تقدم مدير عام المواقع الأثرية بالمجلس الأعلى للآثار نور عبدالصمد، باقتراح إلى محمد عبد المنعم الصاوي، رئيس لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بمجلس الشعب، من أجل تعديل بعض مواد قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 ، وذلك بمناسبة قيام لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بالبرلمان، بإعداد مشروع قانون جديد لحماية الآثار. يقول عبدالصمد: تمكن أحمد عز فى عام 2010 من تعديل بعض مواد قانون الآثار وحدثت مشادة كلامية بينه وبين حواس واصطلح على تسمية القانون وقتها بقانون "أحمد عز". ويقترح عبدالصمد التعديل على تلك المواد: المادة 6 التى نصت على " تنشأ بالمجلس لجنتان ....." ويرى الأثري أن يضاف إلى هذه المادة النص التالي " تنشأ بالمجلس لجنتان دائمتان لا يقل عدد أعضاء كل منهما عن خمسين عضواً، يتم انتخاب أعضائهما بالاقتراع السرى المباشر من قبل العاملين بالمجلس وتكون مدة عضوية اللجنة أربع سنوات ميلادية تبدأ من انعقاد أول جلسة ....".
وسبب التعديل كما يفسر، أن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار يقوم بتعيين أعضاء اللجنتين حالياً مما يخضع أعمال اللجنتين لهوى شخص واحد، وهذا هو ما حدث منذ صدور القانون عام 1983 حتى يومنا هذا ،وقد كنت عضواً – الحديث لنور عبدالصمد - بإحدى هاتين اللجنتين ( اللجنة الدائمة للآثار المصرية واليونانية الرومانية ) لمدة جاوزت العام ثم قدمت استقالتى المسببة منها فى عام 2010 لفسادها المدقع وقيامها بأفعال مجرمة لخدمة سدنة النظام البائد وعدم قيام اللجنة بوقف البعثات التي تزيف تاريخ مصر لصالح إسرائيل.
كذلك يقترح أن يشمل التعديل المادة 8 حيث نصت هذه المادة على " تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة – عدا الأملاك الخاصة والأوقاف - ..."وأرى أن يتم تعديل المادة بحذف عبارة " الأملاك الخاصة " حيث لا يجوز أن تكون الآثار أموالاً عامة ثم يتم السماح بتملكها لأشخاص .
أيضاً يقترح تعديل المادة 9 حيث نصت على " فيما عدا حالات التملك أو الحيازة ..." ويرى الأثري حذف عبارة " فيما عدا حالات التملك أو الحيازة ..." لمخالفة ذلك للأعراف الدستورية المصرية خاصة فى دستور 1971 فى مادتيه 12، 33 وكذا المادة السادسة في الإعلان الدستوري الذي صدر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 30/3/2011 .
يواصل عبدالصمد: فحتى كتابة هذه السطور ما زال عديد من علية القوم يحتفظون بآلاف من القطع الأثرية في منازلهم بصفتهم حائزين، وقد قام كثير منهم بتزييف هذه الآثار بعد شراء ذمم عديد من مفتشي الآثار المنوط بهم التفتيش والرقابة على هذه الآثار في منازل هؤلاء الحائزين على الرغم من أن القانون بعد تعديله فى عام 2010 منح لهم عاماً واحداً لتوفيق أوضاعهم وهو ما لم يحدث حتى وقتنا هذا وما زالت ملفات هؤلاء بإدارة حيازة الآثار بالدور السادس بمبنى المجلس الأعلى للآثار بالعباسية ( 4 د ش فخرى عبد النور ) مثقلة بالفساد.
ويرى الأثري ضرورة إلغاء المادة العاشرة، وهى المادة التي تسمح بعرض آثارنا بالخارج حيث نصت هذه المادة بإصدار قرار من رئيس الجمهورية بتبادل بعض القطع الأثرية المكررة مع بعض الدول " حيث لم يحدث أبداً أن قامت أي دولة بعرض أثر واحد لها في مصر، بل أن مصر عندما طالبت بريطانيا باستعارة حجر رشيد لمدة شهرين قوبل الطلب بالرفض، وكذا فعلت ألمانيا عندما طلب منها إعارة تمثال نفرتيتى على الرغم من أن حجر رشيد ونفرتيتى خرجا بطريقة غير قانونية.
