يحتشد الآن أمام مقر دار الإفتاء المصرية عدد من شيوخ الأزهر الذين ينددون بزيارة مفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة للقدس معتبرين أنه يعد تطبيعا مع الكيان الصهيوني وأنه مخالفة للإجماع العربي بألا يزوروا القدس إلا بعد تحريرها . وسأل "محيط" عدد من الكتاب الرافضين لزيارة المفتي للقدس، وبينهم المؤرخ الفلسطيني عبد القادر ياسين ، والذي قال : منذ البداية تسلل المفتي علي جمعة إلى الأردن ، ورغم أن الصحافة الإسرائيلية كشفت عن أن التنسيق بين الحكومتين الإسرائيلية والأردنية لزيارة جمعة للقدس قد بدأت قبل أسبوعين من الزيارة؛ فإن المفتي لم يبلغ أحد طوال هذين الأسبوعين عن هذا الأمر. ويستدرك ياسين بقوله : أما قوله بأنه لم يحصل على تأشيرة دخول إسرائيلية، كما لم يوضع الختم الإسرائيلي على جواز سفره فذلك الكلام ليس في صالحه؛ ذلك فإن استثنت إسرائيل المفتي من التأشيرة والختم فهذا سيكون نظير خدمة جليلة يقدمها المفتي لها . ورغم أن البوليس الإسرائيلي يمتلك نقطة في المسجد الأقصى، كما أنه يرابط على أبواب الأقصى كافة، وعلى باب المغاربة الذي مر منه المفتي فإن المفتي يقطع بأنه لم ير أي رجل أمن إسرائيلي!. يضيف : المفتى ارتكب مخالفات سابقة غريبة منها حضور حفلات نوادي أجنبية كان نظام عبد الناصر الوطني التقدمي حظر نشاطها في مصر، وأدان الثورة ضد مبارك . ومن جانبه قال الكاتب المصري الدكتور أحمد الخميسي أن سفر مفتي الديار المصرية د. علي جمعة للقدس جزء من التطبيع مع إسرائيل؛ لأنه سافر لافتتاح مشروع في القدس وكأن هذا المشروع لا يمكن أن يفتتح دون حضوره؛ إذا فسفره ليس له مناسبة ذات قيمة. وقال الخميسي ل"محيط" أن المفتي لو سافر من أجل مؤتمر عن السلام في الشرق الأوسط لكان من الممكن تفهم الأمر، لكنه سافر في إطار علاقات التطبيع مع إسرائيل، وخلافا لكل المواثيق التي أصدرتها النقابات والهيئات المصرية الشعبية وكل الأحزاب التي تعارض في مواثيقها التطبيع، حتى الأزهر الشريف نفسه تبرأ من هذه الزيارة إذا فهو بذلك يخالف الإرادة الشعبية. والمفتي – بحسب الخميسي - يبرر السفر بأنه زيارة شخصية وهذا عذر أقبح من ذنب، كان لابد إذا أن ينتظر عندما يترك دار الإفتاء ويسافر بشخصه وليس بصفة ملتبسة بأنه مفتي الديار؛ فإسرائيل استقبلته بصفته مفتي ديار مصر ووجه رسمي وليست لشخصه، وقد توعد اتحاد الكتاب بشطب اسم المفتي من سجله ، كما فصل من قبل علي سالم عند زيارته لإسرائيل. وأضاف الخميسي أن جمعة سافر بعد وفاة البابا شنودة، وبعد أول زيارة للأقباط في القدس، واعتبر أنهم بذلك يدعون لزيارة المسلمين والمسيحيين إلى القدس وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومن المؤكد أن الهدف هنا فتح باب التطبيع تحت دعوى زيارة المسلمين والمسيحيين الدينية للقدس ، وهو موقف يدعم عملية الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. ومن جانبه قال د. محمد الكحلاوي أمين اتحاد الأثريين العرب أنه كان ضمن من هاجموا وزير الأوقاف السابق لزيارته للقدس لأنها كانت لتمويل السياحة الإسرائيلية، مؤكدا أن دعم المقدسيين وحماية القدس واجب ولكن ليس عن طريق الزيارة . وقال الكحلاوي أن زيارة المفتي للقدس لو كانت من باب حماية المقدسات