محافظ شمال سيناء يستقبل وفدا من حزب الجبهة الوطنية    موعد أطول إجازة رسمية في 2025 وقائمة العطلات المتبقية    حظر تشغيلهم قبل ال 15.. كيف حدد القانون ضوابط عمل الأطفال؟    تفاصيل أعمال المرافق والطرق بالتجمع الثاني بالقاهرة الجديدة    بتوجيهات رئاسية.. استراتيجية تعليمية متطورة وجيل قادر على مواجهة التحديات    باستخدام 40 قنبلة خارقة للتحصينات، مزاعم عبرية حول عملية السرداب لاغتيال أبو عبيدة ومحمد السنوار    مسؤول سابق بالبنتاجون: الناتو يحتاج لتعزيز الدفاع وزيادة الإنفاق    اتحاد الكرة يخاطب الأندية بشأن تراخيص العمل للاعبين والمدربين الأجانب    مباشر نهائي كأس إيطاليا - ميلان (0)-(0) بولونيا.. فرص مهدرة    حماس وتركيز في مران منتخب مصر للشباب قبل مواجهة المغرب (صور)    نجل الفنان محمد رمضان أمام المحكمة غدا بتهمة التعدي على طفل بالجيزة    أحكام رادعة في اتهام 28 شخصًا بتصوير شابين بملابس نساء    خالد يوسف يعود للسينما بثلاثة أفلام    مصطفى كامل يطرح أحدث أغانيه «قولولي مبروك»|فيديو    أمين الفتوى: صلاة المرأة في المنزل خلف إمام المسجد في المنزل غير صحيحة شرعًا    أهمها النوم جيدا.. نصائح طبية ليلة الامتحان لزيادة تركيز الطلاب بمختلف المراحل التعليمية    الإنقاذ النهري يكثف جهوده للعثور على جثمان غريق بالأقصر    استمرار حبس محمد غنيم.. وموكله: ننتظر تحديد جلسة محاكمته    وفد مصري يستعرض خطة تنظيم بطولة العالم للجامعات للسباحة بالزعانف أمام الاتحاد الدولي في لوزان    التشكيل الرسمي لمواجهة ميلان ضد بولونيا فى نهائى كأس إيطاليا    رامى عاشور: ترامب يسوق لنفسه كرجل سلام وأنه مازال مؤثرا بالمعادلة السياسية    "البترول": "مودرن جاس" تنتهي من تنفيذ مشروع متكامل للغاز الطبيعي بالإمارات    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    خدعة في زجاجة مياه.. حكاية شاب أنهى حياة خالته بقطرة سامة بالجيزة    نصائح لاستخدام المراوح والتكييفات بشكل آمن على الأطفال    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بمركز أخميم فى سوهاج    مسئول أممي: منع وصول المساعدات إلى غزة «يُفضي إلى الموت»    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    الصين تتراجع عن قيود فرضتها مسبقًا على الولايات المتحدة الأمريكية    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    جامعة الجلالة تنظّم أول نموذج محاكاة لجامعة الدول العربية    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    تأجيل محاكمة قهوجي متهم بقتل شخص إلى جلسة 13 يوليو    "الوثائقية" تعرض غدا فيلم "درويش.. شاعر القضية"    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    الوزير "محمد صلاح": شركة الإنتاج الحربي للمشروعات تساهم في تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي تخدم المواطن    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    السبت ببيت السناري.. انطلاق أمسية شعرية في افتتاح فعاليات ملتقى «القاهرة .. أصوات متناغمة»    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    أدعية يستحب ترديدها وقت وقوع الزلازل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب يحتفي بمجموعة قصصية لمعارض كوري شمالي
نشر في محيط يوم 19 - 04 - 2017

بالتزامن مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية يحتفي الغرب عبر صحافته ومنابره الثقافية بمجموعة قصصية قصيرة بعنوان "الاتهام" لمؤلف كوري شمالي كتبها باسم مستعار فيما تعبر هذه المجموعة القصصية التي جرى تهريبها للخارج عن توجهات مناهضة للنظام الحاكم في بيونج يانج.
