكم الآن تتداعى الخواطر أمامي إلى ما قبل أكثر من عقد من الزمان، حيث كانت المعارضة العراقية تجتمع ، كما تجتمعون أنتم الآن للتوصل إلى رؤية مشتركة في كيفية التخلص من الحكم الشمولي الذي حكم العراق لأكثر من ثلاثين عاما وبناء الدولة العراقية الحديثة التي تعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة.
وأضاف: بعد مرور ما يقارب العشر سنوات من تجربتنا الفتية بنجاحاتها واخفاقاتها إلا أنها علمتنا كيف نتغلب على مشاكلنا وكيف تصغر المطامح الفئوية أمام المصالح الوطنية العليا للبلد.
وقال إنه من خلال تجربة العراق ندرك جيدا ماذا يعني التصدي والمجابهة لأنظمة القمع الشمولية ، وأكد أن هدف توحيد المعارضة والتوصل إلى اتفاقات ورؤى مشتركة هو مسؤولية وطنية عليا تتعالى على الاهتمامات الفئوية والشخصية وتسمو على الانتماءات العرقية والمذهبية، من أجل أن تتمكن من توجيه رسالة واحدة إلى العالم أولا، ومن أجل تقديم بديل ذي مصداقية قادر على تحمل مسؤولية اخراج سوريا من أزمتها الحالية وبناء الدولة السورية الديمقراطية التي تضع الإنسان وكرامته في مقدمة اهتماماتها.
هذا وقد دعا هوشيا زيباري وزير الخارجية العراقي إلى توحيد الجهود والعمل على أن تكون المعارضة السورية ممثلة تمثيلا شاملا لكل مكونات الشعب السوري وأطيافه من دون تهميش أو إقصاء لأية فئة لتتمكن من أن تقدم نفسها بديلا ذا مصداقية يحمل تصورا كاملا لبناء دولة سوريا الحديثة.
ولفت أنه قدم من اجتماع مجموعة العمل الدولية بشأن سوريا في جنيف ، مشيرا إلى ان مجلس الأمن هيئة سياسية تعبر عن مصالح الدول الأعضاء في هذه المنطقة ولاسيما للخمسة الدائمين بكل ما يحمله ذلك من تناقضات، ولكنه بالتأكيد سيتعامل بشكل أفضل لو كانت المعارضة السورية موحدة ورسالتها إلى العالم واحدة.
وقا "ليس هناك أمامنا في هذه المرحلة سوى مبادرة كوفي أنان المبعوث العربي الأممي المشترك والعمل على تنفيذها، رغم أنها لا تلبي كل طموحات الشعب السوري" مطالبا بالتعامل الايجابي معها طالما أنها تفضي إلى عملية سياسية تقوم على انتقال سلمي للسلطة في سوريا، وأضاف "في ذات الوقت أن القرار المفصلي يبقى بيد الشعب السوري الذي يقرر مصيره وبقدراته وتضحياته".
وقال إنه يريد أن يتحدث بصفة شخصية فيما يتعلق بالعراق سوريا مركزا على التاريخ ووشائج القربى والعلاقات المجتمعية والتداخل الأثني والمذهبي والقومي بين الشعبين والعلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية، مؤكدًا أنه يذهب الحكام وتبقى العلاقات التاريخية بين الشعبين تتقوى أكثر فأكثر.
ولفت إلى أن موقف العراق لم يكن محايدا بين المعارضة والنظام كما تصور البعض، بل كان دائما مع تطلعات الشعب السوري وحقه في التعبير عن نفسه وإرادته وبناء مستقبله على غرار مواقفنا السابقة من التحولات السياسية التي جرت في دول أخرى في العالم العربي.
وشدد على أن العراق لم يكن ضد المعارضة والثورة السورية ، لكننا نقول ان الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره بملئ إرادته.
ووجه الشكر للشعب السوري الذي احتضن المعارضة العراقية في نضالها ضد دكتاتورية صدا حسين .
وقال إنه سيتم بذل كل الجهود من اجل أن يكون هناك تحول سلمي للسلطة يتسلم فيه ممثلو الشعب السوري قيادة عمليتهم السياسية وبناء الدولة السورية الحديثة من دون اي تدخل عسكري خارجي وإراقة مزيد من الدماء .
وأضاف أن هذا يتطلب الشروع الفوري في حوار وطني يضم جميع الأطراف في عملية سياسية انتقالية لتحقيق تطلعات الشعب السوري نحو الديمقراطية ولتقرير مصيره بنفسه.