والدعوة لذلك ولفت الأنظار إلى كونها قبلة المسلمين الأولى ، فهي مرحب بها، لكن من باب العمل السياسي تكون مرفوضة تماما . وقال الدكتور إبراهيم الدراوي مدير مركز الدراسات الفلسطينية في مصر أن زيارة الشيخ علي جمعة لن تكون في صالحه ولا في صالح القدس، بل تعد سبة له؛ خاصة أن البابا شنودة حرم على أبناء الكنيسة الذهاب للحج في القدس إلا مع إخوانهم المسلمين. وأكد الدراوي أن مفتي الديار لابد أن يكون حصل على التأشيرة من إسرائيل؛ لأنه لا يجوز أن يدخل أي دولة بدون ختم أوراقه منها، وزيارة المفتي ستسجل في تاريخ اليهود أن مفتي الديار المصرية دخل إسرائيل وأم المصلين في المسجد الأقصى. واعتقد الدراوي أن ما جرى انتكاسة بحق رجل دين أزهري. وتذكر الشيخ جاد الحق علي مفتي الديار المصرية السابق الذي منع الطلاب والأساتذة من زيارة القدس إلا بعد تحرير الأراضي الفلسطينية. ومن اتحاد الكتاب، قال الدكتور صلاح الراوي عضو هيئة المكتب أن الجمعية العمومية لاتحاد الكتاب هي السلطة الأعلى في الاتحاد، والتي اتخذت قرارات متتابعة طوال السنوات الماضية، بفصل كل عضو في الاتحاد يصدر منه سلوك يتصل بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، وعندما قام الدكتور علي جمعة بزيارة القدس وهي تحت الاحتلال الصهيوني فإنه يكون بذلك قد خرج على قرارات النقابة التي ينتمي إليها ككاتب. وهناك اجتماع طاريء الاثنين المقبل لحسم مسألة فصل المفتي من الاتحاد . ودعم الموقف السابق الناقد الكبير شعبان يوسف بقوله أن زيارة المفتي للقدس تعد اختراقا للثوابت الوطنية، ولكن من جهة أخرى لابد أن تسقط عضوية الشيخ علي جمعة من اتحاد الكتاب بقانون ، وفي الحالتين فهو مدان من جميع الكتاب . واقترح يوسف إقامة مؤتمر حول نظرة الجمعيات الدينية وبخاصة الإخوان والسلفيين للخطوط الوطنية، وموقفهم من إسرائيل، وتكشف فيه أوراق كثيرة بداية من السلام الشهير بين شيخ الأزهر السابق محمد طنطاوي وبين شيمون بيريز ، مشككا بأن هناك رسائل طمأنة تعمل الآن من جهة التيار الإسلامي لإسرائيل بأن اتفاقية كامب ديفيد لن تمس. يذكر أن فضيلة المفتي أجاب عن تساؤلات أعضاء مجلس مجمع البحوث الإسلامية مؤكدا لهم أنه حمل رسالة من المقدسيين أن أغيثوا المسجد الأقصى من مخططات التهويد، وأوصل للجميع صرخة المقدسيين الذين بدأوا في النزوح من القدس الشريف إلى الضفة، بسبب التضييق عليهم، وهو ما يصب في خدمة التهويد. فيما أكد مستشاره الدكتور إبراهيم نجم أن مسألة زيارة القدس خلافية ولا يجوز أن تتحول لمادة لجلد علماء الدين، خاصة لو كانوا يهدفون من ورائها لنصرة القضية الفلسطينية ولا تعني بأي شكل الاعتراف بشرعية المحتل الصهيوني . وأيد الموقف السابق العلامة السوري الدكتور محمد سعيد البوطي والذي قال بخطبته الأخيرة : " فتاوى منع زيارة الأقصى يقف خلفها الفكر الصهيونى الذى يستهدف المقاومة ومن يقف وراءها من دول وقوى داعمة لها. لقد كانوا إبان الاحتلال الصليبى يزورون المسجد الاقصى لكنهم لم يكونوا يتصورون ان زيارتهم له اعتراف بهؤلاء الصليبيين وأن عملهم حق ولكنهم كانوا يعلمون ويتصورون ان زيارتهم للمسجد الاقصى تحد لوجودهم ومواصلة وتجديدا لعهد الله عز وجل الذى أبرموه فى حق أنفسهم أن يصدوا ذلك العدوان" .