اعتلت المرشحة البلغارية إيرينا بوكوفا منصب المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" عقب منافسة شرسة على المنصب وتحقيقها للفوز على المرشح المصري فاروق حسني بغالبية 31 صوتاً مقابل 27 صوتاً في جولة الاقتراع الخامسة والأخيرة. وتعد بوكوفا "57" عاماً أول امرأة تحتل هذا المنصب في تاريخ اليونسكو، وهي دبلوماسية بلغارية لامعة تلقت تأهيلها في معهد العلاقات الدولية في موسكو الذي كان يعد من المؤسسات الراقية التي تتولى إعداد كوادر الأحزاب الشيوعية، وكان الالتحاق به نوعاً من الامتياز الخاص بالنخبة، وعملت بعد تخرجها عام 1976 في وزارة الخارجية البلغارية وتدرجت في مناصب عدة بينها منصب سكرتيرة ثالثة لدى البعثة الدائمة لبلغاريا في الأممالمتحدة، وتولت بعد ذلك رئاسة إحدى الدوائر في وزارة الخارجية ثم سكرتيرة أولى للوزارة. وعند سقوط جدار برلين والتحولات التي تلته في دول الكتلة الاشتراكية السابقة، قررت بوكوفا خوض المعترك السياسي، فانتخبت عضواً في البرلمان البلغاري ثم ترشحت لمنصب نائب رئيس الجمهورية عن الحزب الاشتراكي سنة 1996. تعرف بوكوفا بالديناميكية والطموح إلى جانب ثقافتها الواسعة، وكانت قد وضعت تقارير عدة مميزة عن التوترات العرقية في البلقان وتوسيع الاتحاد الأوروبي، وقد عزز فوز بوكوفا بالمنصب كونها أوروبية وأصغر سناً وسيرتها أقل إثارة للجدل من حسني الذي تعرض لحملات مضادة من أوساط صهيونية وإسرائيلية. و عقب فوزها - وفقاً لصحيفة "الحياة" اللندنية - هنأت بوكوفا حسني على أدائه قائلة أنها تكن له الكثير من الاحترام وكذلك للمرشحين الآخرين، كما أشارت إلى أن كل المرشحين عرضوا أفكاراً جيدة لمستقبل اليونيسكو، وأنها ستستوحي منها في عملها. وقد أصاب خسارة حسني للمنصب الإحباط في الأوساط المصرية وقد صرح الناطق باسم حملة الوزير المصري حسام نصار عقب إعلان النتيجة بأن "النتيجة كانت ثمرة اتفاق اللحظات الأخيرة بين الدول العظمى على عدم تمكين فاروق حسني من الفوز بالمنصب". كما تتابعت ردود الأفعال من قبل أعضاء البرلمان المصري حيث طالب كل من جمال زهران عضو مجلس الشعب والنائب الإخوانى محسن راضى بانسحاب الدول العربية والإسلامية انسحابا كاملا من منظمة اليونسكو احتجاجا على التحالفات غير الشريفة التي واجهت المرشح المصري لإسقاطه، وذلك عقب وقوف تكتلات القوى السياسية العالمية ضده ومساندة المرشحة البلغارية. وأرجع زهران خسارة حسني للتكتلات السياسية التي وقفت ضده ودعمت المنافسة البلغارية، وأكد أن خسارة حسنى في انتخابات اليونسكو ليست خسارة لشخصه بقدر ما هي خسارة لدولة بحجم وسياسة وعلاقات مصر الخارجية. وأكد د. مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب أن تكتلات الدول أحيانا تصبح أقوى من تدخلات الرؤساء، فعلى الرغم من تدخل الرئيس مبارك شخصيا لدعم المرشح المصرى، إلا أن تكاتف الدول الأوروبية وأمريكا ضده تسببوا في خسارته، وأشار إلى أن السبب الأساسي لمعاداة حسنى من اللوبى الصهيوني هو رفضه للتطبيع مع إسرائيل. كما جاء رد فعل الإخوان على خسارة حسني لمنصب اليونسكو على لسان د. محمد السيد حبيب نائب أول المرشد العام لجماعة الإخوان والذي قال أن ما حدث مع حسنى مثال للبلطجة الأمريكية والصهيونية التي تمارسها ضد المؤسسات الدولية، موجها رسالة لحسنى يقول فيها "بدلا من أن تولى وجهك شطر الغرب والعدو الصهيونى فى محاولة استجداء واسترضاء أمريكا من خلال البوابة الصهيونية، فلازم تعود لهويتك وخصوصيتك الثقافية والجذور العربية". وأشار حبيب أنه لا يوجد مؤسسة دولية إلا والسياسة هي التي تحركها والمصالح هي التي تلعب فيها، وعلى رأسها الأممالمتحدة ومجلس الأمن وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيره.