في الإنتخابات الرئاسية المقبلة ،لايزال غالبية أبناء وطننا ،لم يستقروا بعد لمن سيعطون أصواتهم ،وهُنا لا بد أن نتوقف ونحذر هم ، أن انتخابات الرئاسة لايصلح خلالها الاستقطاب الديني ،وندعو الإخوة المسيحيين أن يتعاملوا مع تلك الإنتخابات كمواطنين ،وبعيداً عن أي نوع من الإستقطاب ،والذي لن يكون تحت أي حال من الأحوال لصالح الوطن .لاسيما وأننا رأينا أمس حزب المصريين الأحرار الذي يسيطر عليه ويدعمه السيد :نجيب ساويريس الملياردير المصري المسيحي المعروف،يُعلن دعمه للسيد:عمرو موسي في الإنتخابات المقبلة. وجاء هذا الإعلان بعد يوم واحد من مناظرة تليفزيونية تمت بين اثنين من أبرز المرشحين علي موقع رئيس الجمهورية وهما السيدان عمرو موسي ود.عبد المنعم أبو الفتوح ،وكان ناشطون قد رصدوا في أعقاب انتهاء المناظرة بضعة كلمات كتبها نجيب ساويريس علي حائطه فوق " توتير "عقب مشاهدته لتلك المناظرة ،من بينها :"برافو عمرو" في إيماءة منه تشير إلي دعم "ساويريس" للسيد:عمرو موسي كمرشح لرئاسة الجمهورية ،حيث بلغتنا أيضاً أنباء بأن نجيب ساويريس تبرع بمليون جنيه لحملة السيد:عمرو موسي.
ونحن نعرف رجال أعمال كثر ،وأكثر ذكاء ووطنية من "نجيب ساويريس" يلتزمون الصمت ،ولا يعلنون عن مواقفهم الحقيقية من مرشحي الرئاسة ،ومن بينهم رجال أعمال ينتمون للحزب الوطني المنحل ،ويدعمون الفريق أحمد شفيق ،ويروجون له وسط عمال مصانعهم وشركاتهم ،لكون أنهم يعرفون أن نجاحه فيه استعادة لمكانتهم التي خسروها بعد تفجر ثورة 25يناير المجيدة .
لكن يبدو أن نجيب ساويريس لايخشي أحد ،لكون أنه يتمرس خلف طائفيته ،وخلف علاقاته الوثيقة بالدوائر الأمريكية ،ونحن نثق أن الخيارين في ظل وجود حاكم وطني لن يحميانه علي الإطلاق.
وإذا ما رجعنا بذاكرتنا إلي الخلف ،حيث كانت تجري الإنتخابات البرلمانية ،وقبلها أجري استفتاء علي التعديلات الدستورية ،نجد أن حزب المصريين الأحرار هو الذي فجر شرارة الإستقطاب الديني ،وهو ما تسبب في توجه أبناء الوطن للتصويت علي أساس العقيدة ،وأننا نري لو كُنا من قادة التيار الإسلامي لأقمنا حفل تكريم خاص للسيد:نجيب ساويريس ولحزبه ،لأن إظهارهم الكراهية للتوجه الإسلامي ،أعطي فرصة للعناصر المتطرفة من الجانبين لتقود مصر إلي هذا الإستقطاب ،وها هو نجيب ساويريس وحزب المصريين الأحرار يكرر نفس الفعلة في انتخابات الرئاسة .
ولذلك فإننا نتوقع مع انطلاق فعاليات الإنتخابات الرئاسية ،أن نجد أمام اللجان من يقول لنا كناخبين أما أن تنتخبوا المرشح الإسلامي ،أو تنتخبوا المرشح الصليبي ،تماما كما كان يقال في الإنتخابات البرلمانية ،أما أن تنتخبوا القائمة الإسلامية أو القائمة الصليبية،وكل ذلك يُسأل عنه أولا حزب المصريين الأحرار وزعيمه السيد :نجيب ساويريس ،وثانيا الإخوة العلمانيون بمختلف فصائلهم وتواصل سخريتهم من الطرح الإسلامي وإظهار العداء له ،وكُل ما يفعلون ليس في صالح مصر من بعيد أو قريب.
وبدون مناخ سوي تجري فيه الإنتخابات بعيداً عن أية شعارات دينية إسلامية أم مسيحية ،فلايمكن أن تتم انتخابات نزيهة وسوية في مصر ،ونحن ممن يؤمنون تماما أن الإسلام كدين ودولة يقصد بهذا الشعار أن الإسلام ما وقر في القلب وصدقه العمل ،والمسيحية كذلك ،فالإيمان بالله جذوره واحدة ،لكن في ظل هذا المناخ الطائفي والديني المشبع بالعداء للآخر وكراهيته ،وعدم تفهم المناخ الديمقراطي بشكل صحيح ،لن تنعم مصر أبدا بديمقراطية حقيقية .
ومن جهتنا ،خارج نطاق تلك التعبئة الدينية والطائفية والعلمانية ،نُعلن أننا وأهلنا ومن نحب سنمنح أصواتنا ،لمن يضع نهاية ل كامب ديفيد ،ويضع نهاية أيضاً للتطبيع والتبعية والشراكة الإستراتيجية مع واشنطن ،وسأصوت لمن يدعو للعدالة الاجتماعية وينحاز للفقراء ،ويعمل علي إحياء القطاع العام إلي جانب القطاع الخاص كجناحان وطنيان للتنمية الاقتصادية الوطنية المستقلة.
وسنمنح أصواتنا لمن يحافظ علي مقومات تراثنا الحضاري الذي بنيناه معا مسيحيين ومسلمين ،وسنمنح أصواتنا لمن هو جاد في تطهير البلد من فلول نظام مبارك ،ومن هو جاد في القصاص للجراحي و للشهداء وتعويض أسرهم ،ولمن يرد الجميل لخير أجناد الأرض قادة جيشنا للدور الذي قاموا به للحفاظ علي الثورة والوطن،وسنمنح أصواتنا أيضا لمن يعيد علاقتنا إلي طبيعتها مع حزام أمننا القومي العربي الإسلامي .