نداء من التحرير لسكان مصر المحروسة ؛ الكارهين منهم للمتظاهرين الغاضبين و الذين يتهمونهم بحرق الوطن، نرجوكم أن تدعوا الثورة تأخذ مجراها لتطهر الحياة المختنقة بالفساد المقنن ، نرجوكم إذا كنتم حقا تريدون عودة الحياة والاستقرار والإنتاج. "الشعب يريد" محاكمة قتلة الثوار وكل من أفسد حياة المصريين في العقود الماضية والقصاص منهم بغير تباطؤ ولا تردد مريب، ويريد الشعب حكومة وطنية تحقق العدالة الإجتماعية بصدق ولا ينتمى وزراؤها لعقلية أو أفعال النظام القديم، ويريدون الحياة الكريمة للمواطن المطحون والمقهور بفقره ومرضه وجهله، والحرية في التعبير بلا انتهاك داخل أقسام الشرطة والمعتقلات، وأن يصبح صاحب السلطة موظفا عند هذا الشعب لا مهيمنا على رقابه .
ولا نلوم أي متظاهر في التحرير إذا صرخ وقال أن الثورة في خطر ، فالمتظاهرون يفرون اليوم من عناصر ترتدي زي الجيش لمجرد أنهم يعبرون عن رأيهم برفض سياسات الحاكم، والمجلس العسكري يحيل التهم لطرف ثالث مخرب ، وهو ما يعيد للأذهان مشهد ما قبل الثورة .
وفي نداء سكان التحرير من المتظاهرين لأهالي مصر يخبرونهم بأنهم حين ينتقدون أداء المجلس العسكري فإنهم يقصدون سياسات قياداته وليس الإنتقاص من شرف الجيش حامي تراب الوطن بدمائه ، وليس إنكارا لدوره في مؤازرة الثورة في أيامها ، حتى لو تعالت أصوات تنكر الحياد السلبي الذي جرى في "موقعة الجمل" وغيرها.
وهم يقولون أنهم فقط أرادوا للجيش الوفاء بعهده والعودة لثكناته ، وقد أنهكم حكم العسكر بالحديد والنار ، وأرادوا للجيش أن يحمي حدود مصر ضد الأعداء وما أكثرهم ، وألا يدفع بالجيش لمنزلق تتشوه فيه صورته بالتصدي الميداني للمتظاهرين بعنف شديد أفضى لسقوط شهداء ، في كسر لعقيدة الجيش التي لا تقتل غير عدو الوطن .
أراد المتظاهرون أن يذكروا المصريين بأن الخضوع للظلم كان آفتهم وآفة جيرانهم من العرب، وأحد أسباب شيوع الفقر والمرض وانتهاك حقوق الإنسان والفساد ، والتي يظنها المستضعفون قدرنا المستحق من السماء !
لذا فالحل في مجلس يعبر عن الثورة حقا ويحظى بالإجماع والإنتخاب من الثوار وليس التعيين من المجلس العسكري كما حدث في اختيار اعضاء ما يعرف بالمجلس الاستشاري ، وأن يخطط للمرحلة المقبلة ومراحل تسليم السلطة بأقرب وقت ووضع الدستور وشكل الحكومة المؤقتة وأن يؤازر الشعب المجلس الثوري في مطالبه حتى تتحقق .
نحن لا نريد لعقلية مبارك أن تحكمنا من جديد، والتي كانت تتخذ دائما مقعد المتفرج على الجرائم بحق المصريين ثم تعد بنبرة هادئة بالتحقيق ، ويظل الفاعل طليقا بعدها بلا عقاب . ولابد ألا نعمم تهمة تلقي التمويل الأجنبي على النشطاء السياسيين بغير دليل ومحاكمة .
وبالتأكيد يعلم المصريون بفطرتهم أن بعض المطالب التي يرفعها ميدان التحرير هي دعوة للفوضى وإسقاط هيبة الدولة وتعد جزء من الثورة المضادة مثل الدعوة لتسليم فوري للسلطة بدون انتخابات أو المحاكمات الشعبية بديلا عن القضاء المصري أو الاعتداء على رموز الفساد في عصر مبارك بغير محاكمات.
أخيرا وقبل المليونية التي تستعد لها قوى الثورة بميدان التحرير في ذكرى 25 يناير ، كلمة للقضاء الذي يحظى بهيبة في نفوسنا ، أليس غريبا ألا يصدر حكم بمعاقبة أي من قتلة الثوار حتى الآن رغم الأدلة القوية ضدهم ، اللهم إلا الحكم الغيابي الشهير على أمين الشرطة "الغلبان" ، وأن تبريء المحكمة ساحة كل المتهمين بقتل ثوار السيدة زينب والسويس وغيرهما؟ وكيف نأمن من وعيد أهالي الشهداء بالثأر لهم ؟