قرار جمهوري بتعيين القاضي مجدى خفاجي رئيسا لمحكمة استئناف قنا    تعرف على سعر الدولار ببداية تعاملات اليوم الخميس 11-12-2025    الأمطار ترفع أسعار الخضار للسما.. الكوسة تقترب من 50 جنيها    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    الفيدرالي الأمريكي يقرر خفض الفائدة لتصبح بين 3.5% و3.75%    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    فنزويلا تتهم الولايات المتحدة بالسرقة والقرصنة الدولية بعد مصادرة ناقلة نفط قبالة سواحلها    الأونروا تحذر: أمطار غزة تفاقم المعاناة وتزيد مخاطر الأمراض    قوات الدفاع الجوى الروسية تدمر 287 طائرة مسيرة أوكرانية ليلا فوق مناطق عدة    مورينيو يكشف أسباب فوز بنفيكا على نابولي في دوري الأبطال    إخلاء سبيل والدة الطالب المتهم بمعاشرة شقيقته القاصر في المرج    في أول أيام عرضه، "الست" يحقق هذه الإيرادات بالسينمات أمس    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    ماسك يتحدث عن إلهان عمر وممداني والجحيم الشيوعي    مجلس النواب الأمريكي يصوّت بالأغلبية لصالح إلغاء قانون عقوبات "قيصر" ضد سوريا    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    إسلام الكتاتني يكتب: الحضارة المصرية القديمة لم تكن وثنية    قرار جديد ضد المتهم بالتحرش بفنانة شهيرة في النزهة    ناسا تفقد الاتصال بالمركبة مافن التي تدور حول المريخ منذ عقد    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    لأول مرة بمستشفى سامول، جراحة ناجحة لإزالة ورم 10×10 سم دون استئصال الرحم    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    تصعيد سياسي في اليمن بعد تحركات عسكرية للمجلس الانتقالي    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    التعادل الإيجابي يحسم مباراة بروسيا دورتموند وبودو جليمت    أرسنال يسحق كلوب بروج بثلاثية خارج الديار    "شغّلني" تُطلق مشروع تشغيل شباب الصعيد بسوهاج وقنا    التعاون الإسلامي: تُدين خطط الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية وتدعو المجتمع الدولي للتحرك    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11ديسمبر 2025........مواعيد الأذان في محافظة المنيا    لماذا تجدد أبواق السيسى شائعات عن وفاة مرشد الإخوان د. بديع بمحبسه؟    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    سلمان خان وإدريس إلبا وريز أحمد فى حفل جولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر    منتخب مصر يواصل تدريباته بمركز المنتخبات الوطنية استعدادا لأمم إفريقيا (صور)    كرة طائرة - خسارة سيدات الزمالك أمام كونيجيليانو الإيطالي في ثاني مواجهات مونديال الأندية    البنك المركزي: معدل التضخم الأساسي السنوي يسجل 12.5% في نوفمبر 2025    الخطر الأكبر على مصر، عصام كامل يكشف ما يجب أن تخشاه الدولة قبل فوات الأوان (فيديو)    "امرأة هزت عرش التحدي".. الموسم الثاني من مسابقة المرأة الذهبية للمركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة    القبض على شخص اقتحم مدرسة بالإسماعيلية واعتدى على معلم ب "مقص"    المتهم بتجميع بطاقات الناخبين: «كنت بستعلم عن اللجان»    الرفق بالحيوان: تخصيص أرض لإيواء الكلاب الضالة أحد حلول انتشار هذه الظاهرة    "جنوب الوادي للأسمنت" و"العالمية للاستثمار" يتصدران ارتفاعات البورصة المصرية    4 فوائد للملح تدفعنا لتناوله ولكن بحذر    أعراض اعوجاج العمود الفقري وأسبابه ومخاطر ذلك    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    مستشار وزير الثقافة: إدارج "الكشري" في قائمة تراث اليونسكو يمثل اعترافًا دوليًا بهويتنا وثقافتنا    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    ضبط شاب ينتحل صفة أخصائى علاج طبيعى ويدير مركزا غير مرخص فى سوهاج    البابا تواضروس يهنئ الكنيسة ببدء شهر كيهك    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    ساوندرز: ليفربول ألقى صلاح تحت الحافلة؟ تقاضى 60 مليون جنيه إسترليني    الأرقام تكشف.. كيف أنقذ صلاح ليفربول من سنوات الفشل إلى منصات التتويج.. فيديو    ترامب: الفساد في أوكرانيا متفشٍ وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريح من جند الله يعز بها أولياءه ويذل بها أعداءه(فيديو)
نشر في محيط يوم 09 - 01 - 2012

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وتابعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد؛

فالمسلم مأمور بأن يتفكر في آيات الله الكونية، قال ربنا سبحانه وتعالى :( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ) [الأعراف: 185] . هذا الفعل (نظر) إذا تعدى ب (في) كان بمعنى التفكر والاعتبار، وإذا تعدى بنفسه كان بمعنى الانتظار، وإذا تعدى ب (إلى) كان بمعنى الإبصار .. وهنا ندب الله إلى التفكر في آياته.

