في تمام الساعة الثامنة من مساء الثلاثاء الموافق «26 يونيو» الجاري ؛ اتصل بنا الزميل والصديق الكاتب الصحفي الأستاذ علي القماش وابلغنا إن حريقاً شب في الطابق الخامس من مبنى نقابة الصحفيين بوسط القاهرة منذ أكثر من نصف ساعة ،وان صفارات الإنذار في النقابة تدوي وتم الاتصال بقوات الدفاع المدني بوزارة الداخلية وحتى الآن لم تصل تلك القوات وان السنة اللهب تكاد تلتهم الطابق الخامس ،وعمال النقابة يحاولون السيطرة على الحريق بأدوات الإطفاء المحلية بدون جدوى . وقال لنا السيد علي القماش : أنه يخشى أن تنتقل النيران إلى الطابق الرابع لتلتهم الأدوار الأربعة الأولى بالمبني والتي توجد بها مكاتب النقابة الرئيسية ،وكافة الأوراق والملفات ؛ بيد أن سيارات الإطفاء والإسعاف وصلت للمبنى بعد نصف ساعة ، وباشرت مهامها ونتمنى أن تتمكن من السيطرة على الحريق ؛ لكون أن فشلها يعني تدمير مبنى يضم ثروة ثقافية من الكتب النادرة إلى جانب تاريخ النقابة كله ،وهو أمراً لا يمكن أن يمر علينا كصحفيين مر الكرام .
ومبنى نقابة الصحفيين الذي شبت فيه النيران يتكون من ثمانية طوابق ؛ العلوي يضم كافتريا النقابة إلى جانب الأربعة الطوابق الأولى والتي تضم المكاتب الإدارية والمكتبة ، وقاعات التدريب والكمبيوتر والمعلومات ،ويتبقى ثلاثة طوابق مهجورة ؛ حيث كانت النقابة تخطط لتأجيرها - تصل مساحة الطابق منهم إلى أكثر من ألفي متر - ،إلا أن مباحث أمن الدولة أيام مبارك السوداء وقفت للنقابة بالمرصاد لكي لا تقوم بتأجيرها.
وقفت للنقابة المباحث بالمرصاد لمنع التأجير ،لان ذلك يحقق للنقابة نوعاً من الاكتفاء الذاتي يجعلها لا تعتمد على الدولة ،ومن ثم لا تكون خاضعة لنظام حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك ،ومن هنا مارست المباحث ضغوطاً على رجال الأعمال الذين حاولوا أن يستأجروا تلك الطوابق، وفي كثير من الأحيان كان أعضاء بمجلس النقابة ينتمون لنظام الرئيس المخلوع يتطوعون بتعطيل كافة المناقصات التي أعلنت النقابة عنها لتأجير تلك الأدوار خدمة لهذا الجهاز الأمني المجرم.
وبالنسبة للطابق الذي اندلعت فيه النيران فهو من الطوابق المهجورة والذي كانت النقابة تلقي فيه مخلفاتها من متبقيات الأوراق والكتب ،تلك المخلفات التي تراكمت بمرور الأيام والشهور والسنين ،وأصبحت بمثابة خطر بالغ يهدد المبنى كله ،وعلى الرغم من تحذيراتنا كصحفيين لمن يقومون على أمور النقابة من خطورة وجود تلك المتبقيات ،إلا أن الإخوة الزملاء القائمين على شئون النقابة لم يأخذوا تلك التحذيرات مأخذ الجد ،حيث فوجئ الصحفيون باندلاع النيران بالطابق الخامس وبدخان كثيف يخرج منه ويغطي المبني كله ويخلق سحابة بوسط العاصمة المصرية القاهرة ،بعد أن طلت السنة اللهب من هذا الطابق .
هذا وحتى كتابة هذه السطور وبعد مضي أكثر من ساعة على اندلاع النيران بالمبنى لا تزال وسائل الدفاع المدني تحاول السيطرة علي هذا الحريق ،وتوقع الزملاء أن تتمكن من إخماده لان الحريق شب في دور مهجور ومحكوم .