بداية... على من شاء استبصار سياسي واقعي أن يدرك بعلم أن الإستراتيجية السياسية بين الدول هي عبارة عن... منظومة ديناميكية دائمة التبديل والتغيير والتعديل... سواء كانت سمتها تحالفية طويلة الأمد بكثرة ما فيها من مشتركات... قصيرة الأمد المحدد بمستهدفات مؤقتة... أو حتى عارضة بحكم موقف أو مناخ سياسي مفروض...وتأتي تلك الديناميكية الدائمة من ما بين صراع وتدافع طرفي تلك الإستراتيجية بهدف إمتلاك أكبر قدر من السيطرة على المسار السياسي الإستراتيجي تحقيقا لتعظيم مكاسب تلك العلاقة السياسية... وإطالة أمد تلك السيطرة ومنافعها...وذاك ما يطلق عليه ميزان القوى السياسي... وحينئذ... يتحتم العلم بأن قوائم الصراع والتدافع... وكذا أثقال الوزن بالميزان... تقوم وتحتسب بمعيارين أساسيين هما... علمية نوعية وكمية وكيفية المعيار الاقتصادي والعسكري... وذلك دون عدم احتساب المعيار الاجتماعي الصحي التعليمي الثقافي الديني...الخ...!!! في الإطار السابق تأتي العلاقة السياسية الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدةالأمريكية... والتي لا تنفصل عن بينيتها إسرائيل... إسرائيل بنفعها وضرها لأمريكا أولا ثم ضررها ونفعها لمصر... وأثر وتأثير ذاك الضر والنفع بدرجاته النسبية المختلفة على باقي الإستراتيجيات البينية إقليميا ودوليا في ميزان القوى... وحينئذ فمستطلع التاريخ يجد أن تلك العلاقة المصرية الأمريكية قد مرت بمراحل كثيرة... منها المتدني والمرتفع... الضار والنافع... الخ... ولكنها دائما كانت لا تخلو من التباين أو الصدام حتى في عصر عائلية حكم غير المبارك الذي كان تابع أمريكي شبه كامل...!!! فساد تلك التبعية شبه الكاملة لأمريكا من النظام السابق... ورفض إستمرارية ضررها لمصر... وسلب منافعها من أمريكا بيد سياسة المؤسسة العسكرية المصرية الشريك الثوري لشعب مصر بثورة 25 يناير 2011... هو السبب الرئيسي للحادث الآن من شبه صدام سياسي استراتيجي بين مصر وأمريكا... نعم الإعتدال العزيز الكريم المصري في موازنة تلك الاستراتيجية هو سبب التصادم المفتعل من أمريكا في علاقتها الحالية مع مصر... وكونه يبدو في واقعة التمويل الأمريكي لمنظمات دولية غير مرخص لها بالعمل في مصر... ومحاكمة عناصرها مصريا (43 عنصر منهم 19 أمريكي منهم ابن وزير النقل الامريكي الحالي)... الآن... فهذا يقع تحت طائلة المقولة القائلة... تعددت الأسباب والموت (السبب الرئيسي) واحد...ولكن...أنا اعتقد أن أمريكا بعد أن تستنزف وسائل ضغطها (تحريك القلة الطائفية في مصر وتعضيدها بشبه الثوار والبلطجية والإعلام الخاص والثرثرة النخبوية لإحداث إضطرابات داخلية في مصر) فإنها سترضخ لعزم الأمر الواقع المصري العسكري سياسيا... حتى لو كان لذاك تأثير إنتخابي كبير داخل أمريكا... فلا غنى قط لأمريكا عن العلاقة الإستراتيجية سياسيا مع مصر... ولكن أيضا... ستظل ديناميكية تلك العلاقة بمتغيراتها قائمة...!!! في إطار كلية ما سبق... أود التوقف أمام مبادرة الداعية الإسلامي الفاضل محمد حسان... والتي تبناها الأزهر الشريف وشيخه الفاضل د. أحمد الطيب... وما استتبع ذاك التبني من اجراءات... وسوف أسطر رؤيتي ووقفتها في نقاط محددة...!!! 1.