إسلام أباد أ ش أ : في تطور عكسي مفاجئ في مجرى الأحداث، أشاد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني بدور الجيش في الحفاظ على أمن البلاد وأثنى على عمل المؤسسات الوطنية في وئام، وذلك بعد أيام من اتهامه لقائد الجيش الجنرال أشفق برويز كياني بالعمل على نحو " مخالف للدستور". وقال رئيس الوزراء في اجتماع لجنة الدفاع التابعة لمجلس الوزراء الليلة الماضية أن الوحدة الوطنية هي الحاجة الملحة الان .
وينبغي على كل مؤسسة في الدولة أن تلعب دورها المنوط بها، كل في مجالها، لتحقيق الأفضل للنهوض بالمصلحة الوطنية لباكستان، موضحا أن الحكومة تريد تجنب اي مسار تصادمي، كما تتوقع أيضا من المؤسسة العسكرية والسلطة القضائية الحازمة الا تتعديا حدودهما الدستورية. وقد عقد هذا الاجتماع، لبحث تقرير القيادة الأمريكية المركزية بشأن هجوم الناتو يوم 26 نوفمبر الماضي على موقعين حدوديين باكستانيين. و حضر الاجتماع الى جانب قادة الاركان الوزراء الاتحاديون للمعلومات، والدفاع، والشئون الخارجية، والداخلية، والمالية والانتاج الحربي. وكان واضحا أن رئيس الوزراء يريد أن تكون شروطه للمصالحة معروفة علنا من الترتيبات غير العادية التي قام بها التلفزيون الباكستاني الرسمي لتسجيل وبث بيانه الافتتاحي على الهواء، حيث يجري في أي مناسبة أخرى، تسجيل تصريحات رئيس الوزراء في جلسة لجنة الدفاع التابعة لمجلس الوزراء ثم اذاعتها لاحقا. ولوحظ أيضا غياب مدير عام المخابرات العسكرية اللفتنانت جنرال أحمد شجاع باشا ، الذي وان لم يكن من الناحية الفنية جزءا من اللجنة، الا أن الدعوة توجه اليه بانتظام لحضور اجتماعاتها . وحضر الاجتماع بدلا منه مدير عام ادارة المخابرات، وهي وكالة المخابرات العامة.
كان جيلاني على مايبدو يمد يده حاملا غصن الزيتون إلى الجيش في وقت كانت فيه جهود الوساطة على أشدها من جانب كبار السياسيين والأصدقاء الأجانب. وحسب ما ذكره أحد الوسطاء فإن الجيش مستعد للتراجع ، لكنه يريد من الحكومة أن تبدأ بالخطوة الأولى نحو السلام وهو ما قد يفسر هذا الموقف التصالحي الذي اتخذه جيلاني في اجتماع لجنة الدفاع حيث كرس جزءا كبيرا من كلمته الافتتاحية للازمة بين الحكومة المدنية والمؤسسة العسكرية التي لم تكن اصلا جزءا من جدول الأعمال. وقبل ساعات فقط من انعقاد اجتماع لجنة الدفاع ، زار الجنرال كياني ، في خطوة مفاجئة، الرئيس أصف زرداري. وقيل أن اجتماعهما على انفراد لمدة نحو 45 دقيقة، ربما كان يرسي الاساس لعودة التقارب بين الحكومة المدنية و المؤسسة العسكرية بعد أن كانتا على حافة الصدام ببعضهما.
وصرحت مصادر بأن الجنرال كياني أبلغ الرئيس بأن لديه تحفظات إزاء تصريحات رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني لاحدى الصحف الصينية بخصوص الردود المقدمة من قائد الجيش ومدير عام المخابرات العسكرية في قضية المذكرة.
وقالت المصادر أن قائد الجيش طلب من الرئيس زرداري توجيه رئيس الوزراء لسحب تصريحاته التي أدلى بها الى الصحيفة الصينية التي سببت الازمة بين الحكومة والجيش والتي قال فيها جيلاني أن الرد الذي قدمه كل من قائد الجيش الباكستاني الجنرال أشفق برويز كياني و مدير عام المخابرات العسكرية أحمد شجاع باشا إلى المحكمة الاتحادية العليا بشأن قضية المذكرة لم يتم التصديق عليه من قبل وزارة الدفاع الباكستانية ولا منه وهو أمر غير دستوري وغير قانوني.
وأعقب نشر تلك التصريحات صدور بيان عن ادارة العلاقات العامة الداخلية للقوات المسلحة حذر من أن الحديث الذي أدلى به رئيس الوزراء لصحيفة صينية " ستكون له انعكاسات خطيرة جدا ربما تترتب عليها عواقب خطيرة على البلاد."
ونبه البيان الى أنه ليس هناك إدعاء أخطر مما وجهه رئيس الوزراء ضد قائد الجيش ومدير عام المخابرات الباكستانية بعد أن اتهمهما بانتهاك دستور البلاد.