صدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر كتاب "ولدت هنا ولدت هناك" للكاتب والشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، ويرصد عبر صفاحته ال 283 صفحات من تاريخ فلسطين بما فيه من المفجع والمروع عبر سرده بعضا من تاريخ عائلته الصغرى "وهي عائلة ادباء فنانين" والعائلة الاكبر بما يمثله تاريخ من الالم والتشرد والابداع. ويعد كتاب البرغوثي الجديد الذي يحمل عنوانا شديد الدلالة أقرب الى سيرة ذاتية من بعض النواحي، ولكنه يمثل مزيجا من الشعر والقصة واللمحات التاريخية لينجب لنا نسيجا ممتعا من كل ذلك. وارتدي مريد البرغوثي -وفقا لما كتبه جورج جحا بصحيفة "العرب اللندنية" - ثوب مؤرخ أحزان وآمال وخيبات، حيث يكاد يبكي قارئه وهو في الوقت نفسه يضحكه دون شك، ولكن يبدو كأنه لا يتعمد اضحكنا مما يبكينا. وتمكن البرغوثي من خلال عودته إلى بلدته أريحا بعد طول غياب في نقل نبض الحياة الفلسطينية اليومية وعذاب الناس الذي صار الان يعتبر طريقة حياة الحصار وحواجز التفتيش وتوقيف الناس واستجوابهم والقدرة علي التفلت من العوائق لجعل الحياة تستمر. ويكتب جحا أن مريد في كتابه شرح كيف قضي حياته متنقلا بين القاهرة وعمان والمجر، وزواجه من الاديبة المصرية رضوى عاشور، لحظة وصوله مع ابنه تميم الى فلسطين فيقول " اخرج من الطابور. امسك بيد تميم. ندخل معا قاعة الحقائب بفرح. نخرج الى الشارع.اضمه ويضمني في عناق جديد على ارض يراها لاول مرة منذ ان ولدته رضوى قبل واحد وعشرين عاما. تميم في فلسطين." وينتقل إلى لوحة أخري من الواقع المبكي والذي يتجسد في وفاة المؤرخ الفلسطيني البارز اميل توما في العاصمة المجرية بودابست، عندما قرر عددا من عشاقه لفه بالعلم الفلسلطيني ليكتشفوا في النهاية انه بذلك لن يسمح لجثمانه بالدخول لانه ملفوف بعلم فلسطين وهو يحمل الجنسية الاسرائيلية، ليسخر من الأقدار أن مؤرخ فلسطين الكبير وكاتبها السياسي ومربي اجيالها منذ اوائل القرن العشرين يصبح اسرائيليا!. نقل البرغوثي بين دفتي كتابه قصص من الألم الفلسطيني كثيرة والتي دفعته لكتابة قصيدة عنوانها "لا بأس" تمنى من خلالها موتا رحيما لا يكون على يد أحد من خلق الله. لا بأس أن نموت في فراشنا على مخدة نظيفة وبين اصدقائنا لا بأس ان نموت مرة ونعقد اليدين فوق الصدر ليس فيهما سوى الشحوب لا خدوش فيهما ولا قيود لا راية ولا عريضة احتجاج لا باس ان نموت ميتة بلا غبار وليس في قمصاننا ثقوب وليس في ضلوعنا ادلة لا باس ان نموت والمخدة البيضاء لا الرصيف تحت خدنا وكفنا في كف من نحب يحيطنا يأس الطبيب والممرضات وما لنا سوى رشاقة الوداع غير عابئين بالايام