بالصور .. العثور على لوحات نفيسة بسرداب متحف الحضارة محيط - رهام محمود حول اكتشاف فريق الترميم بقطاع الفنون التشكيلية سردابا سريا بمتحف الحضارة القديم، عقد أول أمس مؤتمرا صحفيا بمتحف الجزيرة، حضره د. أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الفنان أحمد عبد الفتاح رئيس الإدارة المركزية للمتاحف والمعارض، والناقد صبحي الشاروني. أكد د. رضا أن قصة الكشف بدأت يوم الأربعاء 20 أبريل الجاري أثناء قيام فريق الترميم بإخلاء جدران متحف الحضارة المصرية (1949 – 1989) من الديورامات المثبتة داخل جدران المتحف حتى كانت ديوراما "مجرى حوض النيل" الضاربة بعمق ثماني أمتار داخل الحائط، وعند استخراجها تم اكتشاف وجود باب سري يؤدي إلى سرداب. وبناء عليه قام د. رضا بتشكيل لجنة برئاسة الفنان أحمد عبد الفتاح، وعضوية الفنان طارق مأمون مدير عام المتاحف، ود. منال شلتوت مدير متحف الحضارة القديم، لحصر الأعمال الموجودة في السرداب وتوثيقها وتسليمها إلى إدارة الترميم. يصل إجمالي أعمال خبيئة السرداب إلى 222 عملا، 18 بانوه للوحات زيتية كبيرة من أعمال الرواد، 85 إسكتش فني ملون بالألوان المائية لتجهيزات العرض المتحفي الذي تم افتتاحه عام 1949، 65 من الرسومات الهندسية والمعمارية الخاصة بمتحف الحضارة المصرية الذي السرداب صممه وأشرف على تنفيذه مصطفى بك فهمي عام 1936 بتكليف من ملك مصر والسودان فاروق الأول، 19 خريطة قديمة للقطر المصري وتخطيط مدينة الإسكندرية، 32 رسما توضيحيا، و ثلاث صور فوتوغرافية. وأشار د. رضا إلى أن أعمال الترميم بمتحف الحضارة المصرية تأتي ضمن منظومة العمل لمشروع إنشاء متحف الجزيرة العالمي؛ حيث سيتم إلحاق الفراغات الخاصة بالمتحف ضمن مساحات العرض المطلوبة لإنشاء المتحف الجديد الذي يعد الأكبر شرق أوسطيا للفنون المختلفة . وسيضم المتحف الجديد أكثر من 4000 عمل فني، تحوي ممتلكات القصور الملكية بمصر، والتي يأتي على رأسها أعمال فناني القرن التاسع عشر أمثال أوجست، رينوار، أوجين ديلاكروا، كلود مونيه، آنجر، رودان وغير، إلى جانب أعمال النسيج القبطي، الزجاج الفاطمي، والفازات السيفر والشنواة. وأعلن رضا أنه سيتم اصدار هذه الأعمال في كتاب وثائقي لهذه الخبيئة. كما وجه د. عماد أبو غازي وزير الثقافة إلى إقامة معرض فني كبير لأعمال الخبيئة خلال الشهر القادم ليطلع الجمهور على جزء هام من ذاكرة مصر التاريخية والفنية فور الانتهاء من ترميم هذه الأعمال، والانتهاء من أعمال لجنة الفحص والتوثيق وتدقيق البيانات المشكلة برئاسة الناقد د. صبحي الشاروني. وقال الشاروني: المتاحف مؤسسات تعليمية، لكن بعد انهيار التعليم لم يعد الطلاب يزورون المتحف، رغم أن السائحين يأتون لبلادنا من مختلف بلاد العالم لمشاهدة حضارتنا الإنسانية العريقة ، في حين أن أبناء البلد لا يعرفونها . يضيف الناقد: بعد إدخال تعديلات كبيرة على وزارة التربية والتعليم أصبح من الصعب إعادة الإحترام لمتاحفنا ، لذا علينا كشعب ممارسة عادة زيارة المتاحف لمشاهدة الظروف المختلفة التي مرت البلاد بها، وكيف استولت عليها قوى مستعمرة ثم استقلت