وبقدر ما يثير اهتمام الصحافة الثقافية الغربية بمجموعة قصص قصيرة لمؤلف كوري شمالي مجهول تساؤلات حول ما إذا كان هذا الاهتمام جزءا من الحملة على النظام الحاكم في بيونج يانج بقدر ما تثير المجموعة القصصية فضولا لأنها أول عمل أدبي يكتبه شخص داخل كوريا الشمالية ويناهض بوضوح هذا النظام.
ومع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية ها هي الصحافة الثقافية الأمريكية والغربية على وجه العموم تنشر ما تصفه بقصص مهربة لمنشق عن النظام الحاكم في بيونج يانج دون أن تغفل الإشارة إلى أن هذا المنشق مازال يعيش داخل كوريا الشمالية الأمر الذي ينطوي على مخاطر جسيمة يمكن أن يتعرض لها هو وعائلته حال اكتشاف هويته .
وإذ صدرت هذه المجموعة القصصية القصيرة بعنوان :"الاتهام" باسم مستعار للمؤلف الكوري الشمالي وهو :"باندي" يضفي نقاد في صحف غربية كبرى كنيويورك تايمز والجارديان صفات مثل الشجاعة والإقدام على هذا المؤلف المجهول.
وعلى حد قول ميجان والش فان هذه المجموعة القصصية القصيرة المعنونة "بالاتهام" تشكل "عملا أدبيا غير مسبوق وشجاعا" فيما كان مخطوط المجموعة قد جرى تهريبه من كوريا الشمالية عبر أحد أقارب المؤلف الذي مازال يعيش في الداخل الكوري الشمالي.
وفي معرض التناول النقدي والتعليق على هذه المجموعة القصصية القصيرة تحرص الصحافة الثقافية الغربية على وصف كوريا الشمالية بصفات مخيفة مثل "مملكة الخوف التي يعيش شعبها داخل سجن كبير منذ تقسيم شبه الجزيرة الكورية في عام 1945" مع التأكيد على أن الأدب المكتوب والمنشور داخل هذه الدولة - إن صح وصفه بالأدب- وظيفته الوحيدة تمجيد الحاكم والترويج لأيديولوجية النظام الشمولي الحاكم في بيونج يانج.
وقامت ديبورا سميث وهي مترجمة بريطانية متخصصة في ترجمة الأدب الكوري للانجليزية بترجمة مجموعة القصص القصيرة "الاتهام" لمؤلفها المجهول فيما وصفت الترجمة في صحف غربية بأنها "حاذقة ومعبرة عن قدرات ثقافية رفيعة المستوى للمترجمة" التي حصلت من قبل على جائزة مان بوكر الدولية.
وفي هذه المجموعة من القصص القصيرة يلتقي القاريء بالخوف بمعانيه وألوانه المتعددة كما ترسمها صور قلمية للمؤلف الكوري الشمالي المجهول والذي يرى أن كل شخص وكل شيء "متهم" في بلاده بينما يسيطر الخوف على الجميع سواء كان مسؤولا كبيرا في الحزب الحاكم أو طفلا صغيرا.
فالكل خائف من ارتكاب شيء غير مسموح به أو جريمة غير مرئية والاتهام كامن دوما في جوهر الأشياء وألوان الحياة اليومية بكوريا الشمالية كما يراها المؤلف صاحب الاسم المستعار"باندي" معتبرا أن "الخوف يزعزع كل مواطنيه" والهلاك مصير من يرتكب أفعالا قد تبدو عادية في أماكن أخرى من العالم.
والصور المخيفة تتوالى في مجموعة "الاتهام" مثل مصير آباء وأمهات من قد يشعر أطفالهم بنوع من الخوف أو الذعر الظاهر على ملامحهم عند رؤية ملصقات وصور للزعيم الكوري الشمالي كيم جونج اون أو والده أو جده فضلا عن ذلك الفتى الذي ضبط متلبسا بجرم الإمساك بيد فتاة وقطف زهرة لها أثناء الحداد الذي امتد طويلا عقب رحيل الزعيم كيم إيل سونج.
ويتبارى النقاد في الصحافة الثقافية الغربية في كيل المديح لهذا المؤلف الكوري الشمالي المجهول وهو يمضي في رسم صور الخوف ببلاده والكتابة عن العقوبات الشنيعة التي حلت بأشخاص ارتكبوا أفعالا مثل إلحاق أضرار دون قصد بشتلات أرز كانت مخصصة لمزارع جماعية أو ذلك الشاب الذي توجه دون إذن أو تصريح لزيارة أمه التي تحتضر على فراش الموت.
