"القدس..السيرة" كتاب جديد صدر بالانجليزية فى لندن بقلم سيمون سيباج مونتيفور الذى يعترف بأن اليهود عاشوا فى القدس بحرية فى ظل الحكم الإسلامى. والمؤلف سايمون سيباج منونتيفور هو سليل عائلة منونتيفور اليهودية الثرية والتى لعبت دورا فى تمويل اقامة إسرائيل كدولة وهو يذهب إلى أنه من الصعوبة بمكان كتابة تاريخ محايد غير أن قدره على حد قوله هو الذى دفعه لكتابة تاريخ القدس كمدينة يعرف تضاريسها واماكنها وتجول فى شوارعها وأحيائها. ويشدد مونتيفور على اهتمامه بتقديم القدس بسكانها وأرضها وفضائها كمدينة للاستمرارية التاريخية والتعايش رغم أنه يرى التاريخ سلسلة من عمليات القتل والغزو المستمر، مشيرا إلى أن اليهود عانوا مع المسلمين أبان حقبة الحروب الصليبية واحتلال الفرنجة للمدينة حتى استعادها القائد صلاح الدين الأيوبى عام 1187 وحررها من جور الاحتلال . ولم يخف سايمون سيباج مونتيفور اهتمامه بشخصية الأمير أسامة بن منقذ صاحب كتاب "الاعتبار" والذى كان أديبا وفارسا وولد قبل عامين من بدء الحروب الصليبية وعرف بشهامته وجسارته فضلا عن اهتماماته الأدبية والثقافية. وبدا المؤلف حريصا في مقدمة كتابه الذى تجاوز ال 500 صفحة على التنويه بأن هذا الكتاب الجديد ليس بالموسوعة ولابالدليل السياحى لكنه نص موجه للقارىء العادى فيما سعى للاستفادة من كتابات للمفكر والمؤرخ العربى ابن خلدون حتى يقرأ تاريخ القدس على الوجه الصحيح بل إنه استعار المقولة الخلدونية التى تقول إن الأشخاص العاديين يريدون أن يعرفوا التاريخ بينما يتنافس الملوك على هذا التاريخ . كما استعان مونتيفور بمؤرخين مسلمين آخرين مثل ابن عساكر الذى تحدث عن متعة الجلوس فى ظلال قبة الصخرة، معتبرا أن تاريخ بيت المقدس الاسلامى تعرض لنوع من التجاهل والتعتيم وخاصة فى المراحل الممتدة من الحكم المملوكى حتى الانتداب البريطانى فى فلسطين، مشيرا إلى أن جنودا سودانيين كانوا يسهرون على حراسة الحرم الشريف. ويصف المؤلف قبة الصخرة بأنها من أكثر التكوينات المعمارية جمالا وهى من الروائع العالمية التى لايحدها زمان ومشعة كأنها خارجة من فضاء مفتوح وتلفت الانتباه دوما كفردوس أرضى يجمع مابين سكينة النفس والهدوء الحسى. وبحسب هذا الكتاب، فإن مدينة القدس كانت تغلق أبوابها فى الليل ويطلب من البدو تسليم أسلحتهم قبل دخولها ومع ذلك فإن المؤلف لم ينج من تأثير انتماءاته حيث جنح مرارا نحو تغليب السياق اليهودى فى تاريخ المدينة. ويقر سليمون مونتيفور بتنامى نزعة التطرف بين اليهود المتدينين وخاصة فى القدس، مشيرا إلى أن مفهوم "القيامة" ضرورى لقراءة تاريخ المدينة وفهمها فيما يتناول بصورة مستفيضة مفهوم "القداسة للمكان والأرض". ومن بين العائلات الفلسطينية التى ارتبطت بالقدس وورد ذكرها فى هذا الكتاب ستجد أسماء عائلات "الدجانى والحسينى والنشاشيبى والعلمى"، وإلى جانب هذا العدد الكبير من الصفحات يحوى الكتاب عديد من الخرائط والملاحق وشجرات العائلات والهوامش. ولكن الكتاب في النهاية يلتف على الحقائق ويجعل القدس حقا لليهود كعادة الكتب الإسرائيلية .