عقدت اليوم الإثنين في قاعة مسجد محمد الأمين وسط العاصمة اللبنانية بيروت قمة روحية إسلامية مسيحية بعنوان "كيف يصنع المسلمون والمسيحيون السلام" تلبية لدعوة من مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار وبمشاركة الكنيسة الأنجليكانية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبحضور الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل ووزير الإعلام وليد الداعوق ووفد من الفاتيكان برئاسة الكاردينال جان لوي توران ووفد من علماء إيران برئاسة الشيخ محمد علي التسخيري وحشد من رجال الدين اللبنانيين المسلمين والمسيحيين. وألقى مطران مدينة زحلة وتوابعها عصام درويش كلمة البطريرك جريجوريوس الثالث لحام أكد فيها أن هجرة المسيحيين تعني ان المجتمع العربي سيصبح من لون واحد وهكذا يصبح الشرق الاوسط مجتمعا عربيا اسلاميا محذرا من انه إذا أفرغ الشرق من المسيحيين تصبح الفرص مؤهلة لصراع مدمر اسلامي ومسيحي.
وشدد درويش على أن لا شرق أوسط جديد في عالم عربي منقسم .. مشيرا إلى أن من يراهن على تقسيم العالم العربي فإنه خاسر لا محالة.
ودعا إلى جعل المنطقة العربية منزوعة السلاح والحروب والأحقاد ولتكون هذه الارض منطقة عدالة لتعيش فيها الديانات الكبرى الموحدة من مسيحيين ويهود ومسلمين.
وأكد ان العيش المشترك هو مستقبل هذه البلاد والمسيحيون عنصر هام لان لا عيش مشتركا من دون مسيحيين الا ان هذا العيش المشترك مهدد بسبب الهجرة الناتجة عن الحروب معتبرا ان دور المسيحيين في العالم العربي وفي ميلاد شرق أوسط جديد حقيقي أن يعملوا على خلق مناخ من الثقة بين الغرب من جهة والعالم العربي والإسلام من جهة أخرى.
من جهته، قال الشيخ الشعار إن موضوع المؤتمر يتركز على السلم الأهلي الذي يكتسب أهمية بالغة ليس للحاجة العالمية والبشرية اليه فقط وإنما لأن المتنادين والمتحاورين هم أكثر الناس خبرة في موضوع القمة الاسلامية المسيحية خصوصا ان موضوع السلام او السلم الاهلي هو الموضوع الأكثر إثارة في المجتمع وبكل ما تحمل هذه القضية من معنى ومضمون وبعد انساني وحضاري.
واكد ان الدين الاسلامي لا يفرض السلام بقوة الحكم او الحكام وإنما قبل ذلك وبعده بإيجاد الايمان الديني عند الأفراد والأمم المجتمعات في ايمان يدفع ويمنع ويأمر وهو الذي يسعد ويفرح ويسكن النفس ويطمئن القلب اذا فعل الخير وقام بأداء واجباته.
وقال رغم ان هذه القمة هي الاولى في لبنان لكنها مسبوقة في مثلها منذ سنتين حيث انعقدت في كاتدرائية "واشنطن دي سي" وهي تعقد اليوم في لبنان لانه مهد الحضارات وملتقى الثقافات ولأنه وطن ورسالة.
ودعا المشاركين الى ترجمة أفكارهم وعلومهم ونظرياتهم في حوار هادف من اجلصناعة السلام،الذي لن يتحقق الا بالقيم الدينية والانسانية وليسود العدل لتأخذ الشعوب حقوقها في الحياة وكرامتها وحريتها.
وطالب ضمير العالم بان يتحرك ليحيا الشعب الفلسطيني بأمان وليكون له الحق في حياة كريمة وليحيا بقيمه وتاريخه مثل بقية شعوب العالم ثم ليأخذ العالم كله على يد اسرائيل المغتصبة للأراضي المقدسة.
أما الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل فقد شدد على أن لبنان كان اول مختبر حي في العالم بين المسلمين والمسيحيين .. معتبرا ان اللقاء يشكل شراكة حياة ورهانا وطنيا وخيارا سياسيا ونموذجا حضاريا وتحديا للمحبة بوجه الاحقاد والسلام بوجه الحروب.
وأشار إلى انه رغم كل ما تعرضت له الصيغة المسيحية طوال عقود يبقى التعايش المسيحي الاسلامي في لبنان امانة الاديان لافتا الى ان صيغة التعايش هي الخيار الامثل المتاح شرط فهم ابعادها وقدسيتها وشرط ان تحصينها بما يؤمن لكل مكون لبناني الحرية والامن والطمأنينة في فضاء التعددية الحضارية والمساواة الوطنية وفي اطار دولة واحدة سيدة ديمقراطية.
وأعرب عن ثقته بجوهر الصيغة اللبنانية صيغة الوحدة والتضامن والتكامل معتبرا ان الصيغة اللبنانية تدفع ثمن نجاحها لا فشلها ولو كانت الصيغة اللبنانية خيارا خاطئا لما اجتمعت كل قوى التطرف والعنصرية والالحاد والشمولية لضربها ومنعها من ان تكون القدوة للآخرين.
وأضاف ان توفير ظروف نجاح الصيغة اللبنانية لا ينقذ لبنان فحسب انما يقدم للعالم العربي ايضا مخرجا لتعثر كياناته وانظمته وثوراته ويعطي للحوار المسيحي الاسلامي في الشرق والعالم فرص التقدم لان هذا الحوار يحتاج الى تجربة عملية يستند اليها ليعطيها مثالا على امكانية الحياة المشتركة.
وأعرب الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل عن ارتياحه لإقدام المرجعيات الاسلامية الرسمية على وضع وثائق تذكر المؤمنين برسالة الاسلام وجوهره ودوره وتحذر من حرف الايمان لغايات لا علاقة للاسلام والمسلمين بها منوها بورش الحوارالاسلامي الاسلامي التي انطلقت في ارجاء العالم العربي من المغرب وبلاد النيل والى الخليج والمشرق وبلاد فارس.
وقال ان وعي المرجعيات الاسلامية يشجع مسيرة الحوار ومن هنا كان ترحيبنا بوثيقة الازهر التي صدرت في يناير من هذه السنة وبوثيقة تيار المستقبل التي اطلقها منذ اشهر قليلة ومن هنا بادرنا الى وضع شرعة اطار من اجل مستقبل الشعوب العربية والانظمة الجديدة وهي تلتقي بجوهرها مع هاتين الوثيقتين.
من جهته، أثنى رئيس وفد الفاتيكان الكاردينال جان لوي توران على دور اللبنانيين في تخطي مرحلة الحرب الأليمة وعودة بيروت لتنعم بالسلام والهدوء مشيرا الى انه حين ينظر الى بيروت اليوم فإنه على ثقة انه حين يعمل المسيحيون والمسلمون سويا فإن باستطاعتهم التحضير لمستقبل أفضل داعيا الى العمل والعيش معا في مستقبل واحد يتشارك به الجميع.