ويبدو صوت المؤلف "باندي" متسائلا في مجموعته القصصية القصيرة عن حقيقة الجرم الذي ارتكبه شخص مثل ذلك الذي عجز عن كبح جماح رغبته في وداع أمه قبيل رحيلها، فيما يوميء عبر قصصه القصيرة إلى أن مثل تلك التساؤلات محظورة تماما في كوريا الشمالية ولا يمكن أن يجهر بها أي شخص، وإلا فإن عقوبات قد لا تخطر بباله ستكون في انتظاره.
وتدور قصص مجموعة "الاتهام" بين عامي 1989 و1995 لتشمل السنوات الأخيرة من حكم الزعيم الكوري الشمالي الراحل كيم ايل سونج الذي مازال يجري الاحتفال في بلاده بيوم مولده باعتباره "يوم الشمس" بينما يوصف المؤلف المجهول لهذه المجموعة القصصية القصيرة بأنه "الممثل الوحيد لهؤلاء الذين كتبت عليهم الحياة في جب عميق من الظلمات".
وكاتب مجموعة القصص القصيرة "الاتهام" لا يفتقر للقدرة على رصد تفاصيل وجزئيات تشكل معا صورة مرعبة كبيرة لما يمكن وصفه "بدراما البؤس في ارض الخوف" بينما يبدو للعين الناقدة متأثرا بقصص وروايات لأدباء وكتاب كبار مثل الروسيين مكسيم جوركي والكسندر سولجنيتسين والصيني يان ليانك.
وفي قصة "على خشبة المسرح" التي تتضمنها هذه المجموعة القصصية القصيرة تمتزج الكوكيديا بالتراجيديا ويتحدث المؤلف المجهول عن ممثل مسرحي شاب يتعرض للاستجواب جراء إقدامه على ارتجال مشهدين قصيرين بينما والد هذا الممثل وكان المسؤول عن "تقييم مدى إخلاص المواطنين في مشاعر الحزن أثناء الحداد على رحيل الزعيم العظيم" قد طاله العقاب بدوره جراء فعلة ابنه.
أما في قصة "هرج ومرج" فيتناول المؤلف سبل التعرف على الحقيقة المحجوبة عبر سيدة عجوز تصنع لنفسها عالما من الحكايات الخرافية حول الوحوش أو "عرين السحرة الأشرار حيث الآلام والأحزان والضحكات المشوهة".
والقصص التي يرويها منشقون نجحوا في الفرار من كوريا الشمالية للخارج-والتي تحتفي بها الصحافة الغربية- تكشف عن انتهاكات مروعة حقا لحقوق الإنسان ولا نظير لها في العالم المعاصر.
وبغض النظر عن الحفاوة الظاهرة بهذا العمل الأدبي في الصحافة الثقافية الغربية في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة وبين كوريا الشمالية بما قد يدفع الناقد النزيه لنوع من الحذر خشية الوقوع في غواية الحروب الثقافية فإنه من الصعوبة بمكان في ظل النظام الشمولي الحاكم بكوريا الشمالية التعرف على ملامح أدب يقع خارج نطاق الدعاية الأيديولوجية الفجة لهذا النظام.
وفى أجواء الإرهاب الفكرى للأنظمة الشمولية -لا يكون من حق أحد أن يعترض أو ينتقد، غير أن مثقفين أحرارا يرفضون الصمت مثلما فعل واحد ممن تأثر بهم هذا المؤلف الكوري الشمالي المجهول وهو الأديب النوبلي الروسي الراحل الكسندر سولجنتسين الذى كشف عن مأساة ملايين البشر فى معسكرات العمل الإجبارى بالاتحاد السوفيتى السابق فى روايته الخالدة "ارخبيل الكولاج".
وبعيدا عن "اللغة المجنونة" في التهديدات المتبادلة بين بيونج يانج وواشنطن ومفردات الحروب الثقافية يبقى الأدب الحقيقي منحازا للحرية وللإنسان في كل مكان وزمان..تبقى الكلمة ويبقى الإبداع نصيرا لكل المعذبين في الأرض وصوتا لمن لا صوت له !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.