عاجل- سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025.. وعيار 21 يسجل 5230 جنيها    أسعار اللحوم اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025 في أسواق الأقصر    عاجل- وزير الدفاع الإسرائيلي: سنضاعف هجماتنا إذا لم تفرج حماس عن المحتجزين    حركة فتح: خطة الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة تُعد خطوة إيجابية    كوكوريا: ما يفعله صلاح كان أحد أسباب هدف انتصارنا القاتل على ليفربول    سبورت: أراوخو رفض عروض ليفربول وتشيلسي ويوفنتوس في الصيف    570 حملة و2924 مخالفة.. حصاد تموين الدقهلية خلال شهر سبتمبر    رئيس جامعة أسيوط يستقبل الفائز بجائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    أهم الأطعمة التي تعزز المناعة في فصل الخريف.. درع طبيعي لمواجهة تقلبات الطقس    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    أسعار مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    «الصحة» تعلن المستشفيات المعتمدة لإجراء الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب    الخميس المقبل إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر    الحوثيون في اليمن يعلنون استهداف مناطق "حساسة" في إسرائيل بصاروخ أسرع من الصوت    الدفاع المدني بغزة: الاستهدافات الإسرائيلية مستمرة رغم إعلان خطة ترامب    لجنة الانتخابات السورية: التصويت يجري بسلاسة.. والباب مفتوح لأي إشراف دولي    مفوض حقوق الإنسان يعرب عن أمله في وقف المجازر في غزة وإعادة الإعمار    فوضى فى سماء أوروبا.. أعطال تقنية وإضرابات تشل حركة الطيران فى مطارات كبرى.. من باريس إلى ميونيخ ولندن.. إلغاء مئات الرحلات وآلاف الركاب عالقون فى القارات.. أعطال فى الأنظمة وإضرابات من بين الأسباب    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    احتفالًا بانتصارات أكتوبر.. محافظ الدقهلية ومدير الأمن يضعان إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري    الأهلي: لا تظلموا من يعمل في ملف المدرب الأجنبي    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباريات اليوم.. فرصة مانشستر سيتي للتقدم    هل يعود ميدو؟.. شوبير يرشح 3 مدربين لخلافة فيريرا في الزمالك    لاقتحام المنافسة.. موعد مباراة مانشستر سيتي أمام برينتفورد والقناة الناقلة    السد العالي، صمام أمان المصريين من الجفاف والفيضانات    وزير التعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان عددًا من المشروعات التعليمية الجديدة    بعد ارتفاع منسوب النيل.. تعلية الجسر الترابى بين قريتى جزى وأبو داود.. فيديو    تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم    إصابة 9 فتيات في حادث تصادم بطريق بني سويف – الفيوم    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات محلية    عروض من إيطاليا والأردن ضمن فعاليات اليوم الرابع ل «القاهرة الدولي للمونودراما»    سامح سليم في مهرجان الإسكندرية: جيل اليوم مستعجل.. وفكرة التصوير السينمائي مهددة بالضياع    الإفتاء تواصل عقد مجالسها بالمساجد لمواجهة ظاهرة التحرش وتصحيح المفاهيم الدينية    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكرم رائد الرسوم المتحركة عباس بن العباس    رئيس الوزراء يُتابع موقف مشروعات تطوير البُنى التحتية وأنظمة التأمين بالمطارات المصرية    وزير الاتصالات يعلن إطلاق نسخة مطورة من منصة إبداع مصر لتمكين الشركات الناشئة    الصحة تعلن قائمة المستشفيات المعتمدة لإجراء الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب    وزير الصحة: إطلاق لجنة وطنية لدعم سلامة المرضى ومنع الأخطاء الطبية    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    صحة الأقصر... بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    «الحصاد الأسبوعي».. نشاط مكثف لوزارة الأوقاف دعويا واجتماعيا    أيقونات نصر أكتوبر    رحيل فيريرا عن الزمالك.. مفاجآت في توقيت الإعلان والبديل بعد التعادل مع غزل المحلة    أسعار الفراخ في أسيوط اليوم الأحد 5102025    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    المطرب اللبناني فضل شاكر يسلم نفسه إلى الجيش    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    عمرو سعد يبدأ مغامرة سينمائية جديدة من ألمانيا بعد نجاح "سيد الناس"    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب أمريكا على ما يسمى بالإرهاب .. (الحرب على إيران .. مرحلة في صدام الحضارات) (2)
نشر في محيط يوم 03 - 01 - 2012

ليس من شك أن أمريكا لن تتوانى عن القيام بأي عمل من شأنه وقف استمرار تفاقم اقتصادها من ناحية، والتصدي لأي عمل يستهدف وجود إسرائيل في المنطقة من ناحية ثانية.