وذم الله من لا يتفكر فيها ولا يعبأ بها فقال :( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) [يوسف:105] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)" [آل عمران: 190-191] [1].

ومن آيات الله : الريح والرياح ..

قال تعالى :( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) [البقرة: 164] .

قال السعدي رحمه الله في قوله تعالى :( وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ) :"باردة وحارة، وجنوباً وشمالاً وشرقا ودبوراً وبين ذلك، وتارة تثير السحاب، وتارة تؤلف بينه، وتارة تلقحه، وتارة تدره، وتارة تمزقه وتزيل ضرره، وتارة تكون رحمة، وتارة ترسل بالعذاب" . فتصريفها تقلُّبها بين هذه الأمور .

فوائد هذه الآية في القرآن الكريم :
لقد ذكر الله تعالى لنا شيئاً من فوائد هذه الآية الكونية، ومن ذلك ..

نقل السحاب إلى الأرض الميتة ..
قال تعالى :( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [الأعراف: 57] .
وقال :( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ) [السجدة:27] .

ومن طرق سَوْقِ الماء: نقل الريح للسحاب .
وقال:( اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [الروم: 48-50].

تلقيح النبات .
قال تعالى:( وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ) [الحجر: 22] .
تلقيح النبات بالعوامل الطبيعية يكون بواسطة الحشرات، والطيور، وبواسطة المياه، وبواسطة الريح، وهو ما يُسمَّى بالتلقيح الريحي .
والتلقيح الريحي ضروري في عملية الإخصاب، لا سيما للنباتات التي لا تنجذب إليها الحشرات، فتنقل الريح (حبيبات اللقاح)، من العناصر الذكورية في النبات إلى العناصر الأنثوية، فيتم الإخصاب بإذن الله .

تحريك السُّفن.
قال تعالى:( وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور) [الشورى: 32-33] .
حتى السفن التي تعمل بالمحركات والوقود، لابد من وجود الهواء حتى تتم عملية احتراق الوقود، ولا يمكن لهذه الأجهزة أن تعمل بكفاءة إلا بهواء التبريد، ولا زالت هذه الأنواع من الفلك التي تجريها الرياح مسخرة للبشر، فتبقى منة الله في الآية باقية ما بقي الليل والنهار .

تضفي على النفوس فرحاً وسروراً.
فالرياح من الآيات التي تدخل السرور على النفس، ويُستبشر بها، قال تعالى :( وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا ) [الفرقان: 48] .
وقال تعالى :( أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل: 63] .
وقال: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [الروم: 46].
أوضح ابن الجوزي في زاد المسير عند تأويل هذه الآية أنّ هذه الجمل كلها تتعلق بالرياح ..
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ) : فتفرح النفوس بالرياح ..
( وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ) : بالمطر الذي تحمله الرياح ..
( وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) : والفلك تحركها الرياح ..
( وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ) : بتجارة البحار التي تحرك الرياح بواخرها ..
(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ): تشكرون الله على نعمة الرياح .
والريح اليوم تعدُّ مصدراً من مصادر الطاقة، فطواحين الهواء استمدت فكرتها من هذه الآية الربانية الكونية .

الفرق بين الريح والرياح :
نجد في القرآن ريحاً، ورياحاً .. فما هو الفرق بينهما؟
الريح قد تكون رحمةً، كما في قوله تعالى :( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) [يونس: 22] ، وقد تكون عذاباً، كما في الآية :( وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) [الذاريات:41] .

أما الرياح فلا تكون إلا خيراً ورحمةً .
ويدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :«الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» [2] .

أحكام مهمة تتعلق بالريح :
هناك بعض الأحكام المهمة التي تتعلق بالرياح، لابد للمسلم من أن يكون على إلمام بها ..
أولاً :
إذا عصفت الريح سُنّ للمسلم أن يقول ما حدثت به عَائِشَةُ رضي الله عنها: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»[3] .
وعَنْ سَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشْتَدَّتِ الرِّيحُ قَالَ:«اللَّهُمَّ لَقَحًا لا عَقِيمًا» [4] .
لقحاً: بها ماء ، العقيم: بعكسها .
وإذا تعددت أذكار النبي صلى الله عليه وسلم في الموضع الواحد فليس من السنة في شيء أن يجمع الإنسان بينها في آنٍ واحد، وإنما يقول هذا تارة، وذاك تارة أخرى .
أما حديث: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلا تَجْعَلْهَا رِيحًا» فقد خرَّجه الطبراني في المعجم الكبير، وهو ضعيف جداً كما أبان علماؤنا رحمهم الله .

ثانياً :
لا يجوز سب الريح؛ لحديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ» [5] .

ثالثاً :
كان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا لاحت الريح في الأفق يُعرف ذلك في وجهه ..
فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:« إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي»[6] .
ولعلّ ذلك قبل أن ينزل الله تعالى قوله :( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33] .
وفي رواية [7] عنها : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ [8] أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :«مَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ :(فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ...)» .

