قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في معرض تعليقها على القضية النووية الإيرانية والتهديدات الإسرائيلية بضرب منشآت إيران النووية، إن مسئولي الحكومة الإسرائيلية يجدون أنفسهم أمام قرار حاسم إما بضرب إيران أو الوقوف بلا حراك و انتظار امتلاكها لقنبلة نووية. وأوضحت الصحيفة في تعلقيها الذي أوردته على موقعها الإلكتروني, أن هذا القرار الحاسم يلخص حالة الوجوم التي تخيم على مسئولي حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، مشيرة إلى وضوح أن خيار التدخل العسكري لا يزال على طاولة المفاوضات الإسرائيلية رغم نجاح العقوبات المفروضة ضد إيران لإجبارها على الانصياع والدخول في المفاوضات المعنية بطموحاتها النووية. ونسبت الصحيفة إلى الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" افرايم هاليفي ، تأكيده أن "إسرائيل لا تخادع .. بل إنها جادة في هذا الأمر" ، مشيرا إلى أن حوالي ستة من الخبراء والمسئولين أثاروا هذه القضية في الكثير من اللقاءات على مدار الأسبوع الماضي.
وطالب هاليفي العالم بعدم التراخي وافتراض أن المواجهات الحاسمة مع إيران بشأن برنامجها النووي ستتأجل حتى العام القادم، منوها إلى أن ناقوس الخطر سيظل يدق طوال هذه المدة خاصة مع احتمال تحين إيران الفرصة لامتلاك قنبلة نووية. ولفتت الصحيفة إلى أن القادة الإسرائيليين حذروا إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن تداعيات القضية النووية الإيرانية لم تتوقف بعد، منوهة إلى أنه عندما قام سياسي إسرائيلي رفيع المستوي مؤخرا بزيارة إلى واشنطن ونصحته الإدارة الأمريكية بأن وتيرة الموقف الإيراني باتت أقل مما كانت عليه عن ذي قبل، إلا أن السياسي الإسرائيلي حذر من أن حكومة نتنياهو لن تحيد عن موقفها بضرب إيران "قيد أنملة".
وأوضحت الواشنطن بوست, أن المفاوضات التي تجريها دول مجموعة (5+1) مع إيران بشأن برامجها النووية فضلا عن السعي الدءوب لتهدئة القلق الإسرائيلي من احتمالات امتلاك طهران لقنبلة نووية، ربما يكون ذلك بمثابة العامل الرئيسي وراء ثبات الحكومة الإسرائيلية على موقفها بشأن ضرب منشآت إيران النووية . وتابعت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية قائلة :"إن إصرار إسرائيل على خيار ضرب إيران لا ترجع أسبابه فقط إلى اعتقاد نتنياهو بأن إيران تماطل في محادثاتها مع دول مجموعة (5+1) بل أيضا بسبب مخاوفه من أنه حتى إذا وافقت إيران على مطالب الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا, بوقف عمليات زيادة تخصيب اليورانيوم إلى 20%, والتخلص من مخزون اليورانيوم الخاص بها والمخصب أيضا بنسبة 20%، فسيظل لدى طهران بعد ذلك حوالي 6 ألاف كيلوجرام من اليورانيوم منخفض التخصيب والذي في غضون عام أول أقل، قد يتم تعزيزه بإضافة مواد تمكن من صنع قنبلة.
وأضافت, إن نتنياهو يسعي جاهدا لدحر الطموح النووي الإيراني، بواسطة إصراره على تخلص إيران من جميع كميات اليورانيوم التي تمتلكها، وإذا فشلت المفاوضات في تحقيق هذا الهدف فربما يكون على استعداد للمضي قدما بخيار التدخل العسكري، حسبما ذكرت الصحيفة.
ونوهت الصحيفة إلى أن قضية امتلاك إيران قنبلة نووية, تثير تعمق الكثير من الخلافات بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل، فبالنسبة للرئيس الأمريكي أوباما تعد موافقته على شن إسرائيل هجومها العسكري ضد طهران بمثابة شرارة قد يقابلها قرار حاسم من جانب القائد الأعلى الإيراني بالمضي قدما في تصنيع قنبلة نووية، وهو شيء لم يقم به حتى الآن، أما بالنسبة إلى نتنياهو فهناك خطوط حمراء تحول دون وصول إيران لأعتاب امتلاك قدرات نووية، كما أنه لا يشعر براحة إزاء ترك طهران تمتلك قدرات لزيادة تخصيب اليورانيوم والتي يمكن استخدامها لصنع قنبلة حتى ولو تم ذلك بموجب برنامج سلمي شكلي.
ومضت الصحيفة تقول إن نتنياهو يرى أن مسألة وجود بلاده بات على المحك, بسبب التهديدات الإيرانية المستمرة وهو على استعداد للمضي قدما بخيار التدخل العسكري على طهران بصورة أحادية الجانب دون الرجوع إلى واشنطن، منوهة الصحيفة, إلى أن مسألة الحفاظ على وجود إسرائيل التي يصر عليها نتنياهو للتصدي للطموح النووي الإيراني وللحث من أجل موافقة أمريكا على خيار التدخل العسكري لاقت استحسانا من جانب عدد من أعضاء حكومته.
وأعربت الصحيفة في ختام تعليقها, عن اعتقادها بأن الهجوم الإسرائيلي على إيران قد يكون غير بناء وله نتائجه العكسية عليها، فهو قد يؤدى إلى تمزيق التحالف الدولي ضد طهران فضلا عن تساقط العقوبات الدولية المفروضة عليها ، خاصة في ظل موجة التغيير العارمة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والتي أثمرت ولا تزال تثمر عن نتائج لا يمكن التنبؤ بها حتى الآن. وأكدت الصحيفة ضرورة استعانة نتنياهو بالخبراء من بلاده قبل الإقدام على قرار كهذا، لأنه لا يمكن التنبؤ بما قد ينجم عن الهجوم من ضرر أو فائدة لإسرائيل، لكن سواء مع توقع الأسوأ أو الأفضل فإن الهجوم على إيران قد يكون بمثابة حدث يؤثر على مسار القرن الحالي.