وسبب ذلك أن المحافظين الجدد (وحتى القدامى) الذين ما زال وجودهم متجذراً في مراكز صنع القرار في واشنطن، وكذلك مؤيديهم من أتباع المذهبين (اللاهوتي) و (النفعي) في الولايات المتحدة، ما زالوا ملتزمين بعمل كل ما من شأنه الإضرار بالإسلام والعرب والمسلمين بدعوى محاربة ما أسموه ب "الإرهاب"، وبالحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة والهيمنة على منابع النفط فيها. واتساقاً مع هذه المبادئ، كانت تهديداتهم المتصاعدة لإيران بتوجيه ضربات عسكرية مكثفة لبرنامجها النووي، الذي يخشى الغربيون أن يضيف للعالم الإسلامي قوة يخشى من تناميها.

هنا لا بد لكل من يستظل بالثقافة الإسلامية أن يدرك، أنه مستهدف على خلفية اعتقاد الغرب بأن الحضارة الإسلامية باتت تمثل العدو الأول للحضارة الغربية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط الشيوعية معه. لذلك فإن إثارة الفتنة بين الطوائف الإسلامية وبخاصة بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة وفي هذا الوقت بالذات، يُعد تعظيماً للخطر الذي يهدد الحضارة الإسلامية ومن يستظل بظلها، عرباً كانوا أو عجماً.

أمريكا وإسرائيل والدول الأوروبية، تكشر اليوم عن أنيابها محاولة الانقضاض على إيران لاعتبارات أهمها، أنها جمهورية إسلامية يُخشى من تنامي قوتها العسكرية، وبخاصة اقترابها من حيازة التكنولوجية النووية التي تمكنها من صناعة سلاح نووي. فقد يكون من بين المخططين الاستراتيجيين في الغرب من يرى أن ثمة إشارات تبشر بإمكان شن هذه الحرب في الظروف المضطربة التي تمر بها المنطقة حاليا، وبخاصة أولئك الذين يرون أن الغرب نجح في احتواء الثورات العربية التي تعم المنطقة.

وقد رأينا كيف كانت مواقف أقطاب الغرب تتذبذب وفقاً للأحداث التي تمر بها تلك الثورات ما بين الانتظار تارة، ثم تأييد الجانب المنتصر في الصراع المرير الذي يدور بين الثوار والأنظمة المستهدفة تارة أخرى. ورأينا أيضاً محاولاته المتذبذبة ما بين تأييد الأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية (ما قبل هبوب رياح التغيير الحالية عليها) وبين العودة عن هذا التأييد، محكوماً في ذلك بمصالحه في المنطقة من جهة وحماية إسرائيل من جهة أخرى.

بالنسبة لإيران، فقد ظلت- بعد احتلال العراق- الهدف التالي للغرب بعد اجتياح أفغانستان وبعدها العراق، بدعوى أنها واحدة من دول محور الشر الثلاث التي حددها الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن في بداية ولايته الأولى، وهي "إيران والعراق وكوريا الشمالية".

وبطبيعة الحال، فإن هذا الوصف لا يلقى القبول لدى أولئك الذين يدركون أن المؤسسات البحثية والمستشارين والمنظرين الذين يشاركون في صنع القرار الغربي حيال دول العالمين العربي والإسلامي .. تضع في اعتبارها أن الصدام بين الحضارتين الإسلامية والغربية (بات أمراً حتمياً) بل ومسلماً به، وأن على أمريكا ودول أوروبا أن تعمل جاهدة على وأد ما يمكن اعتباره "الصحوة الإسلامية" التي تستهدف- في نظر الغرب- القضاء على قيم الحضارة الغربية السائدة ومبادئها، وإحلال الحضارة الإسلامية محلها.