رابعاً :
فهل يجوز التخلف عن صلاة الجماعة بسبب الريح الشديدة؟
الجواب : إذا اشتدت وعجَز الإنسان عن إتيان المسجد فلا واجب مع العجز .
قال تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] ، وقال :( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَ) [البقرة:286] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :«وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» [9] .

خامساً :
إذا أراد المؤذن أن يرفع النداء وكانت الريح عاصفة فالسنة أن يجعل بدلاً عن الحيعلتين قوله :(صلوا في بيوتكم)؛ فعن ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما قَالَ :"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي مُنَادِيهِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، أَوْ اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ ذَاتِ الرِّيحِ: صَلُّوا فِي رِحَالكم"[10] .

سادساً :
وإذا اجتمع الناس في المسجد فاشتدت الريح فلهم أن يجمعوا بين الصلاتين، المغرب والعشاء، أو الظهر والعصر؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ". فقيل لِابْنِ عَبَّاسٍ : لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ :"كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ"[11]. ففي الحديث دليل على الجمع إذا كان الحرج والعذر.

سابعاً:
ينهى عن التبوُّل عكس الريح، قال ابن قدامة رحمه الله :" وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الرِّيحَ ؛ لِئَلَّا تَرُدَّ عَلَيْهِ رَشَاشَ الْبَوْلِ، فَيُنَجِّسَهُ" [12] .

الريح من جند الله ، يعز الله بها أولياءه، ويذل بها أعداءه ..
أكرم الله تعالى بها نبيين كريمين ..
أُكرم بها سليمانُ عليه السلام ، ذلك لأن الله سخر له الخيل، فلما شغلته تخلص منها، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فكان العوض من الله : الريح. قال تعالى :( وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ * وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ) [ص: 30-36] ، أي: تطيعه حيث أراد. وقال تعالى:( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ) [الأنبياء: 81]، وقال :( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ِ) [سبأ: 12]،

وإن كانت الريح الرخاء مطيعة *** سليمان لا تألو تروح وتسرح
فإن الصَّبا كانت لنصر نبينا *** برعب على شهر به الخصم يُكلح

فنُصر بها نبينا صلى الله عليه وسلم ..
قال تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) [الأحزاب: 9]، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» [13] .

قال الحافظ في الفتح :" هِيَ الرِّيح الشَّرْقِيَّة ، وَالدَّبُور بِفَتْحِ أَوَّله وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة الْمَضْمُومَة مُقَابِلهَا ، يُشِير صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي قِصَّة الْأَحْزَاب: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَ) ، وَرَوَى الشَّافِعِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ اِنْقِطَاع أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « نُصِرْت بِالصَّبَا ، وَكَانَتْ عَذَابًا عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلنَا». وَقِيلَ إِنَّ الصَّبَا هِيَ الَّتِي حَمَلَتْ رِيح قَمِيص يُوسُف إِلَى يَعْقُوب قَبْل أَنْ يَصِل إِلَيْهِ" [14] .
والريح عذاب يسلطه الله على من شاء من أعدائه ..
توعد بها الكافرين فقال :( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ[15] * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ) [الملك: 16-18] . حاصباً"ريحا فيها حصباء تدمغكم" [16] .
وتوعد بها المعرضين الذين يعرفونه في الشدة دون الرَّخاء أن يُسلِّط عليهم الريح فيغرقهم بها، قال تعالى:(وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا * أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً * أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا ) [الإسراء: 67-69] .

قاصفاً: الريح الشديدة تقصف ما تأتي عليه .

وأهلك الله بها عاداً قوم هود عليه السلام .. قال تعالى:( وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ) [الذاريات: 41]، عقيم لم تأت بخير، قال ابن الجوزي :" وهي التي لا خَير فيها ولا بَرَكة ، لا تُلْقِح شجراً ولا تَحْمِل مطراً ، وإنما هي للإهلاك" [17] . وقال: ( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ ) [فصلت :15-16] ، والصرصر: الشديدة العاتية، ويوم نحس: شديد الشقاء . وقال:( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ) [القمر:19-20].
قال السعدي رحمه الله :" كأن جثثهم بعد هلاكهم مثل جذوع النخل الخاوي الذي أصابته الريح فسقط على الأرض، فما أهون الخلق على الله إذا عصوا أمره" [18]، وقال ابن كثير رحمه الله :" جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض فيخر ميتًا على أم رأسه، فينشدخ رأسه وتبقى جثته هامدة كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان" [19].
وقال تعالى :( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ) [الأحقاف:24-25].
ومن صور عذاب الله بها ما نال أمريكا ، فقد سلط الله عليهم إعصار كاترينا .. الذي لم يستغرق سوى سويعات معدودات .. كلف أمريكا ما أنفقته على حروبها في أفغانستان والعراق .. خلال السنوات الأربع الماضية!
وتجاوز ضحاياه أكثر من عشرين ألف إنسانٍ ..
( إن بطش ربك لشديد) [البروج:12] .. ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدثر: 31] .
وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.