قال الدكتور "أيمن سلامة" أستاذ القانون الدولي بالجامعات المصرية والعربية، في تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية –محيط-، إن التناول الإعلامي غير الدقيق لجريمة الإبادة الجماعية يصف أي جريمة من جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية بأنها جريمة إبادة جماعية وهذا غير الصحيح. مثل القتل الجماعي، الإبادة الجماعية لابد من توفر القصد الخاص.فقد يكون عدد الضحايا في إحدى الجرائم مليوناً من الضحايا، ولا يكون إبادة جماعية لعدم ثبوت القصد، وقد يكون ضحايا الجريمة بضعة آلاف وتكون إبادة جماعية بسبب ثبوت قصد الإبادة.
وقد اجمع فقهاء القانون الدولي على وصف جريمة الإبادة الجماعية بأنها جريمة الجرائم الجماعية، وذلك نتيجة لاستهداف الطرف المدان فيها فئة معينة لكونها تضم أفرادا ينتمون لدين أو لعرق أو لعنصر أو لقومية محددة، ومن ثم فأفراد الجماعات لا يستهدفوا بالإبادة لكونهم أفرادا ولكن لانتمائهم لجماعة محددة، وتتمثل هذه الجريمة في إنكار حق الحياة لجماعة معينة.
تركيا وفرنسا: المصالح الإستراتيجية الفرنسية لدى تركيا كبيرة، وتتمثل في مبادلات تجارية، تستفيد منها فرنسا بمليارات الدولارات.
ولكن "ساركوزي" شخصيا هو اكبر رئيس متشدد في دول الاتحاد الأوروبي متحفظ على قبول تركيا في الاتحاد، يضع اعتراف تركيا الرسمي بما جرى عام 1915 أثناء الحرب العالمية الأولى باعتباره إبادة جماعية ضد الأرمن، والتي قضى على إثرها ما يناهز 1.5 مليون ارمني عاقبته، أمام انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
وردا على ذلك، يتهم "رجب طيب أردوغان" –فرنسا- بأنها ارتكبت ذات الجريمة، جريمة الإبادة الجماعية، تجاه الجزائريين أثناء الاحتلال، ويقصد اردوغان - وفقا لأيمن سلامة - ما جرى في الجزائر يوم 8 مايو 1945 في المدن الجزائرية الثلاث "سطيف, قالمة, وخراطة"، ويصفها بالإبادة الجماعية والتي وقع على إثرها 45 ألف جزائري ضحية، أبادتهم سلطات البطش والاحتلال الفرنسية جماعياً في يومين اثنين.
وقد كان هناك - يضيف سلامة - مشروع قانون كاد أن يعرض على الجمعية الوطنية الفرنسية منذ سنوات، ولكن في النهاية تراجعت الجمعية الفرنسية بضغوط الدولة الفرنسية وترضية لتركيا، لم يسفر ذلك القانون.
والجدير بالذكر آن هناك قوانين فرنسية تجرم من ينكر الهولوكوست سجن على أثرها الفكر الفرنسي الجزائري "روجيه جاروي"، أما عن الأرمن فالجالية الأرمينية في فرنسا هي ثاني اكبر جالية أرمينية خارج أرمينيا، ويبلغ تعدادهم حوالي 400 ألف، ويعملون على سن قانون مماثل لقانون تجريم إنكار الهلوكوست، كما نجحت في ذلك الجالية اليهودية في فرنسا ، التي هي تأني اكبر جالية يهودية في غرب أوروبا بعد فنلندا.
فالجالية الأرمينية تضغط وفي النهاية - يقول د أيمن - السياسة ستهزم القانون.
عن مفهوم جريمة الإبادة الجماعية: الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قانون لمنع الجريمة الجماعية، وهي: القصد الخاص في إبادة جزء أو كل من جماعة معينة، وهذه الجماعة حددتها الاتفاقية بأنه إما : عرقية ، دينية ، عنصرية، قومية ومن ثم ليس العبرة في عدد الضحايا، لكن بالقصد، ويسترسل متسائلا ما الهيئة التي تختص بتحديد الجريمة؟ ويجيب "لا الإعلاميين، ولا الفقهاء ، ولا الدول، إنما القاضي الموضوع المختص".
ومن المفترض أن الدول عليها واجب دولي في محاكمة المسئولين عن ارتكاب مثل هذه الجريمة، طالما أن الجريمة وقعت في إقليم دولة ما، ولكن وإذا ثبت أن الدولة التي يزعم ارتكاب الجريمة فوق إقليمها، ثبت إنها غير راغبة أو قادرة على مقاضاة أو محاكمة المسئولين ارتكاب هذه الجريمة فعلى المجتمع الدولي عمل ذلك.
وفي الحالية التركية الأرمينية فإن تركيا كانت تعتبر الأرمن خونة وعملاء لبريطانيا وروسيا في الحرب العالمية الأولى، وتزعم أنهم لقوا حتفهم أثناء النزاعات المسلحة داخل الدولة العثمانية وأثناء ترحيلهم قسرا وجبرا إلى أقاليم دير الزور وحلب شمال سوريا.
الجدير بالذكر -سلامة- انه إذا كانت اتفاقية الأممالمتحدة عن جريمة الإبادة الجماعية نصت في مادتها الأولى أنها يمكن أن ترتكب في وقت السلم أو وقت الحرب؛ فانه من الصعوبة بمكان إثبات ارتكاب الجريمة أثناء النزاع المسلح ، كما الحالية التركية الأرمينية في الحرب العالمية الأولى.