أبدى مجمع اللغة العربية استعداده لوضع خطط وبرامج لتدريب الصحفيين والمذيعين والمصححين والمدققين اللغويين وتشجيعهم بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية على الاستمرار في التدريب. جاء ذلك في البيان الختامي لأعمال المؤتمر السنوي لمجمع اللغة العربية الذي قرر كذلك توجيه مزيد من العناية إلى اللغات الرقمية التي يستخدمها الشباب العربي من خلال مواقع الاتصال الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر.
وطالب المؤتمر في توصياته بالعمل على صياغة مناهج وكتب دراسية جديدة متطورة، وتدريب المعلمين القائمين على تعليم اللغة العربية، بما يؤدي إلي تحبيب النشء في تعلم اللغة القومية، وعدم نفوره منها. يذكر أن المؤتمر استمر أسبوعين وناقش موضوع مستقبل اللغة العربية.
واستهل المشاركون في المؤتمر بيانهم الختامي بالتعبير عن التفاؤل إزاء مستقبل اللغة العربية، في ضوء ما يشهده الحاضر من إقبال واسع على تعلمها لدى الشعوب العربية والإسلامية والأجنبية، وقيام عدد كبير متزايد من جامعات العالم بتدريس اللغة العربية والثقافة العربية ضمن مقرراتها الرئيسية، وازدهار حركة ترجمة واسعة ونشيطة من اللغة العربية وإليها تعبيرا، عن بعض مظاهر هذا الاهتمام.
وطالب مؤتمر مجمع اللغة العربية وزاراتي التربية والتعليم والتعليم العالي في مصر وفي شتى أقطار الوطن العربي، بتبني مناهج جديدة أكثر تطورا وإفادة من أساليب تعليم البلاد الأجنبية للغاتها، في تعليم اللغة العربية، تقضي على الهوة القائمة في نظامنا التعليمي العربي بين المناهج المقررة ودارسيها.
وشددت التوصيات كذلك على وجوب التزام المؤسسات التعليمية الأجنبية بمناهج لتعليم اللغة العربية لطلابها بإشراف السلطة التعليمية القومية. وطالب المؤتمر بالعمل على وضع تخطيط لسياسة لغوية عربية تقوم بها المجامع العربية، وتقدم إلى اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، وإلى اجتماعات الوزراء العرب المختصين في إطار الجامعة العربية، وإلى منظمة التعاون الإسلامية، وتكون هذه السياسة اللغوية معنية بالشباب خاصة، وبوسائل الاتصال الجديدة، وإفساح المجال أمام العربية، الفصيحة الميسرة (فصحى العصر) ويمتد اهتمامها إلى اللغة العربية خارج إطار العالم العربي وبخاصة في العالم الإسلامي.
وقرر المؤتمر توجيه مزيد من الاهتمام بالتقانات الحديثة التي تؤدي دورا أساسيا في مواجهة العربية لمتطلبات العصر، في مجالات التعلم والتعليم، من أدوات تعليمية وأساليب للتعلم الذاتي باستخدام معامل اللغات والصور والأفلام وأجهزة العرض الحديثة والتليفزيون التعليمي والحواسيب والإنترنت.
ودعا إلى تبني العربية الصحيحة الميسرة (فصحى العصر) وتوجيه الجهود إلى نشرها وتعميمها وإغراق الساحة اللغوية في العالم العربي بها، تربويا وإعلاميا واجتماعيا وإبداعيا ودينيا.
وطالب مؤتمر مجمع اللغة العربية في ختام فعالياته التي استمرت أسبوعين وناقشت موضوع مستقبل اللغة العربية بالعناية بلغة الطفولة المبكرة والتعليم الأساسي، على اعتبار أنها أساس شيوع العربية في العصر القادم؛ قراءة وكتابة، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب الاهتمام بمربيات رياض الأطفال ومعلمات التعليم الأساسي ليكونوا على درجة عالية من التأهيل والقدوة الحسنة في ممارسة اللغة.
وأكدت توصيات المؤتمر ضرورة العمل على حماية الخط العربي نتيجة لما أصابه به الكومبيوتر والكتابة الحاسوبية من تشويه وبعد عن جمالياته التي كانت قوام هذا الفن العربي الجميل. وطالب المؤتمر بتفعيل قرارات المؤتمرات الثلاثة الأخيرة الخاصة بالتعليم والإعلام وجمعيات المجتمع المدني العاملة في اللغة، وذلك بقيام وزارة التعليم العالي بإعادة نشرها في "الوقائع المصرية" - طبقا لقانون المجمع المعدل - ومطالبة الوزارات المعنية بتنفيذها، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من مقررات مؤتمر هذا العام.
وقال الأمين العام للمجمع الشاعر فاروق شوشة في البيان الختامي: يحسب لهذا المؤتمر في دورته الثامنة والسبعين أنه استطاع - بفضل رؤية عدد من الباحثين المشاركين فيه - أن يشيع جوا من الثقة والتفاؤل بمستقبل اللغة العربية، في ضوء ما يشهده العالم الآن من انتشار واسع لها في مناطق مختلفة منه، نتيجة إقبال الناس على تعلمها، واهتمام كثير من الجامعات الأجنبية بتدريسها ضمن مقرراتها الدراسية، وازدهار حركة الاستعراب بين عدد كبير من دارسيها.
وأضاف :"هذا الجو من الثقة والتفاؤل، يدفعنا إلى المزيد من بذل الجهود، والعمل على دعم حركة اللغة العربية في عالم اليوم، ومواجهة كثير من السلبيات التي نعاني منها، وبخاصة في داخل أقطار الوطن العربي، حيث الحاجة أشد إلى تطوير المنظومة التعليمية لهذه اللغة في المدرسة والجامعة، ومواجهة ظاهرة التعليم باللغات الأجنبية في شتى مراحله والعمل على تبني وسائل الإعلام العربي للفصحى العصرية الصحيحة الميسرة بديلا عن شيوع العاميات واللهجات المحلية فيها، ودعم جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال خدمة هذه اللغة وتمكينها من أداء رسالتها بين الجماهير العربية ماديا ومعنويا، ووضع اللغة العربية على قمة أولويات لمجتمعات العربية في سعيها لإنجاز مشروع النهضة وصنع المستقبل المنشود.
وأكد أنه ولابد لتحقيق ذلك من جعل قضية التنمية اللغوية والتخطيط اللغوي مشروعا قوميا، يتبناه المسئولون، ويعمل على تحقيقه المعنيون بالأمر، المجمعيون والأكاديميون والعلماء والمثقفون والمبدعون.