اعتبر صالون الأكاديمي البارز الدكتور حامد طاهر أن مبارك ارتكب الخيانة العظمى حين قوض دعائم الدولة بأساليب التواطؤ والتباطؤ وقد غير الدستور ليتوافق مع رغبات زوجته وليورث الحكم لنجله جمال وأفسد مصر بأفعاله ، وهي جريمة خيانة بحسب الدستور المصري نفسه . وقال "طاهر" في صالونه حول "مواصفات الرئيس المصري" أن رئيس الجمهورية المقبل سيوجه كل السياسات والقرارات المصيرية، وليس مجلس الشعب كما يحدث في النظم البرلمانية في العالم، ولكن الرئيس في العالم الغربي المتقدم كفرنسا وأمريكا يعتمد قراره على مؤسسات مستقلة تصنع له المشورة وتضع السياسات العامة الداخلية والخارجية وينصاع لها الرئيس نفسه . فيما أكد الكاتب الصحفي محمود عطية نائب رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" أن فلول النظام القديم سيظلون يمارسون أدوارهم لفترة ليست قصيرة، وهذه هي عادة الثورات فالتغيير لا يأتي جذريا بين عشية وضحاها بل يستغرق سنوات، وخاصة أن المصريين شعب لا يميل للعنف ، وقد كانت الثورة مفاجأة لنظام مبارك وللشباب الثائر نفسه، إذ لم يكونوا يحلمون بإسقاط مبارك ونظامه عبر ثورة اتخذت مسارا مختلفا عن شكل الثورات التقليدية والتي حملت طابعا عنيفا . من جهته، أشار الداعية أسامة بدوي إلى أن التغيير لن يستغرق سنوات طويلة كما جرى بالثورات العالمية وذلك لأن المصريين لديهم قدرة على التحول السريع من الانحطاط للتقدم، وضرب المثل بالحروب مع المغول والتتار والصليبيين، وهو ما اعترض عليه بعض المشاركين بالإشارة إلى أن صلاح الدين الأيوبي أو قطز لم يكونا من المصريين ، أو محمد علي الوالي الألباني على مصر والذي نصبه المصريون بدلا من خورشيد الظالم . وعلى ذكر ذلك، قال الكاتب الصحفي محمود معروف أن المصريين أحيانا لا يثقون بأنفسهم، فقد جاءوا بمحمد علي بدلا من عمر مكرم نقيب الأشراف آنذاك . وأرجع الكاتب محمود عطية ذلك لأن المصريين وقتها لم تكن فكرة الهوية الوطنية تشكلت لديهم، ولم يكن يعنيهم جنسية الحاكم طالما أنه مسلم ، وقد كانت مصر ولاية إسلامية تابعة لدولة الخلافة . ورد الداعية بدوي على ذلك بأن التاريخ يشهد بأن هناك شخصيات مصرية قادت الحياة للنهضة في كل المجالات، ومنهم المشير أبوغزالة الذي تمكن من بناء الجيش المصري المنهار في ست سنوات فقط ، ودعا أيضا لأن نختار رئيسا يحسن التخطيط . ورأى أن الإسلام يحمل منظومة تشريعات متكاملة من ضمنها القانون الذي طبقه سيدنا عمر رضي الله عنه "من أين لك هذا " . وقال الكاتب محمود عطية أن جميع الأنظمة الرئاسية تقريبا استبدادية، فيما عدا النظام الأمريكي الذي تحكمه المؤسسات ، لذا فإن مصر بحاجة للأخذ بالنظام البرلماني الذي يجعل لمجلس الشعب القرار الأخير . وحذر من وصول بعض مرشحي الرئاسة المحتملين مثل عمرو موسى ، لأن هذا النوع ديكتاتور لا يعرف المشاورة وقد اشترط لمواصلة حملته أن يكون النظام رئاسيا وليس برلمانيا وكأنه يرفض وجود مؤسسات قوية بالبلد . من جانبه ، اعتقد ياسر عبيدو نائب مدير تحرير صحيفة "الأهرام" أن مصر يمكن أن تشهد رئيسا إسلاميا ، وطالب بألا يزيد عمر الرئيس عن خمسين عاما تقريبا ، كما اعتقد أن مصر بحاجة لثلاثة أجيال كاملة حتى تتطهر من الفساد المؤسس بداخلها ، ودعا المؤسسة العسكرية للإبتعاد عن السياسة حتى لا تفسدها . وقال الكاتب محمود عارف بصحيفة "الأخبار" أن الرئيس يجب أن يكون منغمسا في هذا الشعب ويعرف هموم البسطاء فيه عن قرب، ضاربا المثل بقصة تقول أن الشعب بحاجة ل"إبن الخباز" ، وليس رجل الدين ولا العسكري ، وطالب بأن ينص الدستور على نظام كامل لمصر الجديدة بما في ذلك اشتراط تمثيل كافة تيارات المجتمع وليس تيارا واحدا في الحكومة والبرلمان ، وأن نفعل القانون بحسم كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله " لو إن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " . كما اعتبر أن آفة مصر أن رؤساءها السابقين عملوا على إضعاف أحزابها عن عمد ، حتى لا تفرز قيادات تنافسهم على مقاعدهم . ونحن اليوم لا نرى أحزابا قوية، حتى أن القيادات الثورية نراها مشغولة بالفضائيات التي سحبت طاقتها عن العمل المتواصل الجاد . من جانبه قال اللواء فؤاد حسين بالمخابرات الحربية سابقا أن الرئيس الذي يمتلك كاريزما عاطفية تؤثر على شعبه غالبا ما يقوده للنكسة، لذا فنحن لا نريد رجلا يحكمنا بمواصفات الزعامة وخاصة أن مصر تتربص بها قوى عديدة بعد الثورة ، وهي في خطر وشيك، وضمن مخطط غربي بشرت به كونداليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة الأمريكية، حين تحدثت عن الفوضى الخلاقة بالشرق الأوسط، فشاهدنا السودان ينقسم والعراق يضرب و غير ذلك وأيد الرأي السابق الدكتور حامد طاهر حين قال أن ماوتسي تونج الزعيم الصيني الأشهر استطاع إحداث ثورة ثقافية هائلة بالصين ولكن الصينيين لم يتقدموا إلا في عصر الرئيس يونج الذي قاد قاطرة النهضة الاقتصادية ولم يكتف بالزعامة التقليدية . ومن بين حضور الصالون تحدث الباحث الدكتور أحمد أبورواش عن أهمية قيمتي الأمانة والقوة في الرئيس القادم ، وتعني الأولى النزاهة والصدق والثانية تعني الحنكة والخبرة، وأشار إلى أن الكيان الصهيوني إسرائيل تجمع أطيافا شتى من يهود العالم ولكنها استطاعت أن تكون دولة مؤسسات حقيقية تراقب حاكمها وتحاكمه حين يخطيء ، وتضع خططا عامة يسير عليها أي رئيس ، وهو ما تفعله أمريكا عبر ذراعها القوي الكونجرس الذي يخشاه أي رئيس ولا يمر القانون بلا موافقته ،والذي نحتاج أن يكون مجلس الشعب مثله . وطالب بأن تكون مصر دولة حضارية مرجعيتها إسلامية تسمح بالتعايش بين الجميع وتعلي من قيمة المواطنة . وطالب الباحث طارق عبدالوهاب بآداب الإسماعيلية بأن يتعلم المصريون كيف يراجعون السيرة الذاتية لمرشحي الرئاسة وأن يكون لدينا جهاز يترقب هؤلاء المرشحين ويخبرنا بأدق تفاصيل تفكيرهم ونشأتهم .