لا يوجد فى هذة الحياة مطلق غير الله سبحانه وتعالى . فكل شئ عدا ذلك فهو نسبى ولذا فالانسان مهما كانت قدرتة وعلت امكاناتة وسمت افكارة فكلها وغيرها تخضع للصواب والخطاء . وعلى ذلك فالمواقف تتباين والاراء تختلف والافكار تتناقض . فنجد تعدد الاديان بالرغم من وحدانية الله . ونشاهد تعدد المذاهب فى كل دين من العلم ان الدين واحد . ولكن هذا لا يلغى من وجود حالة من التوافق والاتفاق والتوحد فى مواجهة حدث هام ومهم . هذا يحدث فى حياة الشعوب لمواجهة كارثة او محاربة مستعمر او القيام بثورة لاسقاط مستبد . ولذا فقد كانت ثورة يناير هى نتاج وحصاد لذلك التوحد الذى حدث بشكل تلقائى . ولولاه ما نجحت الثورة ولا سقط الطاغية . فى الوقت الذى اختلفت فى الاديان وتناقضت الايدولوجيات . فلم يتعالى فصيل على فصيل اخر بوطنيتة او لم تستكبر جماعة على الاخرين بثوريتها . ولكن للأسف فبعد الاستفتاء على تعديل بعض المواد الدستورية حدث ذلك الاستقطاب الطائفى والسياسى الذى فتتت ذلك التوحد وهدد هذا التوافق فاصبح كل فصيل يتعالى على الاخر بتدينة او بوطنيتة او ثوريتة . زاعماً كل طرف انة الاحق بالوطنية والاولى بالثورية حارماً الاخر من ذلك . وتجذر وتكرس هذا بعد حصول التيار الاسلامى على اغلبية البرلمان فى الوقت الذى لم يصل فية الشباب الذى نسبت الثورة اليه الى مقاعد البرلمان حتى ولو بشكل معقول وذلك لاسباب كثيرة استغلها التيار الاسلامى وتهاون فيها الشباب . مما جعل الجميع يفقد الثقة فى الجميع . فكان ذلك الصراع المكتوم الذى تفجر بعد انعقاد مجلس شعب بين شرعية الميدان وشرعية البرلمان مما عمق من الاستقطاب على حساب الثورة فاوقف مسارها وافقد الثقة فى استمرارها . وتصور كل من الشرعيتين انها الاحق بالثورة والاجدر بالوطنية من الاخرى متناسين ان الشعب المصرى هو صاحب الثورة وهو مانح الشرعية لكل منهم . زاعماً كل طرف انه وحدة الذى يملك الحقيقة المطلقة وانه هو الاب الشرعى للثورة وهو مفجرها وحاميها . فوجدنا ممارسات من جميع الاطراف لا علاقة لها بالوطنية ولا صلة لها بالثورة . فبالرغم من اخفاق المجلس العسكرى فى ادارة المرحلة الانتقالية باعتباره قد تصور ان الذى حدث هو حركة اصلاحية وليست ثورة . ولكن وجدنا ان كل السهام الطائشة تصوب الى المجلس بل طالت القوات المسلحة ذاتها باساليب رخيصة متدنية خرجت عن كل قيم الممارسة السياسية وتجاوزت اداب التعامل الثورى مما يسئ الى قواتنا المسلحة ذات التاريخ الوطنى والذى يعتز بية كل مصرى. واصبح ذلك السلوك يمارس من كل من هب ودب وكل من يتخيل الزعامة ويدعى الثورية بشكل بعيد عن اى طهاره ثورية او موضوعية سياسية . ثم وجدنا من يحتك بالاخوان المسلمين فى التحرير باسلوب رخيص متدنى يسئ الى الثورة والى الثوار بزعم ان الاخوان قد خانوا الثورة وعقدوا صفقة مع المجلس الاعلى للاستيلاء على مجلس الشعب الذى طالبوا بحلة بزعم انه لا يمثل الشعب المصرى . وكانت كل تلك المماراسات مستندة الى ان هؤلاء هم وحدهم الثوار وهم من يحافظون على الثورة دون سواهم وهم من يناضلون من اجل استمرارها . فى الوقت الذى يوجه فى الاخوان ادعاءات بزعم ان هؤلاء الثوار خونة ومرتزقة ويريدون تفجير الوطن ويسعون لحل مجلس الشعب الذى لم يستطيعوا الوصول اليه لفقدان شعبيتهم فى الشارع . ووصل كل ذلك الى حد الاحتكاك بين شباب الميدان وشباب الاخوان ونتج عن ذلك اصابات كان يمكن ان تتحول لا قدر الله الى حرب اهلية . فهل فى كل ذلك ثورية او وطنية او تضحية من اجل مصر ؟ ام ان ذلك هو الخطر الحقيقى على مصر ؟ هل برفض كل طرف للاخر وادعاء كل طرف انه هو الحق والحقيقة والثائر والثورة يمكن ان يفيد الثورة ويستكملها ؟ الثورة يا سادة ثورة كل المصريين ولن تحقق بغير توحد المصريون . وانتم مهما كانت قوتكم او قدرتكم على الحشد فلن تكونوا كل الشعب . فالمصرى الوطنى الثائر هو من ينكر ذاتة من اجل مصر ومن يضحى لاستكمال الثورة لا من بسعى لمصلحتة على حساب مصر والمصريين .