الآن أمامنا كثوار خياران لاثالث لهما ،الأول هو الالتفاف حول مرشح الأخوان الدكتور محمد مرسي ،علي اعتبار أنه يمثل الثورة ،أو العودة مرة أخري الي ميدان التحرير وبقية ميادين مصر ،انطلاقا من مبدأ أعلنه دكتور عبد المنعم أبو الفتوح ،ألا وهو أن الإنتخابات الرئاسية لم تكن نزيهة ،وأن تلاعبات تمت في عمليتها ، وقضت علي نزاهتها ،ومن أبرزها أن الفريق أحمد شفيق عزله البرلمان ومنعه من ممارسة العمل ،واللجنة القضائية استهترت بقرار البرلمان والتفت عليه وسمحت لشفيق بخوض الإنتخابات. كما أنه من الواضح للجميع الآن أن ثمة تلاعبات لصالح احمد شفيق ،تسببت في إحتلاله المركز الثاني ،وتلك التلاعبات مارستها عناصر أمنية في وزارة الداخلية علي وجه التحديد ،تلك العناصر لم يقتصر دورها علي تزوير بطاقات الرقم القومي ، بل تم إستبدال صناديق بعد طرد المندوبين ،وفي ذات السياق قال دكتور أبو الفتوح في مؤتمره الصحفي أن هؤلاء المندوبين تم إبعادهم عن الصناديق بالفعل لساعات طويلة ،فضلا عما قالته حملة حمدين صباحي الذي احتل المرتبة الثالثة من أن أعضاء الحملة حصلوا علي بطاقات تصويت لصالحه ملقاة في الشوارع ،وتلك وقائع تفسد العملية الانتخابية ،إلي جانب قرار البرلمان بعزل شفيق ومن علي شاكلته.
ومخاطر تزوير انتخابات الإعادة لصالح شفيق واردة بشدة بعد كل ما شاهدناه من تحركات غير مسبوقة من قبل فلول نظام مبارك المنهار، ودعم غير مسبوق للمذكور من قبل رجال إعمال هذا العصر الأسود، بهدف شراء الذمم والسيطرة علي الثورة،وبالتالي فأن مخاطر تزوير تلك الإنتخابات واردة بشدة،ونحن نجد الثوار ينقسمون علي أنفسهم،ولا يرتفعون بهآماتهم فوق خلافاتهم الفكرية والسياسية ،التي يتوجب علي كل ثائر أن ينحيها جانبا ً الآن ،ولاينساق وراء عناصر أفسدت الحياة السياسية بعهد مبارك،أوحملت كراهية وبغضاء لكل من يقول ربي الله مسلم كان أم غير مسلم ،وتلك العناصر التي تعمل علي تفريق وحدة الثوار امتطت موجات الثورة الآن للأسف ،واندست وسط جماعات وأحزاب ،من أجل ضرب ثورتنا العظيمة من الداخل .
وعلي كل فإن المدعو أحمد شفيق لاتراهن عليه عناصر داخل مصر فقط،وتلك العناصر المشار إليها معروف أنها أضرت بالثورة وبمطالبها وأجنداتها الخاصة ،إنما تراهن علي أحمد شفيق دوائر إسرائيلية متعددة ،وأمس نشرت صحيفة جروزلوم بوست الصهيونية تقريراً وصفت فيه أحمد شفيق بأنه مبارك رقم اثنين ،وقالت إن فوز شفيق هو أمل دولة "إسرائيل :" الوحيد من أجل إعادة مصر إلي ما كانت عليه قبيل ثورتها ،والحفاظ علي نهج مبارك .
ومن المهم أن نرد علي من يقولون ،لماذا لانمنح الفريق أحمد شفيق الفرصة والشعب هو الفيصل يريده أو لايريده ؟... ،ولماذا نعين من أنفسنا أوصياء علي إرادة الشعب ..؟ ،وللأسف من يرددون تلك الأسئلة يتجاهلون تماما أن في مصر اندلعت ثورة كبري وعظيمة ....ضد أحمد شفيق وضد النظام الذي كان من أبرز أقطابه ... وتلك الثورة أنهت تماما حكم حسني مبارك والذي كان أحمد شفيق عند سقوط مبارك من أهم أركانه ،كما أن لأحمد شفيق أمام النائب العام ملف متخم بالوثائق التي تشير لوقائع فساد قال من قدموا تلك البلاغات الموثقة المتواجدة بالملف أنه ارتكبها ،تلك الوقائع لم يتم التحقيق فيها حتي الآن .
