الإسكندرية: نظم مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية محاضرة عن ساويرس الأشمونين، أول من كتب باللغة العربية من الكتاب الأقباط، حيث ألقى المحاضرة الدكتور يوحنا نسيم يوسف، من مركز الدراسات المسيحية المبكرة، بالجامعة الكاثوليكية الأسترالية، وأدارها أحمد منصور، رئيس وحدة اللغة المصرية القديمة. قدم د. يوحنا نسيم يوسف لمحة عامة حول الظروف التاريخية التي عاش فيها ساويرس ثم تطرق إلى حياته، مشيراً إلى أنه ولد في الفترة مابين (910-915) موضحاً أن كتاباته تكشف عن أنه كان يملك ثقافة رفيعة ونال قسط وافر من التعليم مما أتاح له العمل ككاتب وكان أول من كتب من الأقباط. ولفت د. يوحنا إلى أن ساويرس الأشمونين كانت له كنيه " أبو البشر ابن المقفع"، وأنه لسبب غير معروف ترك الحياة الدنيوية وقرر أن يكرس حياته للرهبنة، إلا انه لم يعرف حتى الآن الدير الذي ترهبن فيه، لكنه بالتأكيد أحد الأديرة المعروفة. وذهب د. يوحنا في المحاضرة إلى أن ساويرس قد تأثر بالعالم المسلم الكندي وذلك ما يتضح بشكل كبير في كتاب ساويرس "الرسالة". أما عن مرحلة رسامته أسقفا؛ فقد أشار د. يوحنا إلى أنه لم يعثر على أخبار إلا بعد حوالي 20 سنة حينما كان في صحبة الخليفة المعز لدين الله الفاطمي( 969- 975) وكان في معية البطريرك القبطي ابرام بن زرعة(975-979م)، وكان حاضر في تلك الجلسة الوزير يعقوب ابن كللس وشخص يهودي اسمه موسى اليعازر وهو طبيب وفلكي، وحدثت مناظرة تفوق فيها ساويرس على الجميع. وتناول الاجابة عن تساؤل هام مفاده: لماذا كتب بالعربية؟، ورد د. يوحنا مؤكداً أن من أهم الأسباب وجود المناظرات الفلسفية الدينية إبان العصر الفاطمي والتي كانت تحدث في حضور (الخليفة)الحاكم وكان على المتناظرين أن يتحدثوا بلغة يفهمها الحاكم. كما أن كتاباته ضد اليهود كان لابد لها أن تكتب بالعربية التي يفهمونها. وأكد أن توجه ساويرس للكتابة بالعربية كان محاولة منه لإشباع احتياج فئة من الناس، ومحاولة لمخاطبة كم أكبر، وكان هو من أكثر الأساقفة فصاحة وحكمة لذا كان يتصدى للمناظرات والخطابات. وذكر د. يوحنا نسيم يوسف أن من أهم الكتب والمؤلفات التي كتبها ساويرس الأشمونين، كتاب" طب الغم وشفاء الحزن"، وهو من كتب الطب النفسي وعلاج الاكتئاب. وأيضاً كتاب مصباح العقل أو كتاب الاستبصار، وهو كتاب مبسط لمعرفة اللاهوت. وعرض خلال المحاضرة فقرات ونصوص من مؤلفاته مشيراً إلى أنه كان يستخدم مفردات العصر، وكان يعكس في كتاباته الوضع الاجتماعي في مصر، حيث أشار إلى قضايا الزواج والطلاق واستخدم مفردات فصحى ككلمة" النكاح". وقدم د. يوحنا خلال المحاضرة دراسة للسياق التاريخي الذي عاصره ساويرس الأشمونين، بالإضافة إلى السياق السياسي (الدولة العباسية والدولة الفاطمية)، والسياق الأدبي، والسياق الفني في هذا العصر،مثل: ما وصلنا من أبواب الكنائس وكذلك المباني مثل الجامع الأزهر الشريف وبعض حصون الكنائس، وكذلك السياق الديني سواء للمسلمين (شيعة وسنة) أو المسيحيين (خلقديدونين ولاخلقيدونيين ونساطرة) أو اليهود. وألقي الدكتور يوحنا خلال المحاضرة الضوء على حياه ساويرس من خلال ما وصلنا من مصادر وهي للأسف قليلة جدًا، مثل كتاب "تاريخ البطاركة" وما نستطيع استنتاجه من خلال أعماله. ثم تتطرق إلى أعماله التي وصلتنا، كما تعطي فكرة عن كل عمل من أعماله، بالإضافة إلى أعماله التي لم تصلنا ، ولكن ذكرها شمس الرياسة أبو البركات ابن كبر المعروف ببرسوم في موسوعته مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة، ونحاول أن نتعرف على مضمونها. وأخيرًا تناولت المحاضرة الأعمال التي نسبت إليه خطأ والتي أطلق عليها (الأعمال المنحولة) وذكر منها:كتاب "تاريخ البطاركة" وكتاب "ترتيب الكهنوت" والأعمال التي نسبت إلى ساويرس الأنطاكي وهي تخصه مثل "توجيهات للكهنة" من مخطوطة رقم 150 باريس عربي. وفي مكتبة الإسكندرية أيضاً أعلن الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة عن تضامن المكتبة الكامل مع المدن المصرية التي تضررت من كارثة السيول، تماشيا مع دورها المجتمعي الرائد كمنارة ثقافية ليس في مصر فحسب، وإنما في العالم أيضا. وقال سراج الدين إن مكتبة الإسكندرية ستعمل على جمع وإهداء كتب ومطبوعات مختلفة إلى مكتبات هذه المدن والمكتبات المدرسية بها تعويضًا عن الخسائر التي لحقت بها، وذلك بالتعاون مع مركز الإفلا للمكتبات الناطقة باللغة العربية والذي تستضيفه مكتبة الإسكندرية. وناشد سراج الدين الزملاء في المكتبات العربية المختلفة المشاركة في تقديم إهداءات من الكتب والمطبوعات العربية إلى المكتبات المتضررة جراء السيول. كما أعلن أن المكتبة تعمل على إهداء بعض الكتب الإنجليزية والفرنسية إلى دولة هايتي كمساعدة لإعادة بناء المكتبات والمراكز الثقافية والمدارس المتضررة جراء الزلزال المدمر الذي وقع بها يوم 12 يناير الجاري.