ما يثير الدهشة بالنسبة لطهران، أن أمريكا تتخذ من البرنامج النووي الإيراني المبرر الرئيس لشن الحرب عليها، تماما كما فعلت مع العراق. فقد هددت طهران بقصف منشآتها النووية أكثر من مرة ولسنوات عده إذا لم توقف برنامجها النووي، بدعوى أنها تستخدمه في صنع سلاح نووي.

الأمر الخطير في هذا النزاع المفتعل، أن من غير المتوقع أن تقوم أمريكا وحدها بشن الهجوم على إيران، وإنما سيتم بالتنسيق والاشتراك مع إسرائيل، بحكم تطابق مصالحهما في المنطقة وتحالفهما الاستراتيجي فيها، وتماثل المخاوف لدي الأمريكيين والكيان العبري من تنامي القدرات العسكرية لإيران، وتصاعد نفوذها في بلدان الخليج والمنطقة بأكملها، ما سيؤثر- في نظرهما- سلباً على خططهما في الهيمنة على المنطقة ويهدد وجودهما فيها.

لكن الأخطر من ذلك أن أمريكا ودول أوروبا تحاول بكل الوسائل إقناع الأنظمة العربية، بأن الخطر الإيراني لا يقتصر على دول الغرب وإسرائيل وإنما يطال- بصورة مباشرة وفاعلة- الدول العربية وبخاصة الخليجية منها. ويبدو أنها نجحت إلى حد ما في تحقيق هذا الهدف، وإن كان يظل قاصراً عن الوصول إلى حد التسليم بحتمية الاحتراب بين الجانبين العربي والإيراني، وهذا ما نعتقد به ويعتقد به الكثيرون من المراقبين، وذلك لأسباب كثيرة ومعروفة لا مجال لذكرها في هذا المقام.

عداء مستحكم بين إيران الإسلامية وبين الغرب:

المسئولون في طهران لم يخفوا عداءهم الشديد للولايات المتحدة لدرجة أنهم يصفونها بالشيطان الأكبر في هذا الكون، كما أصبح هذا الشعار بمثابة واحد من أخطر الثوابت التي ترتكز عليها سياسة إيران الخارجية نحو واشنطن، وليس مجرد رد فعل على وصف الرئيس الأمريكي السابق بوش للنظام في طهران، بأنه واحد من أنظمة محور الشر التي يجب القضاء عليها.

أما لماذا هذا العداء الأمريكي لإيران ومن قبله العراق فأمر مفهوم، فأقل ما يقال فيه أنه يستهدف إضعاف هذين البلدين النفطيين اللذين يملكان من المؤهلات (إذا ما أُحسن استخدامها)، ما يجعل منهما قوة إقليمية تهدد الهيمنة الأمريكية على نفط الخليج الذي يمثل نحو 60% من احتياط النفط العالمي.

أما وقد تحقق لأمريكا احتلال العراق وتدمير كل مقوماته كدولة إسلامية وإقليمية قوية تستطيع مواجهة النفوذ الأجنبي وأطماعه في المنطقة، فمن الطبيعي أن تتجه أنظارها- بعد ذلك- نحو إيران لتلقي بها في ذات المصير الذي ألقت به العراق ومن قبله أفغانستان، (هذا في إطار الجانب النفعي لدواعي العداء الأمريكي لطهران).

(أما من الناحية العقائدية)، فتعتبر إيران في نظر الغرب دولة إسلامية يُخشى جانبها، لاعتقاده بأن ما تنطوي عليه الحضارة الإسلامية من مبادئ وقيم ومفاهيم، تمثل في مجموعها خطراً محققاً على قريناتها في الحضارة الغربية المعاصرة، الأمر الذي يهدد استمرار وجود الأخيرة ويعرض قيمها ومبادءها للزوال.

التصعيد الأخير ضد إيران الذي نشهده اليوم، لم يكن الأول من نوعه، ولن يكون الأخير أيضاً. فقد شهدت العلاقات بين إيران وأمريكا بالذات صعوداً وهبوطاً خلال العقود الثلاثة الماضية كان العامل الحاكم فيهما، مصالح الغرب المادية (نفعية) المتمثلة في ضمان تدفق النفط إليه بصورة مأمونة ومستمرة، إلى جانب الأسباب (اللاهوتية).