وقد عرضت مصر آثار وكنوز توت عنخ آمون في بريطانيا وألمانيا ونقلنا لهم أعظم كنوز الحضارة المصرية – ليفرى – ولم يكن ذلك كافياً لهذه الدول التى ما زالت تتعامل مع مصر بنظرة استعلائية.
يواصل: الواقع يشير إلى أن كنوز توت عنخ آمون وغيرها التى تم عرضها خارج مصر منذ عام 2002 وحتى اليوم قد أصابها التلف والتهشم، وربما التبديل والتزييف حسبما أشار الدكتور مصطفى عطية رئيس معمل الكشف عن تزوير الآثار بكلية الآثار جامعة القاهرة، حيث أشار إلى تطور طرق تزوير الآثار فى العالم بحيث تزيد حالياً عن عشرة طرق، الأمر الذي يدعو إلى الشك في عودة آثار توت عنخ آمون سليمة إلى مصر خاصة وأن عصا الملك الشاب تم تزييفها عندما سافرت الى أمريكا منذ عشرين عاماً وعادت مزيفة.
كذلك يقترح الأثري تغيير المادة 20 وهى متناقضة مع بعضها البعض، على حد قوله، فقد حظرت إقامة المنشآت وشق الترع وحمل الأتربة، في المناطق الأثرية إلا أنها استثنت ذلك على شرط موافقة السلطة المختصة، مما يفتح الباب لاستخدام المناطق الأثرية كمحاجر وغيرها من الأعمال التى جرمها باب العقوبات فى نفس القانون حتى وصلت الى الأشغال الشاقة، مما يعد تناقضاً فظاً .
المخالفة الثانية فى هذه المادة أنها ضمت الأراضي التي صدر لها قرارات واعتبرت من المنافع العامة للآثار مع الأراضي الداخلة ضمن خط التجميل المعتمد ولم تفرق بينهما – الأراضى الأثرية هى التى تم تسجيلها فى استمارات 201 عام 1933 وكذا الأراضي التي تم ضمها بقرار من رئيس الوزراء فأصبحت (ملكاً) للمجلس الأعلى للآثار، أما الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل فتكون ملكاً للأهالي في معظم الأحوال وملكية عامة أحياناً حسب الموقع.
على سبيل المثال منطقة أهرام الجيزة حيث يمنع البناء أو الإحلال والتجديد بمنطقة قرية نزلة السمان والمناطق المأهولة بالسكان حولها إلا بعد موافقة الآثار للمحافظة على بانوراما المنطقة الأثرية.
كما صدر قرار وزاري يضمن حرم خمسة كيلومترات غرب أهرام الجيزة " جميعها أملاك دولة"، حيث حظر القرار أعمال البناء أو إقامة أي أنشطة داخل هذا النطاق، هناك نوع ثالث وأخير فيما يسمى بالأراضي( الخاضعة) لسلطة الآثار وهذه يصدر بها قرارات من الوزير المختص بناء على بعض التقارير من مفتشي الآثار، لمساومة المواطنين عليها بعد ذلك حيث يجوز تسليم هذه الأراضي بعد ثبوت خلوها من الآثار.
أما الأراضى الأثرية "ملك" الآثار فمنها الكثير الذي لا يوجد به آثار على وجه الإطلاق وقد تم بيع بعضها خلسة من قبل مفتشي الآثار وبقى البعض الآخر، والمطلوب جس هذه المناطق والاحتفاظ بالآثار المعمارية الثابتة فيها وتسليم الأراضي الخالية من الآثار للأملاك الأميرية لاستغلالها فى مشروعات تنموية خاصة فى الدلتا وضواحيها التى اكتظت بسكانها.