مصر ووقفت على قدميها . توقع الشاروني أن سبب اختفاء الخبيئة هو أن الحكم الذي جاء بعد ثورة من لوحات الخبيئة 1952 كان يخشى محاسبته. فالكتالوج الذي يضم صورة الملك فاروق تم تخزينه في هذا السرداب مع كراتين اللوحات التي تصور أسرة محمد علي، والجوانب الإيجابية فترة حكم الأسرة العلوية كلها ؛ ولذلك استخدم هذا السرداب في حفظ التجارب التي كان سيوافق على عرضها في المتحف. كما ضمت الأعمال المخزنة بالسرداب صورة للرئيس الأول لمصر محمد نجيب مع مجلس قيادة الثورة، وهذا كان مقصود إخفاءه؛ ولذلك تم غلق السرداب بعد إزاحة نجيب من السلطة أي عام 1954. وأوضح الشاروني أن أعمال الفنانين التي اكتشفت في هذا السرداب تقدر بأسعار مرتفعة جدا من بينها أعمال للحسين فوزي، حسن يوسف، نجيب فانوس، راغب عياد، حسني البناني، محمد حسن، أحمد يوسف، محمد السيد العزازي، أحمد عثمان وغيرهم من فناني مصر الكبار. كما تضم الأعمال مجموعة كبيرة من الرسوم الهندسية واخرائط جميعها للمهندس محمود كامل حسن. بالإضافة إلى الكتالوج الذي طبع عام 1949 للمتحف والذي وزع بأكمله ولا نجد منه سوى نسختين أو ثلاثة في السرداب، لكننا وجدنا آلاف النسخ التي طبعت بعد ذلك لنفس الكتالوج عام 1950 ولكن بعد تصغير بعض الصور مع وجود نفس البيانات واللوحات الموجودة في الكتالوج القديم. وأكد الشاروني أن اللجنة ستحاول تحديد القيمة المالية للوحات التي سيتم توثيقها، وأنها ستتعدى في بعض اللوحات المليون جنيه. من لوحات خبيئة المتحف من جهته أعلن رئيس قطاع الفنون د. أشرف رضا أنه سيتم فتح أبواب متحفين أو ثلاثة يوم في الشهر مجانا في فترة ليلية للجمهور من الساعة التاسعة مساءا للواحدة صباحا. كما يتم البحث عن موقع آخر لإعادة العرض المتحفي لمتحف الحضارة الذي سيضم محتوياته لباقي مساحات متحف الجزيرة العالمي الجديد المتوقع الانتهاء منه في عام 2013، ويضم أعمال من القرن الثامن والتاسع عشر. وفي تصريح خاص ل"محيط" قال أحد أعضاء اللجنة الفنان طارق مأمون : سوف يتم فحص الأعمال المكتشفة في السرداب، وتحديد الاحتياجات الترميمية لكل عمل، وتنسيب الأسماء للوحات المجهولة الغير موقعة، والأولوية التاريخية والأهمية من الناحية المتحفية للأعمال بشكل عام، وتصنيف الأعمال. وفي المرحلة الثانية سيتم البدء في ترميم الأعمال بشكل واسع كتنظيفها وصيانتها ومعالجة التوالات من الفطريات، ومعالجة الأوراق وتبشيرها لأنه مع الحرارة والرطوبة لابد معالجته من الجفاف والفطريات التي زادت مع الزمن. وبعد ذلك سيتم عرض الخبيئة بشكل كامل، والتي تحمل أعمال استثنائية لمجموعة من أهم الفنانين المصريين في فترة الأربعينيات والخمسينيات. وأهميتها الكبرى أن بها عناصر كثيرة تنقل لنا فكرة تطور اللوحة ومراحل إنتاج العمل الفني من اسكتش لرسم تحضيري لرسم آخر بمقياس رسم الناقد الشاروني ود. أشرف رضا وصولا لمرحلة العمل النهائي، فنحن عندنا في الثقافة التشكيلية عدد قليل جدا من الأعمال التي تعرض مراحلها التمهيدية، فمعظم التشكيليين لا يهتموا بعرض هذه المراحل من الأعمال، لكن هنا الزمن حفظ لنا هذه المراحل لفنانين كبار.