كما أنه في مناخ الثورات يتوجب أن يحدث تطهير شامل تتم خلاله محاكمات وعمليات عزل سياسي ،وهو ما طالبنا به مراراً بعد تفجر ثورة 25يناير المجيدة ،لكن الإخوة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة ،تجاهلوا ما طالبناهم به ،وبرروا هذا التجاهل لأسباب مختلفة من بينها أنهم مضطرين لترك الفلول التكنوقراط للحفاظ علي الدولة المصرية من الانهيار ،وبالطبع كانت تلك مقولات حق يراد بها باطل ،لكون أن من يديرون وطننا كانوا للأسف يريدون خدامين وليس رجال ونساء أحرار،يريدونهم لمثل هذا اليوم ...يوم تزوير الإنتخابات .
لذلك لم يتم تطهير المجتمع المصري بعد الثورة من أدرانه وبؤر الصديد فيه ،كما تم ترك الفلول يتآمرون علي الثورة تدريجيا ،ويعيدون تنظيم صفوفهم ،وبدأ فسادهم يستشري في الدولة من جديد ،وعندما طرح شفيق الذي سبق وطردته الثورة كرئيس وزراء ،طرح نفسه مرشحاً للرئاسة ،كان لابد للفلول أن يتحركوا وراء رمزهم فمضوا خلال الإنتخابات يفسدون الحياة السياسية في مصر ويشترون الذمم بأموالهم التي سبق واستولوا عليها من مقدرات الوطن ،من أجل ايصال فِلهم الأكبر الفريق شفيق لموقع الرئاسة .
وفي ضوء هذا المناخ الملوث بالفساد جرت المرحلة الأولي من انتخابات الرئاسة ،وتحركت رموز نظام مبارك ،وتحركت فلول هذا النظام العفن ،لتنشر الفساد خلال عمليات التصويت عبر شراء الأصوات وشراء الذمم مستغلة معاناة الشعب ، ونجحت في أن تدفع بأحمد شفيق للمرتبة الثانية ،ولجولة الإعادة في المرحلة الثانية من الإنتخابات المصرية ،وبتنا كثوار في مواجهة هذا المناخ السيئ الملوث ،والسبب أن التطهير بعد قيام الثورة لم يتم,كما أن الثورة إقامة آليات ديمقراطية في ظل مناخ سياسي فاسد بات يهددها بالفشل.
بقيت نقاط أخري لابد من معالجتها تتعلق بخيار الالتفاف حول د.مرسي مرشح الإخوان المسلمين ،حيث يزعم البعض أن الإخوان وفصائل التيار الإسلامي لاينتمون للثورة ،وتلك مقولات حق يراد بها باطل لأن الإخوان أول من ثاروا وفي سبيل ذلك جادوا بأرواحهم وبحريتهم وتعرضوا للحصار والتجويع والنفي ،وكانوا في سنوات حكم مبارك سدا ،نقولها كلمة حق ،علي الرغم من تعرضنا للسباب والشتائم مراراً بسبب اجتهاداتنا من قبل عناصر إخوانية ، نقول "والله العظيم لولا هذا السد الإخواني لانهارت مصر منذ زمن" .وخلال أيام ثورة 25يناير كان الإخوان أحرص الناس علي نجاحها وفاق ما قدموه من شهداء وجرحي ما قدمته كل الفصائل والقوي ،لذا عار علي من يقول أن الإخوان لاعلاقة لهم بالثورة أن يمضي في هذا القول .
لذلك فإننا في الختام نناشد كافة الفصائل الوطنية والإسلامية الثورية الشريفة أن تتفق علي منهاج للتخلص من الفريق أحمد شفيق واستئصال فلوله ،إما عبر الإنتخابات الحرة والتوحد حول دكتور محمد مرسي وتكثيف الجهود في ذات الإطار ،وإما بالنزول إلي الشوارع لاستكمال مطالب الثورة ومنع شفيق من الإعادة ،ومن جهتنا نري أن نلتف حول دكتور مرسي ،وإن زوروا الإنتخابات فإننا ننزل إلي الشوارع والميادين ولانعود لمنازلنا إلا عقب انتصار الثورة ،ونثق أن السيد المشير ورفاقه لن يسمحوا للفلول أن يفعلوها في المرحلة الثانية والأخيرة من تلك الإنتخابات،ويزوروها لأن تداعيات التزوير ستكون كارثة علي الجميع وكارثة علي مصر ،التي نثق أن جيشنا وقياداته يحبونها ويعملون لأجلها. ************************ شادية يا حبيبتى يا مصر [email protected]