وقد نص قانون الآثار الحالي على جواز تسليم الأراضي الأثرية ملك الآثار حال ثبوت خلوها من الآثار، وأرجو اعتبار هذا الموضوع عاجل لتنفيذه حيث سيتم تشغيل اكثير من الشباب فى مشروعات للدولة تقام على هذه الأراضى إضافة إلى الفائدة من استغلال الأراضي الفضاء بعد التأكد من خلوها من الآثار فى مشروعات نافعة.
المادتين 23 ، 24 حيث أباح المشرع -على استحياء- مكافأة الذي يبلغ عن وجود آثار، وأرى تطبيق الشريعة الإسلامية في هذا الشأن – المادة الثانية فى الدستور - خاصة ما أجمع عليه فقهاء الأمة في حديثهم عن الركاز، حيث لابد من أن ينص القانون على تعويض عادل للآثار التي يعثر عليها أي مواطن في أرضه أو مسكنه مع دفع العشر لبيت مال المسلمين أو ما يقوم مقامه فى زماننا هذا- وحيث أن جميع الآثار يمكن تثمينها حيث تتعارف صالات المزادات العالمية مثل سوثبى وكرثبى على أسعار الآثار التقريبية – وهذا سوف يشجع المواطنين على الإبلاغ بما لديهم أو بما يعثروا عليه بدلاً من أن تقوم الشرطة بالقبض عليهم وبيع الآثار لحسابها الخاص وهذا ما كان ومازال يحدث .
كذلك ضرورة وضع مادة جديدة تنظم كيفية استرداد آثارنا التى خرجت بطرق غير شرعية، تفعيل قانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 الخاص بتداول المستنسخات للآثار الحقيقية لضمان حق مصر عند بيع أو عرض هذه النماذج. بالإضافة إلى ضرورة استحداث مادة جديدة تدعو لتمصير عمليات التنقيب عن الآثار ومنعه عن البعثات الأجنبية حيث تنقب حوالي 210 بعثة أجنبية عن آثار مصر، بينما يحرم من ذلك أساتذة الآثار والمفتشين العاملين بوزارة الآثار على الرغم من كفاءة المصريين المشهودة في هذا المجال، وحيث أنه قد ثبت قيام بعض البعثات باستغلال ناتج الحفائر للدعاية الصهيونية وخدمة أهداف إسرائيل التوسعية في تزييف تاريخ مصر.
وكذا قيام بعض البعثات بتهريب بعض الآثار المكتشفة فلابد من وضع تشريع يحد أو يمنع هذا الفعل بالكلية، ولا مفر من تمصير علم الحفائر فى مصر، إعادة صياغة جميع مواد باب العقوبات بالقانون الحالي لتكون كل مادة مناسبة لكل جريمة.
ويشير عبدالصمد إلى أنه ينظم أمر الآثار حالياً تشريعين رئيسيين هما اتفاقية حماية التراث العالمى الموقعة من 189 دولة أعضاء فى منظمة اليونسكو، وقد وقعت عليها مصر عام 1972 وأصبحت من نسيج التشريعات المصرية طبقاً للمادة 151 من دستور 1971 ، والتشريع الثانى هو قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 .
يضيف: مواد اتفاقية حماية التراث العالمي لا تفي بغرض استرداد آثار مصر المهربة حيث ركزت الاتفاقية على حماية الآثار من قبل كل دولة موقعة عليها دون وضع آلية قانونية لاسترداد الآثار المهربة وان كانت اتفاقية جنيف الرابعة وضعت بعض المواد لاسترداد التراث في حالة الاستيلاء عليه أثناء الحرب .
كما يجدر التنويه إلى أن القرار الجمهورى رقم 82 لسنة 1994 لم يكن صائباً فى الكثير من مواده ولم يتعرض لشئون الآثار بصفة عمومية وانما كان قراراً تنظيمياً ادارياً بالدرجة الأولى لتنظيم العمل بالمجلس الأعلى للآثار، لذلك جاءت تلك الاقتراحات لتلافي أخطاء قوانين الآثار، وفق ما يؤكد نور عبدالصمد.