ذكرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية اليوم الجمعة, "أن الحكم الذي أصدرته المحكمة في تونس على الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالسجن مدى الحياة هو نموذج للقضاء العادل وتجسيد لجهود الدولة بتحقيق العدالة على أعضاء النظام السابق، مما يعد درسا ينبغي أن تعيه دول الربيع العربي جيدا. وفي تحليل أوردته على موقعها الإلكتروني للوضع في تونس، قالت الصحيفة: "إن تونس مثلها مثل بقية الدول العربية التي تحررت لتوها من الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة, تواجه حاليا عمليات دقيقة من العدالة الانتقالية، كعقد مساءلات لهؤلاء المسئولين عن الجرائم التي ارتكبت في حق الشعوب في الوقت الذي يتم فيه كشف النقاب عن الحقيقة بشأن الكيفية والأسباب وراء ارتكاب تلك الجرائم". وتؤكد الصحيفة, "أن تونس تقدم دروسا لدول الربيع العربي، حيث إن سقوط الطغاة الدكتاتوريين يوفر الفرصة لإرساء تاريخ للدول، كما أن إخضاعهم للمحاكمات هي مجرد انطلاقة بعد أن خلفت عقود من الحكم الاستبدادي انتهاكات لا تعد ولا تحصى يتوجب التصدي لها، وقد اتخذت تونس خطوات سليمة بعد أن شكلت لجنة عقب رحيل بن علي لتوثيق مزاعم الفساد المتعلقة بحكمه والمذكورة في 10062 ادعاء وتم تضمينها في تقرير صدر في ديسمبر الماضي. ونقلت الصحيفة عن رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية بنيويورك كلاوديو كوردون قوله: "إن تونس اتخذت الإجراء الصحيح"، معربا عن أمله بأن تكون بمثابة قدوة لغيرها من الدول التي تخلصت لتوها من قادتها المستبدين، ولافتا إلى أن الهدف من العدالة الانتقالية هو معاقبة المدانين وتحقيق الإصلاحات على حد سواء لضمان عدم تكرار الانتهاكات. وتناولت كريستيان ساينس مونيتور الواقع التونسي منذ أن تولى زين العابدين بن علي الحكم عام 1987, عقب تنحي سلفه حبيب بورقيبة بعد مرضه ,والذي حكم تونس منذ نالت استقلالها عن فرنسا عام 1956 . وقالت الصحيفة: "أن حقيقة حكم بن علي استترت وراء معاني الحداثة و العصرنة قبل أن تنكشف طبيعة الدولة البوليسية التي اعتمدت على سجن وتعذيب المنتقدين للأوضاع، علاوة على فرض الرقابة على وسائل الإعلام والتجسس على المواطنين، في حين تشق عائلة بن علي طريقها في تأسيس المشروعات الضخمة للتربح الشخصي. وترى الصحيفة أن تونس يتوجب عليها في هذه المرحلة الإجابة عن أسئلة رئيسية حول إمكانية وكيفية تعويض ضحايا الثورة وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، ولفتت إلى أن المحاكمات وضعت القوى الحاكمة المسئولة دفعة واحدة قيد المحاسبة، وبالتالي فإن هذه القيادات أصبحت معرضة لأن تطبق عليهم حدود النظام القضائي عن عهود طويلة ملتوية عملوا فيها على ترسيخ الاستبداد. واختتمت الصحيفة بالإشارة لتقرير أصدرته منظمة هيومان رايتس ووتش في 11 يناير الماضي بشأن إجراءات المحاكمة، فهي بقدر نزاهتها كانت معقدة للغاية بالنظر إلى أن القانون التونسي لا يلقي بالمسئولية على عاتق قادة الأمن العسكريين جراء الأعمال التي يقوم بها مرؤوسيهم، رغم أن ذلك يتعارض مع القانون الدولي.