وما دام الأمر كذلك، فمن المنطقي- من وجهة النظر الغربية- أن تتصدى أمريكا والدول الأوروبية لما تسميه بالخطر الإيراني على مصالحها في المنطقة أولاً، وعلى أمن دول الخليج العربي الذي يحتضن في أرضه أكبر مخزون نفطي في العالم ثانيا، إضافة لأمن إسرائيل ثالثاً.

لكن لم تكن المواجهة العسكرية في عرف صناع القرار في واشنطن، الخيار الأمثل للقضاء على خطر النظام الإسلامي الحاكم في طهران، الأمر الذي يفسر هذا التصعيد المتصل في فرض العقوبات الغربية على طهران، مقرونه بالتهديد المباشر وغير المباشر، بتوجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية من قبل إسرائيل وأمريكا.

وحيال هذه المواقف الغربية، كان لزاما على الإيرانيين أن يكونوا في حالة استنفار دائم كي لا يؤخذوا على حين غرة، الأمر الذي يدفعهم بين الفينة والأخرى لإجراء مناورات وتدريبات هدفها إرسال إشارات للغرب، بأن لديهم من القوة ما يلحق أفدح الضرر في مصالحه في المنطقة، ونعني به تعطيل تدفق النفط للدول المستهلكة بإقفال مضيق هرمز الذي يمر به نحو 40% من احتاجات الدول الغربية المستهلكة للنفط. ولذلك يرى الغرب أن اتخاذ قرار بشن حرب على إيران ليس سهلاً، بسبب ما قد ينجم عنه من إضرارٍ فادحة في إمدادات النفط من دول الخليج العربية.

ومع ذلك، فإن من الخطأ استبعاد خيار الحرب على إيران من أجندة المحافظين الجدد والقدامى في الغرب برغم تأزم الوضع الاقتصادي فيه، لأن ما يهمهم في النهاية هو خدمة الدعاوى (اللاهوتية) التي تناصب الحضارة الإسلامية العداء، وترى ضرورة القضاء على قيمها ومبادئها حفاظاً على الحضارة الغربية من ناحية، واستجابة للمعتقدات اللاهوتية التي ينادي بها المسيحيون المتصهينون وتؤيدها المنظمات الصهيونية العالمية وإسرائيل من ناحية أخرى، هذا بالإضافة إلى الجانب النفعي بالطبع.

إسرائيل .. الورقة الثمينة في يد طهران:

دأبت إسرائيل منذ نشأتها على جعل الولايات المتحدة العمق الاستراتيجي لها، وبخاصة بعد أن استطاعت الرساميل اليهودية الضخمة في أمريكا السيطرة على نحو ثلثي الشركات الأمريكية الكبرى، إضافة لهيمنتها على وسائل الإعلام الأمريكية. زد على ذلك النفوذ الذي تتمتع به مجموعات الضغط اليهودية على المجتمع المدني وعلى أعضاء الكونجرس الأمريكي بمجلسيه النواب والشيوخ، والذي غالباً ما يتدخل بفاعلية في صنع القرار الأمريكي، وبخاصة ما يتعلق منه بالمنطقة العربية.

فمن غير الطبيعي أن تقف إسرائيل ويهود العالم والمنظمات الصهيونية، موقف المتفرج من الصراع القائم (إعلامياً حتى الآن) بين أمريكا وإيران، والمرشح أن يتطور في أية لحظة لصدام مسلح- إذا ما تجاوز الإيرانيون الخطوط الحمراء- باعتبار أن واشنطن تمثل العمق الاستراتيجي لإسرائيل كما أسلفنا.

أضف إلى ذلك أن إسرائيل أصبحت ورقة ثمينة بيد إيران للضغط بها على أمريكا، إذا ما قررت شن هجوم عليها. فالحكم الحالي في طهران ليس كما كان الحال أيام العهد الشاهنشاهي، حيث كانت إسرائيل تحظى بصداقة النظام القائم في طهران آنذاك. فجميع الحكومات التي توالت في عهد جمهورية إيران الإسلامية، أعلنت صراحة عداءها لوجود الكيان العبري على أرض فلسطين المسلمة وفي قلب المنطقة، (بغض النظر عما يقال في مدى صدقية موقف إيران المعلن من إسرائيل).

