الكويت: يعكف الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء الكويتي على تشكيل الحكومة بنهج جديد يتعدى الرغبات الشعبية في اختيار الأصلح بغض النظر عن نظام المحاصصة، بينما تعقد الكتل النيابية وخاصة الإسلامية اجتماعات لتحديد التوجه في اختيار رئيس مجلس الأمة ونائبه، وأهم القضايا التي ستطرح خلال الجلسات. ونقلت صحيفة " الراي " الكويتية عن مصادر متابعة القول: "إن الشيخ جابر المبارك سيترجم رفضه للمحاصصة بدءا من الأسرة، إذ يتجه إلى تعيين الوزير السابق مشاري العنجري نائبا أول لرئيس الوزراء، إضافة إلى إسناد وزارة الداخلية إلى شخص من خارج الأسرة الحاكمة أيضا".
وأوضحت المصادر أن الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها ستشهد تغييرا في الوجوه لا تقل نسبته عن 70 في المائة، وان رئيس الوزراء سيعتمد لاحقا آلية داخلية لمراقبة أداء الوزراء وتقييمه، وانه سيعتمد مبدأ الثواب والعقاب من داخل البيت الحكومي، ولن يترك الأمر للسلطة التشريعية، فالوزير يعمل ويتحمل مسئولية قراراته ويواجه أي سؤال بكل ثقة ما دام يراعي القانون ويعمل تحت سقف الدستور، ولن تكون هناك أي صفقات أو تسويات مع أحد.
وعلى صعيد العمل البرلماني أعلن النائب علي الراشد تنازله عن الترشح لرئاسة مجلس الأمة لصالح النائب محمد الصقر .
ودخل موضوع حسم منصب رئاسة مجلس الأمة في مقايضات بين كتلة العمل الشعبي وكتلة النواب الإسلاميين، بحيث تصوت كتلة الإسلاميين لصالح أحمد السعدون في منصب الرئاسة مقابل قبول التكتل الشعبي والسعدون المشاركة في طلب تعديل المادة الثانية من الدستور ليصبح الدين الإسلامي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد، إضافة إلى دعم الشعب أيضا لترشح خالد السلطان نائبا لرئيس المجلس.
واتفق النواب الإسلاميين خلال اجتماعهم - والذي حضره 18 نائبا إسلاميا واعتذر عنه ثلاثة نواب - على التنسيق والدعوة إلى تشكيل حكومة تتسق مع نتائج الانتخابات، والموافقة على ترشح احمد السعدون رئيسا وخالد السلطان نائبا للرئيس، وإتمام المشاورات في اجتماع آخر يعقد قبل الجلسة الافتتاحية للمجلس.
وأصدر النواب المجتمعون بيانا أكدوا فيه على عدة نقاط، أبرزها دعوة رئيس مجلس الوزراء لتشكيل وزارة تتوافق مع مخرجات إرادة الشعب الكويتي، وذات نهج جديد من حيث تشكيل وإدارة وآلية التعاون بين الحكومة والمجلس ، والنواب على استعداد لمد يد التعاون في حال شكلت حكومة ذات كفاءة وتخصص وأمانة وقبول برلماني وشعبي لها.
وذكر البيان الصادر عن النواب الإسلاميين أن المرحلة القادمة هي مرحلة بناء تتطلب بذل الجهود الكثيرة لاعتماد أجندة مجموعة القوانين والتشريعات في مجال الإصلاح السياسي والتنموي وتخصيص جلسات محددة للانجاز ، ودعا إلى ميثاق وطني يحدد مسار المرحلة القادمة ويحث على بث روح الإصلاح والانجاز، إضافة إلى أهمية العمل المشترك بين الكتل النيابية والنواب المستقلين، وبالأخص في الأجندة الإصلاحية التي اعتمدت والهادفة إلى انجاز القضايا التنموية ، ومد يد التعاون لكافة أعضاء المجلس الجادين في اتجاه الإصلاح ومكافحة الفساد.
من جانب آخر، بينت المصادر أن المجتمعين اتفقوا مبدئيا على تشكيل أربع كتل نيابية خلال المجلس المقبل، وهي كتلة التنمية والإصلاح، والحركة الدستورية الإسلامية " حدس"، والتجمع السلفي، إضافة إلى كتلة جديدة سيعلن عنها، موضحة أنه ستكون هناك اجتماعات دورية مشتركة مع تلك الكتل للاتفاق على الأولويات وغيرها من القضايا المهمة، وستكون تجربة مماثلة لتجربة تجمع "تكتل الكتل".
وأشارت المصادر إلى أن غالبية النواب الإسلاميين ليسوا مطمئنين إلى النهج الجديد الذي سينتهجه رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ، لاسيما أن غالبية المقربين منه - من وجهة نظرهم - ينتمون إلى التيار الليبرالي، وهو الأمر الذي يثير تحفظات النواب.
وشددت على ضرورة أن يبادر الشيخ جابر إلى إثبات عكس ذلك، وأن يلتزم بالشريعة الإسلامية وتوزير عدد من الإسلاميين في حكومته.
من جانبها أعربت الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" عن عدم رغبتها في المشاركة بالتشكيل الحكومي الجديد، متمنية من السلطتين التنفيذية والتشريعية تحقيق تطلعات الشعب الكويتي في المرحلة القادمة ، وتمنت من رئيس مجلس الوزراء أن يتمكن من تشكيل حكومة متجانسة من ذوي الكفاءة والنزاهة لتتمكن من القيام بأعباء المرحلة ، مشيرة إلى أن الحركة ترى أن نتائج الانتخابات أفشلت كل الدعاوى الفاسدة بتخوين بعض شرائح المجتمع ومكوناته.
وأكدت الحركة أنه لا بديل عن التعاون الجاد والحقيقي بين السلطتين للخروج من مرحلة الانسداد السياسي التي تعيشها الكويت، ودعت إلى تكاتف جميع القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمعنيين بالشأن العام إلى عقد مؤتمر وطني لإصلاح ليتم التوافق فيه على مسار الإصلاح واستكمال خطة التنمية.
وعلى الصعيد الحكومي في شأن رئيس مجلس الأمة، قال مصدر حكومي: "إن حق الحكومة الدستوري ثابت في المشاركة بالتصويت على اختيار مناصب المجلس على اعتبار أن الوزراء أعضاء في مجلس الأمة بحكم وظائفهم"، لافتا إلى أن تركيبة المجلس في هذه المرحلة لا تمنح الحكومة أي تميز عن غيرها في حسم رئاسة المجلس ، بل إن القرار أصبح بيد النواب وما تتفق عليه المجاميع والكتل النيابية.