بموجب إتفاقية كامب ديفيد... إلتزم الشريك الوسيط الأمريكي... بدفع اثنين مليار دولار سنويا لكل من مصر وإسرائيل على سبيل التعويض لما لحق بكل طرف من خسائر... وتفصيل هذا المبلغ كان بدفع 1.3 مليار دولار للمؤسسة العسكرية... والباقي وقيمته 0.7 مليار للبنك المركزي المصري لحساب خزينة الدولة والموازنة العامة... إذن... ليس في الأمر معونة بل حق ملزم... وعدم الإلتزام به يجرح الإتفاقية...!!! 2.بموجب فساد تبعية وإستسلام وضعف نظام حكم غير المبارك... بدأ يتحور الإلتزام الإتفاقي ويأخذ صور الدعم المالي النقدي أو السلعي... ثم بدأ يتآكل وينقص قدره ويرتهن بتصديق الكونجرس الامريكي سنويا وبمعيار سياسي... ثم تحول إلى تمويل سياسي لمنظمات وتيارات سياسية خادمة لمستهدفات أمريكا بمصر ولم يتبق منه لخزينة مصر سوى حوالي 0.3 مليار وفي صورة معونة...صدقة... وهو الأمر المرفوض مصريا...!!! 3.رفض الأمر من مصر العسكرية السياسية كمعونة... هو حق في ذاته وحق بإسترداد كرامة مصر... ولكن الحصول على حق الإلتزام الإتفاقي... هو أيضا حق لمصر...!!! 4.دعوة الداعية الإسلامي محمد حسان... وتبني الأزهر وشيخه الطيب لها... وتبرع المصريون من الداخل والخارج إستجابة لها منهم... هو أمر عظيم وكريم وغير مستغرب قط من خير أجناد الأرض... وأدعو الله سبحانه أن يبارك في ذلك...!!! 5.المال القادم من المصريين بالخارج هو بالمقياس الإقتصادي عظيم جدا... المال المدفوع بالجنيه المصري من المكنوز بعيد عن البنوك وما يشابهها هو عظيم... أما المال المحول من البنوك المصرية بالجنيه المصري أو حتى بالعملة الأجنبية فهو من العظمة أقل درجة... وكل مفيد...!!! 6.أن يتم الدفع بكل درجات التبرع السابقة لصندوق خاص (صندوق العزة والكرامة) وليس لخزينة الدوله بالبنك المركزي مباشرة ليكون تحت تصرف التخطيط الحكومي (السلطة التنفيذية) وأن يشكل مجلس إدارة لذاك الصندوق... من رموز مسلمة واخرى مسيحية وكذا رؤساء أحزاب(؟) وشخصيات عامة... الخ... فذاك خطأ فادح... بل أرى ذلك مفسدة...!!؟ وذلك لجذب المصارف بعيدا عن الهدف الأساسي للمبادرة...!!؟ 7.المبادرة بكل مناهل دعمها المالي... ونوعية وكمية وكيفية مصارف مالها هي أمر عظيم شعبي... ولكنها إجراء لمرة واحدة لدعم موقف عصيب حالي مؤقت.. إذن... دعمها وعظمتها لا تملك سمة الإستمرارية الإقتصادية...!!! 8.دون إهمال حق الإلتزام الإتفاقي واستمرارية دعمه... ودون التقليل من عظمة المبادرة وتأثيرها الجليل... فحق العزة والكرامة السياسية الإقتصادية يظل ساكن... كرامة العمل وحسن الإنتاج... هكذا يكون الحديث عن إقتصاديات دولة... وهذا ما يستدعي بالضرورة التصدي لحالات الإهتراء الفوضوي شبه الثوري في الميادين والشارع والإعلام...وتلك هي المبادرة المصرية الأعظم...!!!؟ 9.من الحق... والإيمان الحق... والإسلام للحق... أن تلتزم أغلبية البرلمان بحدود عملها البرلماني... وأن تهجر الأسلوب الحزبي الإنتهازي وسبل الهواة في الممارسة السياسية على مستوى الدولة... وعليها أن تعلم بأن خسرانها في سعيها المرفوض للهيمنة بالباطل... فمصر لن تقبل بعائلية حكم جديدة...!!؟ هذا حديث سياسي لا دخل للحب والكره والشخصنة فيه قط...!!؟ وإلى لقاء إن الله شاء
ملاحظات هامة • ما نشر إعلاميا مرئيا من تقرير عن المبادرة... كان مجرد مقطع من سياق كامل... اعتقد أن المقالة بها بيانه...!!! مفكر إسلامي... خبير سياسي استراتيجي رئيس حزب الوفاق القومي