فقد بلغت هذه المعارضة أوجها في عهد حكومة محمود أحمدي نجاد، الذي أطلق تصريحات وشعارات في غاية العداء للكيان العبري ووجوده. فقد صرح أكثر من مرة، وحتى في اجتماعات الجمعية العامة للهيئة الأممية، بأن وجود إسرائيل في المنطقة كان خطأً وإنه لا بد من زوالها.

كما طالب الغرب بعامة وألمانيا بخاصة، بتخصيص جزء من أراضيها الشاسعة، ليقيم عليها اليهود كياناً قومياً لهم بدلاً من أرض فلسطين العربية، ولأن ألمانيا بالذات هي المسئولة عما أصاب اليهود من أضرار أثناء الحرب العالمية الثانية على يد النازي، وإن عليها أن تتحمل مسئولياتها نحو تصحيح الوضع الذي تسببت في وجود هذا الكيان الغريب على أرض فلسطين العربية.

ولم تكن هذه التصريحات هي الوحيدة التي تعبر عن رفض النظام الإيراني لوجود الكيان العبري في المنطقة. فقد هدد نجَّاد أمريكا بأن أية حرب تُشَنُّ على إيران، سواء من قِبَلِها أو من إسرائيل، سوف تُقابل بقصف العمق الإسرائيلي بآلاف الصواريخ، إضافة لتدمير السفن الحربية الأمريكية التي تجوب مياه الخليج، واستهداف الجنود الأمريكيين المرابطين في 32 قاعدة في منطقة الخليج ومياهه وفي العراق وأفغانستان، هذا فضلاً عن إغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة، وما ينجم عن ذلك من وقف لتصدير النفط الخليجي بما فيه نفط إيران للدول المستهلكة.

وحيال هذا الوضع الخطير الذي أفصحت عنه إيران صراحة، إذا ما تعرضت لأي هجوم تشنه أمريكا أو إسرائيل أو كلاهما بدعوى القضاء على البرنامج النووي الإيراني .. أخذ العسكريون في إسرائيل يتخذون إجراءات وقائية وأخرى هجومية، استعدادا لاحتمال قيام نزاع مسلح مع إيران، وبخاصة أن الظروف التي تحيط بالمنطقة حالياً، تعتبر- من وجهة نظر الإسرائيليين- مواتية لإمكان قيام مثل هذا النزاع وفي أية لحظة.

الأخطر من ذلك، أن حزب الله لن يُستبعد من المشاركة في أي حرب تنشب بين أمريكا وإسرائيل من جهة وبين إيران من جهة أخرى. والسبب أن إسرائيل التي تعتبر حزب الله بالذات العدو الأكثر تهديداً وخطراً عليها، والذي أكدت أكثر من مرة عزمها القضاء عليه مهما كلفها الأمر، لن تستطيع أن تجعل من أية حرب متوقعة ضد طهران طريقاً للخلاص من خطر حزب الله، دون أن يكون هذا الحزب هدفاً مباشرا آخر لتلك الحرب.

في ضوء هذه التيارات السياسية المتلاطمة، بدأت تسيطر على أجواء المنطقة ومستقبلها عوامل حاكمة هي غاية في التعقيد، وبصورة لم يعد بمقدور المحلل السياسي أن يقطع برأي حول إمكان قيام الحرب المتوقعة من عدمه، وتحديد من سيشارك أو يتورط فيها إذا ما اندلعت، ومن سيبدأها، وإلى أين تنتهي.

غير أن هذه الصورة للوضع الراهن في المنطقة، لن يغير من حقيقة الهدف الغائي لعداء الغرب وإسرائيل لإيران، ولكل التيارات الإسلامية التي بدأت تبرز في المنطقة العربية عقب ثورات الربيع العربي .. وهو استهداف الحضارة الإسلامية التي يعتبرها الغرب، الخطر الحقيقي الذي بات يهدد الحضارة الغربية المعاصرة.

.../ يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.